x

سفير فلسطين بالقاهرة: «بيزنس الأنفاق» يعرقل المصالحة الفلسطينية (حوار)

الثلاثاء 28-05-2013 19:21 | كتب: خليفة جاب الله ‏ |
تصوير : أدهم خورشيد

أكد الدكتور بركات الفرا، سفير فلسطين فى القاهرة، مندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، أن المصالحة الفلسطينية أصبحت استحقاقا لا مفر منه، كاشفا أن جميع المؤسسات الفلسطينية فقدت شرعيتها، نظرا لانتهاء فترات هذه المؤسسات منذ سنوات دون إجراء الانتخابات بسبب الانقسام الفلسطينى.

وقال «الفرا» للدول العربية إن أقوى سلاح لخدمة استرجاع الحقوق الفلسطينية ومواجهة الضغوط الأمريكية الإسرائيلية هو سلاح النفط العربى، فيما اتهم أطراف حركة حماس بالعمل على عرقلة المصالحة بهدف الحفاظ على «بيزنس الأنفاق» الذى تديره الحركة وتستفيد منه مع أطراف مصرية لم يسمها.

وفيما يتعلق بالموقف المصرى من القضية الفلسطينية عقب ثورة 25 يناير ووصول «الإخوان المسلمين» إلى سدة الحكم فى مصر قال «الفرا» إن الموقف الرسمى المصرى لم يتغير تجاهنا، رغم العلاقة الخاصة بين الإخوان وحماس، مشيرا فى ذات الوقت إلى أن مصر فتحت أحضانها للفلسطينيين النازحين من سوريا مباشرة، مستبعدا أن يكون ذلك بداية لتوطين الفلسطينيين فى مصر.

وإلى نص الحوار:

■ بداية ما آخر تطورات ملف المصالحة الفلسطينية وهل هناك أفكار مصرية جديدة بهذا الشأن؟

- توصلنا إلى اتفاقات وتفاهمات حول المصالحة تمثلت فى معلمين كبيرين هما توقيع المصالحة فى مايو 2011 بالقاهرة وفى عام 2012 وقعنا إعلان الدوحة، الذى لم يختلف عن اتفاق القاهرة ولكن فى إعلان الدوحة وافق الرئيس أبومازن على أن يترأس حكومة الوفاق الوطنى، التى تقوم بالإعداد للانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطنى وإعادة الإعمار فى قطاع غزة، ولا يوجد شىء جديد يمكن أن نتحدث عنه، ولا نحتاج أفكارا جديدة بهذا الشأن ولكن علينا أن ننفذ ما تم الاتفاق عليه، وبالفعل تم الاتفاق على جدول زمنى لتنفيذ بنود المصالحة خلال 3 أشهر وذلك خلال اللقاء الأخير الذى تم بين الحركتين فى القاهرة منتصف الشهر الجارى.

■ إذا كان اتفاقا القاهرة والدوحة قد حددا كل شىء فيما يتعلق بخطوات إنجاز المصالحة، فما هى الأسباب الحقيقية لاستمرار الانقسام رغم الاجتماعات واللقاءات المستمرة بهذا الشأن على مدى شهور؟

- بداية مطلوب من قادة حماس أن يأخذوا قرارا فى المصالحة ولا أرى أنه توجد ذريعة أو سبب يمكن أن يعطل وحدة الشعب الفلسطينى والقضية الفلسطينية، وغير مسموح لأى فصيل أن يبرر ذلك سواء من فتح أو حماس.

والمشكلة الخطيرة التى نعانى منها حاليا هى أن كل أطرنا ومؤسساتنا فقدت شرعيتها بدءا من المجلس التشريعى الذى أنهى مدته منذ 3 سنوات والمجلس الوطنى حدث ولا حرج، كل هذه المؤسسات لم يتم إجراء انتخابات بها رغم انتهاء فتراتها منذ سنوات، وبذلك صارت الانتخابات استحقاقا لا مفر منه، ولكن هناك أطراف تعطل المصالحة،

■ ومن هى هذه الأطراف؟

ــ هؤلاء من حماس، فالحركة تسيطر على قطاغ غزة ونشأت فئة طفيلية تمتعت بثراء كبير خلال السنوات الماضية نتيجة «بيزنس الأنفاق» كما أصبحت فئة صاحبة سطوة ونفوذ، والأنفاق مازالت تعمل ومن الصعب أن يتخلى هؤلاء عن نفوذهم.

■ ولكن حماس تتهم «فتح» والرئيس أبومازن بالرضوخ لضغوط أمريكية ـــ إسرائيلية؟

ــ الحديث عن الضغوط والتهديدات التى تتعرض لها «فتح» من إسرائيل والولايات المتحدة يأتى فى ظل تبرير حماس لعدم تنفيذ الاتفاق الذى تم التوصل له وإذا افترضنا أن السلطة الفلسطينية وفتح ترضخان لهذه التهديدات فلماذا لا تضعنا حماس على المحك وترى إذا كنا نستطيع إكمال المصالحة أم لا؟.

وأنا أؤكد أن الرئيس أبومازن همه الأكبر هو إنجاز المصالحة لأنه بدون وحدة الشعب الفلسطينى لا يمكن أن تواجه عدوك والرئيس أبومازن لم يخضع للضغوط الأمريكية الإسرائيلية، وخالف الأمريكان أكثر من 14 مرة والكل يعرف ما حدث فى الأمم المتحدة وكيف كانوا يرفضون أن يتقدم لمجلس الامن من أجل عضوية الدولة الفلسطينية وكذلك حينما ذهب لمجلس الأمن من أجل الاستيطان مما اضطر أمريكا لاستخدام حق الفيتو، وإذا كان الأمريكيون يساعدوننا من أجل السيطرة على قرارنا والتدخل فى شؤوننا الداخلية فنحن نرفض هذه المساعدات، وإسرائيل عدو ولا ننتظر من عدونا أن يرحمنا، وهذا الحديث كله تبريرات من أجل حفظ ماء الوجه.

■ هل لمستم أى تغيير فى الدور المصرى تجاه القضية الفلسطينية أو تجاه الفصائل المختلفة عقب ثورة 25 يناير خاصة فى ظل العلاقات الخاصة بين «حماس» و«الإخوان المسلمين»؟

- أريد أولا أن أميز بين شيئين أولهما علاقة حماس بالإخوان، ثم علاقة النظام بالقضية الفلسطينية، فمن ناحية علاقة النظام الجديد الذى يقوده حزب الحرية والعدالة بالقضية الفلسطينية فهو ثابت ولم يتغير فى ظل حكومة الحرية والعدالة، وهو داعم ومناصر للشعب الفلسطينى وقضيته العادلة وأنا أحكى بأمانة فى ذلك، أما فيما يتعلق بعلاقة حماس بجماعة الإخوان المسلمين فهى علاقة مميزة لأن حماس أعلنت البيعة للمرشد العام للإخوان أكثر من مرة، وهو ما أكده الدكتور موسى أبومرزوق فى تصريح له وقال إننا بايعنا المرشد، ولكن النظام الرسمى المصرى لا يتعامل على هذا الأساس ولكنه يتعامل مع الشرعية الفلسطينية.

■ ماذا عن النازحين الفلسطينيين من سوريا إلى مصر والانتقادات التى وجهت لكم بالتباطؤ فى مساعدتهم؟

- منذ أن بدأت الأزمة، أمر الرئيس أبومازن بالتعامل مع المشكلة من خلال تذليل جميع العقبات التى تواجه النازحين وأرسل لى مبلغاً مالياً كى أصرف لهم منه إعانة مالية عاجلة وبالفعل وزعنا عليهم حتى الآن حوالى 2 مليون و200 ألف جنيه، كما تحركنا على مستوى الحكومة المصرية وطالبناها بأن تطبق قرار معاملة السوريين كإخوانهم المصريين فى المدارس والجامعات والمستشفيات المصرية على النازحين الفلسطينيين ووافقت السلطات المصرية على ذلك.

■ ما الرسالة التى كان يرغب الوفد الوزارى العربى فى أن يوصلها إلى الجانب الأمريكى خلال زيارته الأخيرة لواشنطن؟ وهل ترى احتمالات تجاوب من الجانب الأمريكى الإسرائيلى؟

- بداية أؤكد أنها المرة الأولى التى يكون فيها موقف عربى موحد من عملية السلام، ويتم تشكيل وفد وزارى عربى رفيع المستوى ليذهبوا إلى واشنطن ليقولوا لها هذا موقفنا من عملية السلام وأننا قدمنا مبادرة سلام عربية وإسرائيل رفضتها، وفى المقابل لم تقدم إسرائيل شيئا، فمازال الاستيطان وحصار غزة وجدار العزل العنصرى موجودين، ونحن نقول للولايات المتحدة باعتبارها صاحبة حل الدولتين نحن جئنا إليكم كأمة عربية واحدة لنعرف إذا كانت هناك جدية فى تنفيذ ذلك أم لا؟، وإذا كان الجانب الأمنى يمثل تخوفا لدى قوات الاحتلال فنحن على استعداد أن يتولى ملف الحدود بين الجانبين طرفا ثالثا كالولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبى، لكننا نرفض تماما أن يكون هناك جندى اسرائيلى واحد على أراضى الدولة الفلسطينية المستقلة.

وعلى الولايات المتحدة أن تعلم استحالة استمرار هذه الأوضاع إلى مالا نهاية والشاعر قال: «إذا لم يكن من الموت بد، فمن العار أن تموت جبانا، وساعات الحياة بعيش عز، أجل من السنين بعيش ذل، ونحن نتعرض للذل من الاحتلال، فأنا من قطاع غزة ولا استطيع ان اتوجه الى الضفة الغربية بدون تصريح، وجدار العزل العنصرى حول حياة الفلسطينيين إلى جحيم وأطفالنا يتعرضون للذل كى يصلوا إلى مدارسهم ويدخلوها من بوابات كالحيونات ولو كان هناك مجتمع دولى حقيقى ولو كانت الولايات المتحدة تعنى حقيقة بحقوق الإنسان لم تكن لتسمح بأن ترتكب إسرائيل هذه الانتهاكات ضد الشعب الفلسطينى.

■ هناك انتقادات كبيرة وجهت للطرح العربى بالموافقة على تبادل الأراضى بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، ما تعليقك؟

- بداية يجب أن نعلم أن مبدأ تبادل الأراضى بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى موجود وليس جديدًا، وهذا الاقتراح تم طرحه قبل ذلك خلال المفاوضات بين السلطة الفلسطينية، فى فترة حكومة إيهود أولمرت فى إسرائيل، وذلك لمحاولة إيجاد حل لبعض المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية على أن تكون نسبة التبادل محدودة ولا تتجاوز نسبة معينة حتى لا تؤثر سلبًا على حل الدولتين.

■ ولكن البعض يتخوف من أن تسعى إسرائيل للحصول على أراضى القدس الشرقية تحت مسمى مبادلة الأرض، ما تعليقك؟

-نحن نؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن القدس خط أحمر خارج نطاق أى مبادلة للأراضى بين الجانبين، فهى أرض فلسطينية وستظل كذلك ولن نفرط فى شبر منها، وأراضى القدس غير قابلة للتفاوض.

■ هل ترى أن هناك حلا قريبا يلوح فى الأفق بالنسبة لعملية السلام؟

- أرى أنه من المستبعد التوصل إلى حل قريب من الحكومة الإسرائيلية الحالية التى لا تؤمن بالسلام، وتصر على استمرار الاستيطان، واقتطاع مزيد من أراضى الضفة الغربية من خلال المستوطنات، وجدار الفصل العنصرى.

■ وما هى أسلحة العرب السلمية التى يمكن استخدامها للضغط لصالح القضية الفلسطينية؟

- يكفى سلاح النفط، ولدينا سابقة فى ذلك حينما أوقف الملك فيصل بن عبدالعزيز النفط فى حرب أكتوبر عن الدول التى كانت تساعد إسرائيل، ولم يستجب للضغوط الأمريكية، ولا للضغوط العربية التى مورست عليه، ونحن فى حاجة لمواقف مشابهة الآن، فلو فكرنا فى تخفيض البترول بنسبة 2 مليون برميل فى اليوم ستحدث أزمة عالمية، كما أن واردات العالم العربى التى تصل إلى تريليون دولار من أوروبا وأمريكا وآسيا هى وسيلة ضغط على الدول المصدرة لأن اقتصاد هذه الدول يقوم على ما تستورده.

وإذا ضربت إسرائيل بالمطالب العربية عرض الحائط أتوقع أن يتم الدعوة لقمة عربية طارئة على مستوى القادة العرب لكى يأخذوا موقفا، والعرب استنفدوا كل الفرص وقدموا كل شىء من أجل عملية السلام، ولكن إسرائيل لم تنفذ شيئا.

■ هل ترى أن الربيع العربى كان عاملا إيجابيا أم سلبيا بالنسبة للقضية الفلسطينية؟

- بعد ثورات الربيع العربى جعلتها مضطرة لأن تنكفئ على نفسها بشكل مؤقت ولكنها تقدم ما تستطيع للقضية الفلسطينية سياسياً ومالياً ومعنوياً، وعلى المدى البعيد كل هذه التغيرات ستصب فى صالح القضية الفلسطينية ولذلك نحن ندعو الله ألا تطول هذه الفترات الانتقالية فى دول الربيع العربى، حتى نصل إلى مرحلة الحكم الرشيد التى يتطلع لها المواطن العربى والذى ينعكس إيجابا على القضية الفلسطينية ويهيئ المناخ للمبدعين أن يظهروا.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية