x

حيثيات حكم عدم دستورية «انتخابات الشورى»: «المجلس» مستمر في التشريع بقوة الدستور

الأحد 02-06-2013 12:21 | كتب: فاروق الدسوقي |
تصوير : تحسين بكر

قالت المحكمة الدستورية العليا، في حيثيات حكمها الصادر بعدم دستورية انتخابات مجلس الشورى، إن الدستور الحالي ليس له أثر رجعي فتعين إعمال أحكام الدستور السابق الذي أصدر النص المطعون عليه في ظل العمل بأحكامه طالما أن هذا النص قد عمل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه أو استبدل به نص آخر خلال مدة سريان ذلك الدستور، ولما كان الدستور الجديد قد تبنى في المادة (231) منه لنظام انتخابي يتعارض مع ما انتهجه المشرع في القانون رقم ( 120 لسنة 1980)، وتعديلاته في شـأن مجلس الشورى، إذ نص على أن «تكون الانتخابات التشريعية التالية لتاريخ العمل بالدستور بواقع ثلثي المقاعد لنظام القائمة، والثلث للنظام الفردي، ويحق للأحزاب والمستقلين الترشيح في كل منهما، بما مؤداه إلغاء القانون المذكور اعتباراً من تاريخ العمل بالدستور الجديد في 25/12/2012، ومن ثم تكون الوثيقة الدستورية الحاكمة لهذا القانون هي الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس سنة 2011، المعدل بالإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 25/9/2011.

قضت المحكمة الدستورية العليا، الأحد، برئاسة المستشار ماهر البحيري، رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين أنور العاصي، وعبدالوهاب عبدالرازق، ومحمد الشناوي، وماهر سامي، ومحمد خيري، وسعيد مرعي، نواب رئيس المحكمة، وحضور المستشار الدكتور حمدان فهمي، أولاً: بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (2) من القانون رقم (120 لسنة 1980 لسنة 2011). 

ثانياً: عدم دستورية ما تضمنه نص الفقرة الأولى من المادة (8) من القانون ذاته، المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 109 لسنة 2011، من إطلاق الحق فى التقدم بطلب الترشيح لعضوية مجلس الشورى في الدوائر المخصصة للانتخابات بالنظام الفردي للمنتمين للأحزاب السياسية إلى جانب المستقلين غير المنتمين لتلك الأحزاب.

ثالثاً: عدم دستورية المادة (24) من القانون ذاته، المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم (109 لسنة 2011)، فيما نصت عليه من أن يسري على مجلس الشورى أحكام المادة التاسعة مكرراً (أ) من القانون رقم (308 لسنة 1972) في شأن مجلس الشعب.

رابعاً: تحديد موعد انعقاد مجلس النواب الجديد، تاريخاً لإعمال أثر هذا الحكم وفقاً لنص المادة (230) من الدستور.

وكانت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا قد أحالت الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المادتين (2) فقرة أولى، و(8) فقرة أولى من القانون رقم (120لسنة 1980) في شأن مجلس الشورى وتعديلاته.

ومهدت المحكمة لأسباب حكمها بأن المادة (2) من القانون رقم (120 لسنة 1980)، في شأن مجلس الشورى بعد استبدالها بالمرسوم بقانون رقم (120 لسنة 2011)، نصت في فقرتها الأولى على أن «يكون انتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشورى المنتخبين بنظام القوائم الحزبية المغلقة، والثلث الآخر بنظام الانتخاب الفردي، ويجب أن يكون عدد الأعضاء الممثلين لكل محافظة عن طريق القوائم الحزبية المغلقة مساوياً لثلثي عدد المقاعد المخصصة للمحافظة، وأن يكون عدد الأعضاء الممثلين لها عن طريق الانتخاب الفردي مساوياً لثلث عدد المقاعد المخصصة لها».

واستعرضت المحكمة حكم المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم (120 لسنة 2011) بتعديل بعض أحكام القانون رقم (38 لسنة 1972) في شأن مجلس الشعب، والقانون رقم (120 لسنة 1980) في شأن مجلس الشورى التي كانت تنص على أن «يشترط فيمن يتقدم بطلب الترشيح لعضوية مجلس الشعب أو مجلس الشورى بنظام الانتخاب الفردي ألا يكون منتميا لأي حزب سياسي، ويشترط لاستمرار عضويته أن يظل غير منتم لأي حزب سياسي، فإذا فقد هذه الصفة، أسقطت عنه العضوية بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس»، وقد تم إلغاء هذا النص بموجب المرسوم بقانون رقم (123 لسنة 2011)، إذ نصت مادته الأولى على أن «تلغى المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 120 لسنة 2011 المشار إليه»، ونصت مادته الثانية على أن «ينشر هذا المرسوم بقانون في الجريدة الرسمية وتكون له قوة القانون، ويعمل به اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشره».

وأوضحت المحكمة فى حكمها أنه من المقرر أن حمايتها للدستور إنما تنصرف إلى الدستور القائم، وإذ لم يكن هذا الدستور له أثر رجعي فإنه يتعين إعمال أحكام الدستور السابق الذي صدر النص المطعون عليه في ظل العمل بأحكامه طالما أن هذا النص قد عمل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه، أو استبدل به نص آخر خلال مدة سريان ذلك الدستور، ولما كان الدستور الجديد قد تبنى في المادة (231) منه لنظام انتخابي يتعارض مع ما انتهجه المشرع في القانون رقم (120 لسنة 1980) وتعديلاته في شـأن مجلس الشورى، إذ نص على أن «تكون الانتخابات التشريعية التالية لتاريخ العمل بالدستور بواقع ثلثي المقاعد لنظام القائمة، والثلث للنظام الفردي، ويحق للأحزاب والمستقلين الترشيح في كل منهما «بما مؤداه إلغاء القانون المذكور اعتباراً من تاريخ العمل بالدستور الجديد في 25/12/2012، ومن ثم تكون الوثيقة الدستورية الحاكمة لهذا القانون هي الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس سنة 2011، المعدل بالإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 25/9/2011».

وأضافت المحكمة مؤسسة قضاءها على أن المادة (38) من الإعلان الدستوري الصادر في الثلاثين من مارس سنة 2011 المعدل بالإعلان الدستوري الصادر في الخامس والعشرين من سبتمبر سنة 2011، التي أجريت الانتخابات في ظل العمل بأحكامه، تنص على أن «ينظم القانون حق الترشيح لمجلسي الشعب والشورى وفقاً لنظام انتخابي، يجمع بين القوائم الحزبية المغلقة والفردي بنسبة الثلثين للأولى والثلث الباقي للثاني»، وإذ كان مؤدى عبارات هذا النص في ضوء مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص، وقواعد العدالة أن حصر التقدم للترشيح لعضوية مجلس الشورى فيما يتعلق بنسبة الثلثين المخصصة للانتخاب بنظام القوائم الحزبية المغلقة في المنتمين للأحزاب السياسية فإنه يقابله قصر الحق في التقدم للترشيح لنسبة الثلث الباقي المحدد للانتخاب بالنظام الفردي على المستقلين غير المنتمين للأحزاب السياسية.

وتابعت: إلا أن النصوص المطعون عليها قد سلك فيها المشرع نهجاً مصادماً لما قصدت إليه المادة (37) من الإعلان بالنسبة لاضطلاع مجلس الشورى بدوره الفاعل في أدائه لوظيفته الدستورية المقررة، إذ قصر المشرع التقدم للترشيح لنسبة الثلثين المخصصة للانتخاب بنظام القوائم الحزبية المغلقة على المنتمين للأحزاب السياسية، يؤكد ذلك ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة (8) من القانون رقم (120 لسنة 1980) المشار إليه المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم (109 لسنة 2011)، من أن تتولى الهيئة المختصة في الحزب أو الأحزاب ذات الصلة إجراءات ترشيحهم بطلب يقدم على النموذج الذي تعده اللجنة العليا للانتخابات، على حين لم يجعل التقدم لنسبة الثلث الآخر المخصص الانتخاب بالنظام الفردي مقصوراً على المرشحين المستقلين غير المنتمين للأحزاب السياسية، بل تركه مجالاً مباحاً للمنافسة بينهم وبين غيرهم من أعضاء هذه الأحزاب، على غير ما قصده المشرع الدستوري، وبذلك يكون قد أتاح لكل من مرشحي الأحزاب السياسية إحدى فرصتين للفوز بعضوية مجلس الشورى، إحداهما بوسيلة الترشيح بالقوائم الحزبية المغلقة، والثانية عن طريق الترشيح بالنظام الفردي، بينما جاءت الفرصة الوحيدة المتاحة أمام المرشحين المستقلين غير المنتمين لتلك الأحزاب مقصورة على نسبة الثلث المخصصة للانتخاب الفردي، يتنافس معهم ويزاحمهم فيها المرشحون من أعضاء الأحزاب التي ينتمون إليها، من خلال تسخير الإمكانيات المتاحة لديهم لدعمهم، وهو ما لا يتوافر للمرشح المستقل غير المنتمي لأي حزب، الأمر الذى يقع بالمخالفة لنص المادة (38) من الإعلان الدستوري، ويتضمن مساساً بالحق في الترشيح في محتواه وعناصره ومضمونه، وتمييزاً بين فئتين من المواطنين يخالف مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص.

وانتهى الحكم في أسبابه إلى أن نصوص الفقرة الأولى من المادة (2) بكاملها، والفقرة الأولى من المادة (8)، والمادة (24) من القانون رقم (120 لسنة 1980) في شأن مجلس الشورى معدلاً بالمرسومين بقانونين رقمي (109، 120 لسنة 2011)، محدداً نطاقها على النحو المتقدم ذكره تخالف أحكام الدستور، والإعلان الدستوري المارّ ذكره ، مما يتعين معه القضاء بعدم دستوريتها.

واستدركت المحكمة في قضائها بأن المادة (5) من الدستور القائم تنص على أن «السيادة للشعب يمارسها ويحميها، ويصون وحدته الوطنية، وهو مصدر السلطات، وذلك على النحو المبين في الدستور، كما نصت المادة (225) منه على أن «يعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة مجلس الشعب عليه في الاستفتاء، وذلك بأغلبية عدد الأصوات الصحيحة للمشاركين في الاستفتاء، وإذ كانت السيادة الشعبية، وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، التي تنعقد للمواطنين في مجموعهم باعتبارهم وعاء هذه السيادة ومصدرها، يمارسونها ويصونون من خلالها وحدتهم الوطنية، عن طريق إقرارهم قواعد الدستور التي تسمو على كل السلطات بالدولة، فإنه يتعين الأخذ بأحكام الدستور بعد العمل به، إعمالاً لنتيجة الاستفتاء الذي أجري على مواده، ولا يجوز للمحكمة الدستورية العليا مراجعتها أو إخضاعها لرقابتها، باعتبار أن الدستور مظهر الإرادة الشعبية ونتاجها في تجمعاتها المختلفة المترامية على امتداد النظام الإقليمي، وسواء كان الدستور قد بلغ الآمال المعقودة عليه في مجال العلاقة بين الدولة ومواطنيها، أم كان قد أغفل بعض جوانبها أو تجنبها، فإن الدستور يظل دائماً فوق كل هامة، معتلياً القمة من مدارج التنظيم القانوني.

وأكدت المحكمة الدستورية في حكمها أن القضاء بعدم دستورية النصوص المطعون فيها يستتبع بطلان المجلس الذي انتخب على أساسها منذ تكوينه، إلا أنه يوقف أثر هذا البطلان صدور الدستور الجديد في ديسمبر سنة 2012، والذي نص في المادة (230) من على أن « يتولى مجلس الشورى القائم بتشكيله الحالي سلطة التشريع كاملة من تاريخ العمل بالدستور حتى انعقاد مجلس النواب الجديد، وتنتقل إلى مجلس النواب فور انتخابه السلطة التشريعية كاملة لحين انتخاب مجلس الشورى الجديد، على أن يتم ذلك خلال سنة من تاريخ انعقاد مجلس النواب»، بما مفاده أن مجلس الشورى الحالي مستمر في ممارسته لسلطة التشريع على النحو المنصوص عليه في المادة (230) سالفة الذكر حتى انعقاد مجلس النواب الجديد، واعتباراً من تاريخ تحقق هذا الأمر، انعقاد مجلس النواب الجديد، يتعين ترتيب الأثر المترتب على القضاء بعدم دستورية النصوص القانونية المطعون فيها، ولا يحتاج في هذا الشأن ما تضمنته الإعلانات الدستورية الصادرة من رئيس الجمهورية، بعد أن تم إلغاؤها بموجب صدر المادة (236) من الدستور، ولا بما نص عليه في عجز هذه المادة من أن يبقى نافذاً ما ترتب على هذه الإعلانات من آثار في الفقرة السابعة، حيث لم يثبت أن أثراً قد ترتب على تلك الإعلانات في هذا الشأن، بما لازمه الالتفات عما أثاره المدعي في خصوص هذه الإعلانات، وما أبدى من دفوع بشأنها. 

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية