x

إيران النووية.. من مطامح تدعمها واشنطن إلى اغتيالات علماء الذرة (تقرير)

السبت 28-11-2020 18:20 | كتب: أماني عبد الغني |
تصوير : آخرون

إثر اغتيال العالم النووي الإيراني، محسن فخري زاده، أمس الجمعة، خرج الزعيم الإيراني الأعلى، على خامنئي، اليوم السبت، أمام شعبه ليتوعد بالثأر لمقتل العالم النووي، الذي يشتبه الغرب منذ فترة بأنه العقل المدبر لبرنامج سري لإنتاج قنبلة نووية إيرانية.

وأشار «روحاني» بأصابع الاتهام في مقتله إلى إسرائيل، فيما أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية، عن رفع حالة التأهب في السفارات الإسرائيلية بعد تهديدات طهران.

وفي كلمة بثها التلفزيون الإيراني، أمس، قال «روحاني» إن إيران ستثأر لمقتل عالمها النووي، مضيفا أن عمله سيستمر. وتابع: «شعبنا أكثر حكمة من أن يقع في فخ النظام الصهيوني إيران سترد قطعا على استشهاد عالمنا في الوقت المناسب».

كما توعد قادة إيران الدينيون والعسكريون بالثأر لمقتل زاده. وأفادت قنوات على تطبيق تليجرام للتراسل المشفر يُعتقد أنها قريبة من الحرس الثوري الإيراني أن أعلى هيئة أمنية، المجلس الأعلى للأمن القومي، عقد اجتماعا طارئا مع كبار القادة العسكريين. هذا فيما امتنعت إسرائيل عن التعليق على مقتل فخري زاده.

وقال متحدث باسم وزارة خارجيتها، إن الوزارة لا تعلق على المسائل الأمنية المتعلقة ببعثاتها في الخارج. كما امتنع البيت الأبيض ووزارتا الدفاع والخارجية والمخابرات المركزية الأمريكية عن التعقيب.

ويبدو أن البرنامج التووي الإيراني الذي كانت بدايته في خمسينيات القرن الماضي بمساعدة الولايات المتحدة كجزء من برنامج «الذرة من أجل السلام» بات اليوم محفوفاً بالشكوك والمخاوف من مطامح إيران التي ترمى إلى اللحاق بركب التسلح النووي. وهو ما جعل من البرنامج النووي الإيراني قضية خلافية لدى الفريق الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة، فبعد أن وقع الرئيس السابق، باراك أوباما على الاتفاق الذي أبرمته القوى الغربية الست مع إيران بشأن برنامجها النوويفي عام 2015، جاء الرئيس الجمهوري دونالد ترامب ليضرب بهذا الاتفاق في 2018 عرض الحائط، ويندد بأن «الاتفاق النووي الفظيع الذي وقعه باراك أوباما أنقذ إيران». موضحا أن «الاتفاق منح إيران 150 مليار دولار نقدا، وفتح طريقها أمام انتاج السلاح النووي».

واليوم يعود الرئيس الديمقراطي المنتخب مؤخرا، جو بايدن، ليعيد الحديث عن استئناف الاتفاق. ولكن روبرت مالي الذي عمل مستشارا لأوباما في الملف الإيراني إن قتل «زاده» يأتي في إطار سلسلة من التحركات التي تمت خلال الأسابيع النهائية في ولاية ترامب وتهدف إلى تصعيب مهمة بايدن المتعلقة بإعادة التواصل مع إيران.

أما إسرائيل التي تعلى من شأن الشكوك والمخاوف التي تحيط بالبرنامج النووي الإيراني، شككت في نجاعة الخطوة الأمريكية المرتقبة، وعلق عاموس يادلين المدير السابق للمخابرات العسكرية الإسرائيلية ومدير المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي على «تويتر» ردا على الأحاديث التي قالت إن اغتيال العالم النووي سيصعب على بايدن مهمته في العودة للاتفاق النووي بقوله: «سواء كانت إيران تميل إلى الثأر أو ضبط النفس فإن ذلك سيجعل من الصعب على بايدن العودة إلى الاتفاق النووي».

عمليات اغتيال في 10 سنوات

الواقع إن اغتيال «زاده» لم يكن الاول الذي يستهدف علماء إيران النووييين، فحسبما أوضحت مجلة «بولتيكو» في تقرير نشر بتاريخ 5 مايو 2018، قدم نائب رئيس الموساد في مايو 2003، خطة سرية للغاية لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية. وخلال عشر سنوات امتدت من يناير 2010 وحتى نوفمبر 2020 نفذت 4 عمليات اغتيال ناجحة لعلماء نوويين إيرانيين واثنتان آخريتان لم تنجحا وهي كالتالي:

مسعود على محمدي (12 يناير 2010)

في يوم 12 يناير 2010 تم اغتيال مسعود محمدي استاذ فيزياء الجسيمات النووية بجامعة طهران، إثر انفجار دراجة نارية مفخخة وضعت بالقرب من سيارته وتم تفجيرها بالتحكم عن بعد أثناء مروره بالقرب منها شمالي العاصمة طهران. وحينها أكدت السلطات الإيرانية، وزملائه في الجامعة، أن محمدي، الذي وُصف بأنه «غير سياسي»، لا علاقة له بالبرنامج النووي الذي تمضي طهران في تنفيذه. وبعد وفاته، وصفت السلطات الإيرانية المحمدي بأنه موال لها واعتقلت العديد من المشتبه بهم في مقتله، واتهمتهم بالعمل في جهاز المخابرات الإسرائيلية.

ماجد شهرياري (29 نوفمبر 2010)

في يوم 29 نوفمبر عام 2010، وبعد نحو 11 شهراً فقط على اغتيال محمدي، اغتيل العالم النووي الإيراني، ماجد شهرياري، الذي أدار «مشروعًا كبيرًا» لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية (AEOI). وبحسب التقارير التي نشرت حينها، تم اغتيال «شهرياري» بواسطة قنبلة مغناطيسية ثبتها سائق دراجة نارية على سيارته في شمال طهران، وأصيبت زوجته وسائقه في الانفجار ولكن كليهما نجا. وقال الرئيس الإيراني، حينها، محمود أحمدي نجاد، إن الهجوم كان «بلا شك يد النظام الصهيوني» والحكومات الغربية، فيما نفت كل من الولايات المتحدة وإسرائيل تورطهما.

فريدون عباسي (29 نوفمبر 2010)

خلال يوم اغتيال «شهرياري» نفسه، أصيب زميله، فريدون عباسي، أستاذ الفيزياء المتخصص في أشعة الليزر، الذي كان يشغل منصب رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، في هجوم مماثل لكنه نجا بعد نقله إلى المستشفى.

داريوش رضائي نجاد (23 يوليو 2011)

في يوم 23 يوليو عام 2011، اغتيل داريوش رضائي نجاد، بعد أن أطلق مسلحان يستقلان دراجة نارية عليه 5 رصاصات امام منزله في طهران، مما أدى إلى إصابة زوجته في الهجوم. ويُعتقد أن «نجاد»، وهو طالب دكتوراه في جامعة نصيرالدين طوسي، كان يعمل على صاعق نووي، وأنه، وفقًا لتقارير إسرائيلية، شوهد بشكل متكرر وهو يدخل مختبرًا نوويًا في شمال طهران. وأشارت تقارير إلى أن كان أحد أبرز المشاركين في البرنامج النووي الإيراني، ولكن السلطات الإيرانية نفت صلته بالبرنامج.

مصطفى أحمدي روشن (11 يناير 2012)

قبل مرور أقل من عام على اغتيال «نجاد»، وتحديداً، في يوم 11 يناير عام 2012، اغتيل مصطفى أحمدي روشن ،الاستاذ المختص بالفيزياء النووية، في انفجار قنبلة مغناطيسية لُصقها على سيارته سائق درجاة نارية، في طهران، ما أدى إلى مقتل العالم وسائقه.

كان روشان أستاذاً في جامعة إيران للعلوم والتقنية ومشرف قسم في معمل تخصيب اليورانيوم في نطنز. وجاءت وفاته بعد أسبوع من إعلان أكبر مسؤول نووي إيراني عن قرب بدء الإنتاج في ثاني أكبر موقع لتخصيب اليورانيوم. وقبل شهرين من وفاته، نشرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، تقريراً زعمت فيه أن العلماء الإيرانيين ينخرطون في جهود سرية ومتواصلة لبناء سلاح نووي.

وفي يوم 3 يناير من عام 2015، أعلنت السلطات الإيرانية عن إحباط محاولة لاغتيال عالم نووي إيراني دون أن تذكر اسمه.

محسن فخري زاده (27 نوفمبر 2020)

في يوم 27 نوفمبر الجاري، قُتل العالم الإيراني، محسن فخري زاده، الذي كان الغرب يشتبه منذ فترة طويلة، بأنه العقل المدبر لبرنامج سري لقنبلة نووية، في كمين قرب طهران، أمس الأول. وكانت وكالة أنباء تسنيم شبه الرسمية قالت إن «إرهابيين فجروا سيارة أخرى» قبل أن يطلقوا النار على سيارة تقل فخري زاده وحراسه في كمين خارج العاصمة.

يُعتقد أن فخري زاده، الذي لم يكن له ظهور علني، ترأس ما تعتقد الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأجهزة المخابرات الأمريكية أنه برنامج أسلحة نووية منسق في إيران. لكن تم وقف العمل بالبرنامج في 2003. وكان زاده هو الوحيد الذي ورد اسمه في «التقييم النهائي» للوكالة الدولية للطاقة الذرية لعام 2015 للأسئلة المفتوحة حول برنامج إيران النووي. وقال تقرير الوكالة إنه أشرف على أنشطة «لدعم بعد عسكري محتمل لبرنامج (إيران) النووي». وكان شخصية محورية في عرض قدمه نتنياهو في 2018 متهما إيران بمواصلة السعي لامتلاك أسلحة نووية. وقال نتنياهو آنذاك «تذكروا هذا الاسم.. فخري زاده» عارضاً صورة نادرة له.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية