(كنت عايز أخلق منك فاتن حمامة.. مُصرة تبقى أنعام سالوسة).. هكذا ذكرت العديد من المواقع الصحفية، الكل تعامل مع الواقعة باعتباره شاهد عيان، كان حاضرا الخناقة من أولها، ولا بأس من أن يذكر أيضا أنه بذل قصارى جهده لتهدئة النفوس (معلش يا دينا فوتى المرة دى، عشان خاطرى يا عمرو، دينا ما تقصدش، أبدا، كل منهما راسه وألف سيف)، هل تصدقون أن فنانًا مثل عمرو دياب دائما يبتعد عن الإعلام عامدا متعمدا يسمح بتسريب تفاصيل عن أدق أسرار حياته، الخلاف قطعا وارد، وعدم التكذيب المبكر يؤكد حدوثه، ولكن تفاصيل المشكلة، أراه نوعًا من الاجتهاد المريض.
عشنا نحو أكثر من 90 عامًا ونحن نردد أن سعد باشا زغلول وهو على فراش الموت وقبل رحيله بدقائق نظر يائسًا إلى زوجته (أم المصريين) قائلا: (مفيش فايدة يا صفية)، وتركوا التفسير، (مفيش فايدة) فى قضية التحرر الوطنى والاستقلال، أم (مفيش فايدة) بعد أن تمكن منه المرض؟!.. المحصلة النهائية هى (مفيش فايدة) وخلاص، وكل واحد يفسرها كما يحلو له.
من يملك تأكيد تلك الجملة سوى سعد باشا وصفية هانم، وهكذا عشنا نستعيرها من زعيمنا الوطنى الكبير لاستخدامها بعشوائية، وفى كل المواقف، حتى ونحن نواجه جائحة (كورونا) نكرر (مفيش فايدة).
أصابت تلك الجملة المزعومة معجبى أنعام سالوسة، وأنا أقف فى الصف معهم، أنعام تضفى على كل عمل فنى سحرًا ونفسًا خاصًا، فهى من جيل يملك أن ينتقل للشخصية الدرامية، لا أن ينقلها إلى ملعبه، وتلك هى مشكلة عدد كبير من فنانى الكوميديا هذه الأيام مثلا، الذين يحتفظون بشنطة واضعين فيها (عدة الشغلانة) لاستخدامها فى كل عمل فنى، ومع الأيام تصاب (العِدَّة) بالعطب والصدأ، بينما فنانتنا الكبيرة تُنوّع أداءها بين الكوميديا والتراجيديا، تجاوزت الثمانين ولا تزال تُشكل لدى المخرجين قيمة وقامة، يبحثون عنها فى أدوار لا يمكن سوى أن تؤديها هذه السيدة الرائعة. أصابها هؤلاء المتنمرون بشظايا كلماتهم لمجرد أنهم يريدون ضرب دينا فى مقتل، باعتبارها فنانة تسير فى ظل وتحت حماية نجم بحجم عمرو، لا يملك أى فنان فى الدنيا أن يفرض حب الناس على أحد، ولا أن يوقف أيضا هذا الحب.
حتى لو وجدنا مثلا أصابع عمرو فى معادلة لتواجد دينا كبطلة، فهذا لا يعد أبدا قرينة على أنها لا تملك سوى ارتباطها بعمرو.. أُسندت لها البطولة ثلاث مرات متتالية، وهذا يؤكد أن هناك معادلة فنية واقتصادية فرضت تواجدها.
تابعتها قبل خمسة عشر عاما فى أعمال فنية لم تكن هى البطلة، استوقفنى أن لها حضورا خاصا، من الممكن أن تخطئ فى الاختيار، هذا وارد، أو حتى تلوح بورقة عمرو، هذا أيضا مع الأسف وارد.. إلا أن هذا لا يعنى أن ننكر عليها موهبتها، ولا يعنى أيضا أن نضع كلا من فاتن وأنعام فى معادلة واحدة، فاتن لا تحتاج إلى شهادتى، فهى سيدة الشاشة كانت ولاتزال، وأنعام لا تستحق منا سوى أن نرسل لها فيضًا من حبنا واعتذارنا عما فعله السفهاء منا!!.