x

«الثقافة والثورة».. (عرض كتاب)

السبت 01-06-2013 23:05 | كتب: ماهر حسن |
تصوير : اخبار

يفتتح الدكتور عزالدين نجيب كتابه «الثقافة والثورة» الصادر حديثاً عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بطرح سؤال مهم ومركب وهو هل الثقافة ضرورة للشعب؟ أم ترف يستطيع أن يعيش بدونه لو تحققت لأبنائه العدالة الاجتماعية والحرية السياسية، اللتين جعلتهما ثورة 25 يناير على رأس أهدافها؟

وقال إنه لا يمكن الاختيار بين هذين الهدفين وبين الثقافة، ذلك أن كلاً منها يكمل الآخر حيث إن افتقاد العدالة والحرية السياسية مرتبط بدرجة الوعي المقاوم للظلم والاستبداد وبقوة إرادة التعبير، وامتلاك هذا الوعي لا يتم إلا بالثقافة، كما أن التعبير لا يتم إلا بطلائع مثقفة حيث إن الوعي هو ابن الثقافة والواقع هو أبو هذا الوعي، والواقع يحتوى على ثقافة تحتية كشكل المجتمع ووجدانه وقد تكون هذه الثقافة رافداً لوعي ثورى.

 وعرض «نجيب» عدة محاور معنية بمعطيات الثورة ودوافعها، والعناصر المتعلقة بالوعى العام والمعرفية المحرضة على التغيير.

وأكد «نجيب» أن أهمية الثقافة لا تقتصر على بناء الوعي السياسي والحقوقي للمواطن، فقد تشاركها في تلك المهمة هيئات سياسية أو منظمات حقوقية أو صحافة وإعلام مستقل، وإنما هناك ما لا يمكن لغير الثقافة القيام به، وهو بناء الإنسان ذاته، بإشباع وجدانه عبر الارتقاء بحواسه العليا لتذوق الفنون والآداب وثمار الخبرة الإنسانية، واستكشاف مواهبه الخلاقة كمبدع للفن أو الأدب أو الفكر.

ويشير الكاتب إلى أن الثقافة التي يعنيها هي ثقافة وطنية تهدف إلى بناء وعي الإنسان ووجدانه، وتضرب بجذورها في تربة الهوية المصرية من ناحية، وتنفتح على العالم الخارجي بكل روافده العصرية.

والكتاب يعد في مجمله قراءة لملامح عكست مخاض الثورة وبعضاً من يومياتها وبعضاً من حصادها المرير، وكذلك إعادة لفرز أجندة الثقافة المصرية وإعادة فرز ثوابتها ومراجعة حصادها ومراجعة دور المثقف بين الطابع الريادى والقيادى وصولاً لتراجع هذا الدور كما تضمن الكتاب فرزاً وتقييماً لأداء المؤسسات الثقافية قبل وبعد وأثناء الثورة.

كما قدم «نجيب» مسحاً مهماً للخريطة التاريخية للثقافة المصرية عبر 3 عهود هي عهود عبدالناصر والسادات ومبارك، ورأي أن عهد عبدالناصر يمثل العصر الذهبي للثقافة وبخاصة في وزارة ثروت عكاشة كجزء أصيل وقناة رئيسية للخطاب الناصري، حتى إن وزارة الثقافة كانت تحمل اسم «وزارة الإرشاد القومي» التي أسسها المناضل فتحي رضوان، وأن عبدالناصر وضع الصبة الخرسانية لبنيان ثقافي هائل، كما اعتمد ثروت عكاشة على كوادر خبيرة وأخرى شابة في إدارة العمل الثقافي.

ونفي مقولة أن المثقفين شهدوا اضطهاداً أو قمعاً في عصر عبدالناصر، أما عهد السادات فقد زاد فيه الحذر من المثقفين خاصة ممن لم يثبت ولاؤهم أو من قاموا بمهاجمة النظام وبخاصة بعد سفر السادات لتل أبيب، أما في عصر مبارك فقد تم الإجهاز على ما بقى من عهد عبدالناصر ومابقى من إنجازات العهد الناصرى، كما جرى تجريف العقول وسط ضجيج المهرجانات.

 وطالب «نجيب» بإسقاط الخطاب الثقافي القديم وإحلال خطاب جديد يليق بالمتغيرات وبالأخص بما استجد بعد ثورة 25 يناير، أي إسقاط ثقافة الخضوع والخوف والتعايش مع السلطة وثقافة التواكل واللامبالاة والسلبية وثقافة التعصب بثقافة أخرى مغايرة وناقدة للسلطة ومحرضة على التغيير تمثل الضمير الجمعى العام، ثقافة المبادرة وثقافة مقاومة الفساد والاستبداد.

ثم تحدث الكتاب عن صناعة الثقافة والتسويق الثقافي حيث التسويق هو أحد العناصر الرئيسية في تقرير مصير المنتج الثقافي أو أى منتج آخر لأن تسويقه يضمن استمرار تدفق الإنتاج والعكس بالعكس، وهنا لابد من التعامل مع الثقافة ليست باعتبارها مجرد منتج بل كنسق حياة يتضمن منظومة قيم تعيش عليها الجماعة وتشكل رؤيتها وموقفها من الواقع ومتغيرات الحياة، فالثقافة نتاج لخبرة الشعوب وإنعكاس لهويتها وخصوصيتها، فهى التي تصنع الوجدان القومى وتخلق مواطناً مبدعاً في كافة المجالات.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية