x

«أوراق روسية».. ذكريات مصرية عن بلد «الدفء والجليد»

السبت 08-06-2013 18:01 | كتب: ماهر حسن |
تصوير : other

«أوراق روسية» هو الإصدار الأحدث للدكتور أحمد الخميسى، الصادر عن السلسلة الثقافية المعنونة«كتاب اليوم» السلسلة الثقافية. الكتاب يصف رحلة المؤلف إلى الاتحاد السوفيتي، عام 1972، وقالت ثناء أبوالحمد، رئيس تحرير السلسلة، فى تقديمها لهذا الكتاب إنه «يصحح مفاهيم خاطئة عن الإنسان الروسي، الذى نظنه متجهما، وقاسي المشاعر، كما يقدم صورة حقيقية عن المجتمع الروسى وبداية علاقته بالشرق والغرب، كما يقدم لأول مرة أسماء مصرية عربية ساهمت فى تشكيل علاقة وطيدة بين الجانبين، ومن الجوانب المهمة فى هذا الكتاب (تلك الذكريات التى أوردها الخميسي مع بعض القامات الأدبية الروسية)، فضلا على وصفه الأحوال السياسية والاجتماعية لمجتمع لا نعرف عنه الكثير سوى مواقف الحكومات وأسماء من بعض مشاهير الكتاب الروس الذين صاغوا وجدان القارئ العربى، من أمثال أنطون تشيكوف».

كان «الخميسي»، وفق ما ذكره فى كتابه هذا، سافر إلى روسيا في أغسطس 1972، وكانت أول مرة يسافر فيها إلى الخارج، وقد سافر محملا بذكرياته عن قراءاته الأولى للأدب الروسى، حيث «أنتوشكا» لـ«ديستوفسكى» وملكة البوستوني لـ«بوشكين» وطفولتى لـ«مكسيم جوركي»، وانطبعت روسيا فى خياله قبل أن تطأها قدمه، وفق ما قرأ، وحين وطئتها قدمه وجدها مثل ياقوتة ملونة متوهجة بالوجع والانتفاض والندم والشخصيات، وقال إن الشخصيات الروسية أيديولوجية ذات مشروع لتغيير العالم والصدام معه وضده ومن أجله.

وقال «الخميسي» إنه قبل زيارته روسيا لم يكن يعلم أن العرب منذ أكثر من ألف عام قد شقوا طريقهم إلى هناك فى أول رحلة قام بها أحمد بن فضلان، مبعوث الخليفة العباسي المقتدر بالله، عام 9221 ميلادية، وفى 1845 وفى سياق مشروع النهضة لمحمد على باشا سافر إلى هناك الطالبان إيليا داشوري، وعلى محمد، لدراسة استخلاص الذهب.

وأضاف إنه من خلال معايشاته وقراءاته أيضا رأى الروس أصحاب نكتة، وهى نكتة لاذعة ومفكرة وأن الأدب الروسي حافل بروح السخرية، بدءا من مؤلف المعطف «جوجول» من خلال عمله المفتش العام التى حولت لأكثر من عمل مسرحى مصرى، وقال إن الروسى مستعد للموت من أجل من يحب، وقد تجلى هذا فى كثير من نصوص الأدب الروسى، ومنها قصة حب بوشكين لنتاليا، التى أودت بحياته، وأيضا فى قصيدة النساء الروسيات للشاعر نيقولاى نكراسوف، وفى 2008 أقيم نصب تذكارى فى سيبيريا تخليدا لذكرى النساء الوفيات.

ومن الأشياء اللافتة، التى واجهت «الخميسي»، بعد مرور ثلاث سنوات من إقامته فى روسيا، أن استوقفه أفيش سينمائى على واجهة إحدى دور العرض السينمائى، وكان الأفيش لفيلم بين الأطلال، فشعر بالزهو والحنين إلى مصر، وأن الروس بكوا أثناء العرض، مما كشف عن روح الدفء لدى الروس وكشف عن رومانسية مخبوءة لديهم.

وهناك صورة بين صور الكتاب، تضيف تفصيلة لسائر التفاصيل، ويظهر فيها «الخميسي» جالسا قبالة لاعب الشطرنج الروسى وبطل العالم أناتولى كاربوف الذى قبل أن يهزمه الخميسى فى الصورة فقط طبعا كما قدم الخميسى ترجمة لقطعة أدبية حديثة، بمعيار ذلك الوقت، لأديب روسى هو ميخائيل زادورنوف، يسخر فيها من جهل الجنود الأمريكيين الذين ساقتهم الإدارة الأمريكية لاحتلال العراق وكان النص الأدبى تحت عنوان «عالم مجنون مجنون» الذى صدر فى موسكو فى 2005 وجاء النص فى شكل رسائل يبعث بها أحد الجنود الأمريكيين لزوجته.

وقال إن الاحتكاك بالآخر يزيدنا معرفة بأنفسنا وموقعنا من الحضارات الأخرى، وأشار إلى أن ابن فضلان الذى هبط روسيا فى 922 ميلادية له كتاب «رسالة ابن فضلان» الذى كان أول مصدر عربى لمعرفة روسيا.

وذكر «الخميسي» أن انتشار الثقافة العربية والإسلامية فى روسيا يعود للقرن السابع، فلم يكن مستغربا أن يترجم القرآن إلى الروسية فى 1716 حتى إننا نجد أصداء وتأثيرات لهذه الثقافة الإسلامة فى أحد كتابات أمير شعراء الروس «بوشكين» فى قصيدته المطولة «قبسات من القرآن» و«ليال مصرية» وفى مطلع القرن 18 فى عهد بطرس الأكبر، فتحت روسيا الطرق البحرية فى 1721 مما طور علاقة الروس بالشعوب الأخرى، وفى 1784 تم تعيين كوندراتى فونوس طونوس كأول قنصل روسى فى الإسكندرية، فى عهد على بك الكبير، وفى عهد محمد على باشا.

وفى 1840 قرر الشيخ عياد الطنطاوي، السفر إلى روسيا لتدريس اللغة العربية، فأوصاه محمد على باشا بأن يتعلم الروسية أيضا، وكان الرجل قبل ذلك معلما للعربية لأفراد الجاليات الأجنبية فى مصر، وهناك الكثير من كتابات المستشرقين الروس حول الطنطاوى ورحلته ودوره، وقد ترك الطنطاوى كتابين هما:«وصف بلاد روسيا » و«تحفة الأذكياء بأخبار بلاد روسيا»، إلى أن انتعشت العلاقات بين مصر وروسيا، عام  1869، بعد تشغيل قناة السويس وميلاد أول خط ملاحى مباشر بين أوديسا والإسكندرية.

وتوطدت تماما فى 1934 حين وقفت مصر فى صف الحلفاء بمواجهة ألمانيا النازية، وفى بداية القرن العشرين، كان الروائى تولستوى يتبادل الرسائل مع الإمام محمد عبده ضاربين مثلا فى التسامح والحوار الفعال مع الآخر، ويمضى الخميسى راصدا التفاصيل والتواريخ تطور هذه العلاقة وصولا لأوائل الستينيات. وبالكتاب الذى ينتمى لأدب الرحلات بامتياز حكايات أخرى ممتعة تستحق القراءة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية