أكد الدكتور أحمد بن سالم المنظري، مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، إننا نحتفل اليوم الأول من ديسمبر باليوم العالمي للإيدز لعام 2020، وكان من المزمع أن يكون هذا العام علامةً فارقةً في تحقيق الغايات العالمية «90-90-90». فكان الهدف يتمثل في ضمان معرفة 90% من المتعايشين مع فيروس نقس المناعة البشري بحالتهم، وتلقي 90% من المصابين بالفيروس للعلاج، وانخفاض الحمل الفيروسي لدى 90% ممَّنْ يتلقون العلاج بحلول عام 2020.
وقال المنظري، في تصريحات صحفية: «إلا أننا كنا متأخرين بالفعل في تحقيق تلك الغايات العالمية، ثم جاءت جائحة كوفيد-19 وتسبَّبت في اضطرابات واسعة النطاق وتُهدِّد بالقضاء على كثير من المكاسب التي تحققت في مجال الصحة وغيره من المجالات التنموية».
وأضاف: «على الرغم من أن البلدان قد عملت بلا كلل للتصدّي لكوفيد-19، فقد تضرّرت خدمات صحية أساسية أخرى، منها خدمات الوقاية من فيروس نقص المناعة البشري وتشخيصه وعلاجه»، موضحًا أن تقديرات فريق معني بالنمذجة -اجتمع بدعوة من منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز- إلى أن توقف العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية لمدة ستة أشهر يمكن أن يؤدي إلى حدوث أكثر من 500 ألف حالة وفاة إضافية بسبب اعتلالات مرتبطة بالإيدز في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في عامي 2020 و2021.
وأوضح المنظري: «أما في إقليمنا، فقد أتت جائحة كوفيد-19 في وقت حرج لوباء فيروس نقس المناعة البشري، إذ يُقدَّر عدد المتعايشين مع الإيدز بنحو 420 ألف شخص، ويتنامى الوباء على نطاق غير مسبوق، حيث في عام 2019 وحده، وقعت 44 ألف إصابة جديدة في الإقليم، بزيادة تبلغ 47% مقارنةً بعام 2010 المرجعي، ولم يُشخَّص سوى ثلث المتعايشين مع الفيروس في الإقليم، ولا يتلقى العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية سوى 24%.
وأشار المنظري إلى أن زاد هذا الوضع الصعب سوءًا بسبب جائحة كوفيد-19. وأبلغت بلدان كثيرة عن تعطل الخدمات، وفي ظل تدابير حظر الخروج، أصبح من الصعب على المتعايشين مع الايدز الوصول إلى المرافق الصحية، ومن الصعب على القائمين بالتوعية الوصول إلى الفئات السكانية الأكثر عرضة للإصابة بالمرض، ومن الصعب على الخدمات الصحية أن تتغلب على كوفيد-19 جنبًا إلى جنب مع أمراض أخرى.
وتابع المنظري: «نفدت مخزونات بعض البلدان من الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية بسبب توقف الشحن الجوي والتراجع العالمي في تصنيع الأدوية، وإضافةً إلى ذلك، نضبت القوى العاملة في خدمات فيروس نقص المناعة البشري، إما بسبب إعادة توزيعهم في إطار الاستجابة لجائحة كوفيد-19، وإما بسبب إصابتهم، للأسف، بعدوى كوفيد-19، وأدى ذلك إلى تعريض كثير من المتعايشين مع للخطر الناجم عن عدم تلقّيهم للأدوية والخدمات المُنقذة للأرواح في حينها».
وأكد المنظري أن الجائحة أتاحت أيضًا فرصةً لتقديم ابتكارات مثل صرف الأدوية التي تكفي لعدة أشهر وتوزيعها عبر البريد، ومجموعات الدعم الإلكترونية، وتقديم استشارات طبية عبر الإنترنت، حيث كانت الشراكة مع المجتمع المدني عنصرًا أساسيًا لضمان استمرار التواصل مع مُتلقي خدمات فيروس نقص المناعة، والحفاظ على استمرارية خدماتهم، ودعم التزامهم خلال هذه الفترة العصيبة.
وأضاف المنظري: «اسمحوا لي أن أغتنم هذه الفرصة لأتقدم، نيابةً عن منظمة الصحة العالمية، بالتحية إلى منظمات المجتمع المدني على الدور الذي تقوم به منذ عهد بعيد في تمكين المتعايشين مع فيروس العَوَز المناعي البشري، وعلى عملها البالغ الأهمية في هذه الأوقات غير المسبوقة».
وتابع: على الرغم من قصص النجاح هذه، فإن التحديات والاضطرابات قد كشفت عن الافتقار إلى القدرة على الصمود في نُظُمنا الصحية، ومنها برامج مكافحة فيروس نقص المناعة البشري. ولن تكون جائحة كوفيد-19 آخر جائحة يشهدها العالم، فينبغي أن نستخلص منها الدروس والعِبَر لكي نكون أفضل استعدادًا في المستقبل، ولذلك فإن شعار اليوم العالمي للإيدز لعام 2020 في إقليمنا هو «قدرة خدمات فيروس نقص المناعة البشري على الصمود».