اشتركت فى لجنة التحكيم الدولية لمهرجان أوبرهاوزن عام 1978، وكان أهم مهرجانات الأفلام القصيرة فى العالم إلى جانب ليزج وكراكوف، وكان رئيس اللجنة فنان السينما المجرى العالمى اشتنان سابو، مخرج «ميفيستو» وغيره من روائع السينما، وتشرفت آنذاك بفوز الفيلم المصرى «وصية رجل حكيم فى شؤون القرية والتعليم»، إخراج داود عبدالسيد، وكانت أول جائزة دولية يحصل عليها المخرج المصرى الكبير، وكنت أتمنى أن يفوز أحدث أفلامه «رسائل البحر» فى مهرجان تارومينا أيضاً حيث اشتركت فى عضوية لجنة التحكيم، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.
مثل قرارات أى لجنة تحكيم كانت قرارات لجنة تاورمينا بأغلبية الأصوات، ورأت الأغلبية فوز فيلمى إيطاليا وإسبانيا بثلاث جوائز، وحجب جائزة لجنة التحكيم الخاصة، واستبعاد فيلمى فرنسا، وفيلم كل من مصر وتركيا وصربيا من الفوز بأى جوائز، وكم كان من المفيد أن يكون من المسموح نشر مناقشات لجان التحكيم، أو أن تكون علنية كما طالب شباب السينما فى «ثورة 1968»،
ولكن فى حدود المسموح يمكن القول بأن الفيلم المصرى كان الفيلم الثالث بعد الفيلمين الفائزين الذى نوقش أكثر من أى فيلم آخر من الأفلام السبعة، وكان المرشح لجائزة لجنة التحكيم التى حجبت فى النهاية وقد تميزت المناقشات بالنزاهة الكاملة والتعامل مع الأفلام كأعمال فنية من دون النظر إلى جنسياتها أو جنسيات مخرجيها، وتطرقت إلى العديد من التفاصيل الدرامية والجمالية الدقيقة.
أما الفيلم الإيطالى «من الوسط وصاعداً»، الذى فاز بجائزة أحسن فيلم وجائزة أحسن تمثيل لكل من كرستينا كابو توندى، وفيليبو نيجرو، فهو الفيلم الطويل الرابع لمخرجه جيان فرانكو لازوتى منذ عام 1987، أما الفيلم الإسبانى «18 وجبة»، الفائز بجائزة أحسن إخراج، فهو الفيلم الطويل الثانى لمخرجه جورجى كويرا بعد «سنة العلامة» عام 2004، وفى كلا الفيلمين تعبير سينمائى نقى عن رؤية عميقة لواقع الإنسان المعاصر اليوم ومشاكله الروحية من دون تجريد، وإنما عبر شخصيات من لحم ودم، وفى صياغة درامية مبتكرة للعلاقة بين الزمان والمكان