x

طارق حسن للخلف دُر طارق حسن الخميس 29-12-2011 08:00


لايزال المجلس العسكرى، الحاكم بأمر الله فى شؤون مصر المنحوسة، مرتدياً عباءة الماضى، رافضاً الانصياع لحيز الواقع والتسليم بمتغيرات الحياة، مصراً على عدم مشاهدة مسلسل «لن أعيش فى جلباب أبى»، متمادياً بالعيش فى جلباب الأب بل والجد أحياناً. فها هو، وبعد أن بح صوتنا ومللنا الأذان فى قبرص - بلاش مالطة - لكيلا يغضب السلفيون، ويظنوا أننا نؤذن «ملط أو عرايا»! من أجل تشكيل، مجلس رئاسى مدنى، فإذا به يخرج علينا بتشكيل شىء غريب اسمه المجلس الاستشارى، ويأتى هذا المجلس - الخنفشارى - بعد أن فوض المجلس العسكرى جميع سلطاته لرئيس الوزراء الجديد باستثناء، الدفاع والقضاء، أو هكذا أعلنوا!

الغريب أنهم، بعد هذا التفويض، أعلنوا عن المجلس الاستشارى الذى لايزال ينقب فى آثار الماضى ولا يفكر على الإطلاق فى النظر إلى الأمام أو استشراف المستقبل بصورة تجعل التاريخ هو المادة الوحيدة المقررة علينا، بل المكررة أيضاً فى ترادف لا يخلو من مضمون. ونحن لا ننكر التاريخ، فمن ذا الذى ينكر دور أحمس فى طرد الهكسوس أو دور مينا فى توحيد القطرين ولكن أين المستقبل يا جنرالاتنا الأفاضل؟!

أين باقى المواد: الكيمياء والفيزياء والرياضيات، فليس من المعقول ألا ندرس سوى التاريخ ولا نقرأ سوى التاريخ، والمدهش فى الموضوع أننى بحثت واجتهدت فى أن أجد وظائف لهذا المجلس الاستشارى أو أعمالاً محددة، يقوم بها أو حتى قضايا مصيرية يبحثها، فلم يسعنى سوى اللجوء إلى أحد مشايخ عائلتى وهو خال والدتى وفى أواخر الثمانينيات من عمره، شأنه شأن أغلب أولى الأمر حالياً، علّى أجد عنده ضالتى. وفاجأنى الرجل بكلماته غير المرتبة

وشروده المتقطع وسرحانه شبه الدائم، بـ«إن لهذا المجللخلف دُرلس مهاماً جسيمة وقضايا شائكة، منها مثلاً التحقيق فى قضية صفر المونديال، التى كان أبطالها د. على الدين هلال، وزير الرياضة آنذاك، والكابتن هشام عزمى، ابن عم د. زكريا عزمى، المحبوس فى طرة، وهى قضية خطيرة تحتاج شهوراً طويلة لكشف أسرارها، وأيضاً لديه قضية سرقة الجدى الزرايبى من أمام مخزن الأنابيب - والكلام لايزال على لسان الشيخ الذى شغلته أطاطا جدة محمد سعد فى فيلم عوكل!!»، ولأنه أطلق لحيته فى سنواته الأخيرة، فقد تمنى أن يناقش المجلس تغيير أسماء شواطئ الإسكندرية لتكون كلها مثل سيدى بشر، فتصبح سيدى ميامى وسيدى العصافرة وسيدى جليم، وهى قضية قد تأخذ من المجلس شهوراً مضنية من العمل حتى يتم الانتهاء منها.

وتركت الرجل مستمتعاً بشمس سطوح منزله علَّنى أفلت بالبقية الباقية من عقلى وأنا أبحث عن دور لهذا المجلس الموقر - طبعاً - فقلت أترك شخص الرئيس وأبحث فى اسمى الوكيلين علّنى أستكشف شيئاً، فازداد تعجبى حين تمعنت فى أسماء الوكيلين فأحدهما ناصرى وأيضاً نقيب للمحامين، والآخر إخوانى سابق وسطى حالياً، أى أن مجرد النظر إلى أسماء الوكيليين يجعلك تستشعر بأن الأمر لا يعدو سوى مجرد لعبة توازنات وإرضاء تيارات ومناصب شرفية تتناثر يميناً ويساراً، علّها تفلح فى سريان الحقن المسكنة فى شريان الشعب المصرى الذى ينزف ويئن ويتماسك فى جَلَد وهو على حافة الانهيار الاقتصادى، الذى يدفعنا إليه دفعاً جنرالاتنا الأفاضل فى خطوة منتظمة للخلف دُر.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية