أصعب طعنة تلك التى تأتيك من أقرب الناس إليك، وممن منحْتَهم الأمان، وربما الحب، وضحيتَ من أجلهم بما لا تطيق. واأسفاه حين يكون «الإخوة أعداء»، ويتحولون إلى أناس أشد ضررًا من العدو ذاته، فالعدو تعرفه وتعلم كل ما قد ينوى أن يفعله معك، بينما للأسف الشديد الأخ العدو يدخل بيتك، فيؤذيك ويجرحك وقد يطعنك وأنت لا تعلم من أين أتاك ذلك الأذى. الأخ العدو والعدو إذًا هم واحد فى نهاية المطاف. من بداية الزمان فعلها ابن آدم، فقتل قابيل أخاه حقدًا وغيرة. ويوسف عليه السلام ألقوه إخوته فى الجُبّ لحب أبيهم الشديد له. وقصص فى عصرنا الحديث لإخوة يتآمرون ويقتلون إخوتهم ويتركونهم ما بين جثث دُفنت وأشخاص ماتوا وهم على قيد الحياة.
الأصعب من الموت الحقيقى أن تموت وأنت على قيد الحياة، وأن ترى قاتلك أخاك، فتنزف عيونك دمًا، أم واحدة وأب واحد ورحم واحد وبيت واحد، ولكنه استطاع أن ينسى كل هذا. ليست غريبة، فالله خلق الخير والشر، الطيب والخبيث، الناقم والحامد، المُحِبّ والكاره. ليذهب إلى الجنة مَن يستحقها. وتأَمَّلْ جيدًا تلك الحياة، وتعَوَّدْ أن تأخذ منها ما يجعلك سعيدًا لحظات، فأنت تستحقها. تجاهَلْ مَن يحاول هدم سعادتك، تعَلَّم أن تعيش الحياة بحلوها ومرها، وتمَنَّ الخير للجميع لتكون ممن يستحقون الجنة. هل شعرت بأنك تستحقها، إذًا فلن يؤذيك أى شخص مهما كان، فقوتك فى داخلك، وأصلح نفسك، ودَعْك من الآخرين، وأَلْقِ بحمولك على خالقك، ولا تكن سوى نفسك ولا أحد سواك حتى لا تخسر نفسك.
سهير رفعت مكى
كبير باحثين بمديرية التنظيم والإدارة بأسوان