جمعتنى المصادفة منذ أيام، فى إحدى المناسبات العامة، بالدكتور رشيد الحمد، سفير دولة الكويت فى القاهرة. وبعد تبادل التحية وأطراف الحديث، سألت الضيف الكريم عما إذا كان هناك من جديد فى موضوع المبعدين المصريين من الكويت.
ولمن قد يكون نسى هذا الموضوع، أذكّره بأن حكومة الكويت كانت قد ألقت القبض على عدد من المصريين العاملين فى الكويت، وقامت بترحيلهم إلى مصر فور الإعلان عن عزمهم إنشاء فرع للجمعية الوطنية للتغيير فى مارس من العام الماضى، فى سياق الزخم الذى شهدته حالة الحراك السياسى فى مصر حينئذ، وامتدت إلى أوساط المصريين المقيمين بالخارج.
ولأننى كنت أشغل فى ذلك الوقت منصب المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير، فقد كان من الطبيعى أن أبذل كل جهد مستطاع للدفاع عن حقوقهم. وطلبت، فى سياق هذا الجهد، لقاءً مع السفير الكويتى بالقاهرة للاحتجاج على ترحيلهم وللمطالبة بعودتهم واستعادة حقوقهم، فاستجاب الرجل على الفور، وبعد استعراض ملابسات الموضوع، وعد بالقيام بكل ما فى وسعه لمعالجة هذا الموضوع بهدوء، غير أن شيئا لم يتغير فى الواقع. وإحساساً منى بالمسؤولية الأدبية عما وقع لهؤلاء المواطنين الشرفاء، لم أكتف بلقاء السفير الكويتى وقمت بالاتصال بأطراف عديدة، منها أطراف كويتية، ومحامون مصريون مقيمون فى الكويت، وكتبت حول هذا الموضوع ما لا يقل عن خمس مرات.
تبين من لقائى الأخير مع السفير الكويتى، الذى شهد الدكتور محمد أبوالغار جانبا منه، ومن ردوده على استفساراتى حول هذا الموضوع، ما يلى: 1- أن عددا من المبعدين قاموا بتصعيد القضية ورفعوها أمام هيئات دولية، مما تسبب فى إثارة ردود فعل سلبية لدى بعض الأوساط الكويتية. 2- لم تخطر السفارة الكويتية فى القاهرة بأى مطالبات تفصيلية عن مستحقات مالية للمبعدين المصريين، وهى على استعداد للنظر فى هذه المطالبات والاستجابة إليها بعد التحقق من صحتها فور وصولها. 3- لم تقم وزارة الخارجية المصرية حتى الآن بإخطار الحكومة الكويتية رسميا برغبتها فى عودة المبعدين، ولم تتقدم بأى طلبات لتعويضهم عن الأضرار التى لحقت بهم.
لست فى حاجة إلى التذكير بأن ضررا كبيرا لحق بمواطنين مصريين شرفاء، لا لشىء إلا لأنهم قاموا بواجبهم فى المطالبة بتغيير نظام الفساد والاستبداد فى مصر. ولست فى حاجة إلى إعادة ما سبق أن ذكرته مرارا وتكرارا فى مقالات سابقة بأن هيئات مسؤولة فى النظام المنهار، على رأسها وزارة الخارجية المصرية، مارست ضغوطا كبيرة على الحكومة الكويتية لتحريضها على اتخاذ إجراءات رادعة ضد كل من يدعو أو يشارك فى تأسيس فرع للجمعية الوطنية للتغيير فى الخارج. لذا تتحمل وزارة الخارجية المصرية جانبا من المسؤولية عما لحق بهؤلاء المواطنين المصريين من أضرار، وعليها بذل كل ما تستطيع من جهد لتصحيح الأخطاء، بل الجرائم، التى ارتكبها النظام السابق فى حق مصريين شرفاء.
أدرك أن وزير الخارجية الحالى، السفير والصديق محمد كامل عمرو، يبذل جهدا كبيرا لتصحيح صورة وزارة الخارجية فى أعين المصريين المغتربين وصياغة علاقة جديدة ومثمرة معهم. ولكى تثبت الوزارة أنها جادة بالفعل فى هذا التوجه، ولا تكتفى بالكلام المعسول أو بالشعارات الرنانة الخاوية من كل مضمون، عليها أن تقدم لنا دليلا مؤكدا على صدق هذا التوجه.
لذا أتوجه له بنداء عاجل، بل برجاء خاص، لكى يطلب رسميا من السلطات الكويتية إعادة النظر فى قرارها بإبعاد هؤلاء، والتأكيد على أن الخارجية المصرية لا تمانع فى عودتهم، بل ترغب فى ذلك صراحة. وأظن أنه آن الأوان لكى تصبح وزارة الخارجية هى خط الدفاع الأول عن كرامة وحقوق المصريين بالخارج.