x

اخبار صلاح عبد المقصود يكتب تعقيباً على مقال علاء عبدالمنعم حول دور الإخوان فى الثورة اخبار الأحد 04-12-2011 08:00


فى حمى الدعاية الانتخابية والمنافسة السياسية المشتعلة فى مصر الآن، يقدم بعض السياسيين على النيل من خصومهم بشتى الطرق ومختلف الأساليب، وربما زادت الحملة هذه الأيام على التيار الإسلامى عموماً، والإخوان المسلمين على وجه الخصوص.

التيارات السياسية ودورها فى الثورة مادة مهمة فى الدعاية الانتخابية الآن، فكل يدعى وصلاً بالثورة، ويزعم لنفسه أدواراً وبطولات، ولا يكتفى البعض بذلك، بل يسعى إلى تضخيم دوره والتقليل من أدوار الآخرين، ونسى - أو تناسى - أن الشعب المصرى بذكائه يعرف من ضحى لهذا الوطن، ومن يتاجر بدماء الشهداء والجرحى!

فى شهادته عن حجم ودور الإخوان المسلمين فى الثورة، والتى سجلها النائب السابق علاء عبدالمنعم فى مقاله المنشور بجريدة «المصرى اليوم» فى 13 نوفمبر قال: «يوم الأحد 23 يناير 2011، اجتمعنا بمكتبى، مجموعة من النواب السابقين والناشطين السياسيين لبحث التحرك يوم 25 يناير - يوم الثورة - وممن حضروا الاجتماع النواب السابقون حمدين صباحى وسعد عبود ود. محمد البلتاجى وأبوالعز الحريرى وجورج إسحاق ود. عبدالحليم قنديل، وكان المكان الذى اخترناه لوقفتنا مع أعضاء البرلمان الشعبى - خليهم يتسلوا - هو أمام دار القضاء العالى فى مواجهة سينما ريفولى».

ويضيف: «استعرض كل منا إمكانياته لحشد الجماهير لهذه الوقفة، وجاء الدور على الدكتور محمد البلتاجى، ممثلاً عن جماعة الإخوان المسلمين، فقرر أن الإخوان لن يحشدوا أكثر مما سنحشد، وفهمنا أن هذا قرار الإخوان، وقال إذا ما حشدتم 500 فسنحشد مثلهم، وإن أكثر أو أقل فسيكون حشدنا مساوياً لما يمكن لكم أن تحشدوه، وكان جميع المجتمعين يعلقون آمالاً على إمكانيات الإخوان فى الحشد لتظهر المظاهرة بمظهر لائق، ولكن كان قرار الإخوان - وهذا حقهم - أنهم لا يمكن أن يدفعوا الفاتورة وحدهم، أو حتى الجزء الأكبر منها، وإنما ستكون الأمور مناصفة».

ويستمر الأستاذ علاء عبدالمنعم فى شهادته فيقول: «ثم كانت موقعة الجمل صباح 2 فبراير للانقضاض على الثورة، والحق أن وقوف شباب الإخوان وقياداتهم، خاصة الدكتور محمد البلتاجى، كان له دور كبير فى التصدى لهذه الهجمة الهمجية، بيد أنهم لم يكونوا أبداً وحدهم، وإنما شاركهم آلاف من الشباب المصرى الثائر، الذين لا ينتمون للإخوان أو لأى تيار سياسى».

واختتم الأستاذ «عبدالمنعم» شهادته بقوله: «إذن كان الإخوان المسلمون مشاركين فى الثورة بالتأكيد، وبنفس التأكيد لم يكونوا مفجريها أو قادتها»، انتهى الاقتباس.

وباعتبارى أحد المشاركين البسطاء فى هذه الثورة أسجل جزءاً من شهادتى لله أولاً، ثم للتاريخ، والأمر متروك بالطبع للمؤرخين لا لأصحاب المصالح الذاتية أو مدعى البطولات الزائفة.

وفيما يلى بعض النقاط السريعة فى هذا الصدد:

إن شهادة النائب السابق المحترم، علاء عبدالمنعم، وإن أراد بها التهوين، فإنها تحسب للإخوان لا عليهم، فقد ذكر أن الإخوان جلسوا مع غيرهم من القوى والأحزاب السياسية قبل الثورة بيومين لوضع اللمسات الأخيرة لشكل وحجم المشاركة، وأنهم قرروا حشد عدد مساو للعدد الذى ستحشده هذه الأحزاب والقوى مجتمعة.

إن اكتفاء الإخوان بحشد عدد مساو لذلك العدد الذى ستحشده القوى السياسية مجتمعة كان قراراً حكيماً، فلو زاد الإخوان من أعدادهم بصورة مبالغ فيها لتغوّل النظام فى قمع هذه التظاهرات.

أذكّر بأن مظاهرات الإصلاح السياسى فى 2005، والتى قادها الإخوان، وخرجت فى كل محافظات مصر، تعامل معها النظام بقسوة شديدة، واعتقل من الإخوان فى يوم واحد أكثر من أربعة آلاف.

وكذا مظاهرات الاحتجاج على موقف النظام المتواطئ مع الحرب على غزة عام 2009 قام النظام باعتقال أكثر من سبعة آلاف من الإخوان.

السيد عبدالمنعم تحدث عن دور البرلمان الشعبى - والإخوان جزء من مكوناته - فى الثورة، لكنه لم يتحدث مثلا عن حجم ودور الإخوان فى قطاع النقابات أو قطاع الطلاب وهيئات التدريس بالجامعات، أو دورهم فى المحافظات، وهو بكل تأكيد كان قويا وفاعلاً.

إن رغبة الإخوان فى تحمل نصف فاتورة المغامرة شىء يحسب لهم لا عليهم، فقد أظهروا استعدادهم لتحمل نصف التضحيات فى مقابل تحمل باقى الأحزاب والقوى السياسية مجتمعة النصف الآخر!!

إن أيا من أفراد وكوادر القوى السياسية- التى لها كل الاحترام والتقدير- لم يتعرضوا لما تعرض له أعضاء الإخوان المسلمين من اعتقالات طالت أكثر من ستة وثلاثين ألفا خلال حكم مبارك، ومحاكمات ظالمة، ومصادرة للأموال، وإغلاق للشركات والمشروعات الخاصة.

المرشد العام للإخوان أصدر بيانا فى يوم 22 يناير- أى قبل الثورة- استنكر فيه استدعاء الأجهزة الأمنية قيادات الإخوان ومسؤوليهم فى كل المحافظات، وتهديدهم إن هم شاركوا فى المظاهرات المقرر لها يوم 25 يناير. ومع ذلك اختتم البيان بالتأكيد على المشاركة، وأن الإخوان لن يكونوا إلا وسط الشعب.

وسعيا من النظام للحد من تأثير الإخوان فقد أقدم جهاز الأمن مساء الخميس 27 يناير على اعتقال 34 من قياداتهم، من بينهم 6 من أعضاء مكتب الإرشاد، و10 من مسؤولى المحافظات، ورغم ذلك لم يؤثر هذا الإجراء على مشاركة الإخوان القوية يوم 28 الذى سمى «جمعة الغضب».

إن مشاركة الإخوان فى الثورة- منذ الساعات الأولى لها- تثبت تلك الوقفات والتظاهرات التى انطلقت فى شوارع وميادين مصر، وتثبتها دماء أبنائهم الذين أصيبوا أثناء اعتداء قوات الأمن على ميدان التحرير مساء 25 يناير، ودماء شهدائهم التى أريقت فى 28 يناير أمثال الشهيدين مصطفى الصاوى وكريم بنونة، ومصابيهم أمثال الدكتور مصعب الشاعر - شفاه الله.

لم يزعم الإخوان أنهم وحدهم الذين فجروا الثورة، ولم يدعوا أنهم قادوها. وإنما كانوا ومازالوا يقولون إنهم كانوا جزءا من هذه الثورة التى صنعها الشعب المصرى بكل فئاته وأجياله.

لم ينكر أى منصف دور الإخوان فى إدارة ميدان التحرير وغيره من ميادين الثورة، سواء فى التنظيم أو التأمين أو الإعاشة أو علاج المصابين أو غيرها من الأعمال التى تطلبتها الثورة وأسهمت فى نجاحها.

عجبى على من يوزعون صكوك الثورية، وكأنهم صناع الثورة، وحراس أبوابها، ولو كانوا كذلك لكان الأجدر بهم أن يمسكوا دفاتر ليقوم الثوار بالتوقيع فيها حضوراً وانصرافاً حتى نعلم من شارك ومتى وكيف شارك.

وختاماً دعونا نستعد روح ميادين الثورة، فالكل شارك وكان له دوره، ولنكن معا يداً واحدة للحفاظ على الثورة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية