ماذا تفعل لو كنتَ مكان البابا تواضروس، خمسة كهنة يخطفهم الوباء فى غمضة عين، خمسة كهنة لقطوا العدوى أثناء تأدية واجبهم الروحى، إغلاق الكنائس آخر ما يفكر فيه البطرك، أصعب قرار على البطرك إغلاق الكنائس، مُجْبَرٌ أخاك لا بطل، مَن ذا الذى يلوم البابا على قراره الأبوى، أوَ ليس راعيًا بحسب الإنجيل، ألم يُلزمه الإنجيل بحفظ الرعية: «أَنَا هُوَ الرَّاعِى الصَّالِحُ، وَالرَّاعِى الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ» (يو 10: 11)؟!.
الهجوم الرهيب على البابا تواضروس لقرار الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تخفيف القداسات يبدو غريبًا توقيتًا ومنهجًا، حيثيات القرار واضحة لا لبس فيها: «فى إطار متابعة تطورات الوضع الصحى وتطورات انتشار فيروس كورونا المستجد، وتجنبًا للتجمعات حمايةً لأبنائنا وللمجتمع، وبعد تزايد أعداد الإصابات والمنتقلين من الأحباء الآباء الكهنة والشعب، تقرر تخفيف القداسات والصلوات والرعاية والتفقد»، والتفاصيل بالضرورة بلغت إخوتنا فى القاهرة والإسكندرية.
تخفيف، وليس إغلاقًا، وسبق أن أُغلقت، ثم أنارت المنائِر والمذابح، المقارنة لا تفيد كثيرًا ولا تقيم دليلًا، صحيح لم يتم إغلاق المساجد حتى ساعته، لكن لا أحد فى مأمن من الفيروس، الفيروس يضرب بشدة، ويكلفنا أرواحًا بريئة، فقدنا أحِبّة مُقدَّرين، الفيروس لا يرحم، ضرب الكنائس، ويهدد أرواح الشعب والآباء الكهنة، لابد مما ليس منه بدّ.. التوقى واجب، والحذر مستوجب، وملعقة «الماستير» جرى التفاكر من حولها أثناء الموجة الأولى للوباء، فلا داعى إلى الاحتراب مجددًا.. فلمَ اجترار الماضى نكاية فى البابا؟!.
كنت أتخيل أن تساند جموع الشعب قرار البطرك الحكيم، وأن تتوقف الهجمات الضارية، البابا قال إن بابه مفتوح، وتليفونه لا يزال بأرقامه القديمة لم يغيره، ويتلقى الرسائل عليه، ويرد عليها، مرحبًا بالمتحاورين، بمَن يستزيدون علمًا بمجريات الأمور فى الكنيسة.
لماذا إذن هذه الغضبة؟!، الغضبة مشروعة فى الحق، ولكن الهجوم هكذا بلا سبب، بلا حجية، البابا أوضح حيثياته، وكان راقيًا، وعنوانه «أَنَا أَرْعَى غَنَمِى وَأُرْبِضُهَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. وَأَطْلُبُ الضَّالَّ، وَأَسْتَرِدُّ الْمَطْرُودَ، وَأَجْبِرُ الْكَسِيرَ، وَأَعْصِبُ الْجَرِيحَ» «سفر حزقيال/ 34».