حالة من الغموض تخيم على المعارك الدائرة في تيجراي زاد منها التضارب في البيانات الصادرة من فريقي المعركة في أديس أبابا من جهة والمنطقة الانفصالية الواقعة في أقصى شمال إثيوبيا من جهة أخرى. وهو الغموض الذي يساهم فيها إصرار طرفا الصراع على موقفيهما من ناحية، ودخول إقليم تيجراي في مزيد من الانعزال المتعمد من جانب أديس أبابا من ناحية أخرى، بعد أن قامت الحكومة بقطع خدمات الإنترنت والاتصالات الهاتفية وحتى الدخول إلى المنطقة، الأمر الذي يصعب على وسائل الإعلام المختلفة التحقق من صحة ما يصدر عن الجانبين المتصارعين.
قالت حكومة رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، الثلاثاء، إن الكثير من أفراد قوات تيجراي والقوات الخاصة بالإقليم بدأوا في الاستسلام قبل انقضاء مهلة ذكرت الحكومة أنها ستشن بعدها هجوما على عاصمة الإقليم، ميكيلي، فيما قالت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي أنها دمرت فرقة عسكرية مهمة من قوات الجيش الإثيوبي، وقال فريق العمل الحكومي المعني بالوضع في تيجراي «يستسلم عدد كبير من ميليشيا تيجراي والقوات الخاصة استفادة من مهلة الـ 72 ساعة التي حددتها الحكومة. استسلم الكثيرون عبر منطقة عفار والقوات المتبقة تستسلم بهدوء».
وفي مقابل بيان الاستسلام الصادر من أديس أبابا، تقول الجبهة الشعبية إن أبي «غزا» إقليم تيجراي من أجل السيطرة عليه وإنه يلحق الضرر بسكان الإقليم «بلا رحمة». وأوضح زعيم الجبهة في رسالة نصية إلى رويترز، أمس الإثنين، «نحن أصحاب مبادئ ومستعدون للموت دفاعا عن حقنا في إدارة إقليمنا. تلى ذلك إعلان قوات تيجراي، الثلاثاء، إنها دمرت فرقة عسكرية مهمة من القوات الاتحادية. وصرح جيتاشيو رضا، المتحدث باسم قوات تيجراي، إن القوات التي تقاتل الحكومة الإثيوبية في إقليم تيجراي الشمالي ألحقت»دمارا تاما«بالفرقة 21 الآلية بالجيش.
وبعد أن كانت حكومة أبي مرارا تقول إنها تستهدف فقط قادة ومنشآت الجبهة الشعبية بهدف استعادة القانون والنظام بعد التمرد على القوات الاتحادية، نافية استهداف المدنيين، وبعد تعيين الاتحاد الأفريقي 3 مبعوثين لبدء محادثات وساطة بشأن تيجراي، وتصريح رضوان حسين، المتحدث باسم قوة الطوارئ المنشأة حديثًا لنزاع تيجراي أن آبي سيجتمع معهم وكل الخيارات مطروحة باستثناء التفاوض مع «عصابة» الجبهة. قالت الحكومة الإثيوبية، الثلاثاء، إن محادثات السلام لن تكون ممكنة مع الحكومة المحلية لتيجراي المُنشقة، إلا إذا دُمّرت المعدات العسكرية، واعتُقِل قادة المنطقة، وأطلِق سراح المسؤولين الفيدراليين، حسبما ذكرت «رويترز». وقال إن القوات الفيدرالية أُجبِرت على الانسحاب عبر الحدود إلى إريتريا قبل إعادة تجميع صفوفها والعودة لمحاربة القوات المحلية.
كانت الحكومة الإثيوبية قد صرحت، أمس الإثنين، أن قواتها طوقت عاصمة إقليم تيجراي على مسافة 50 كيلومتر، بعد أن منحت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي مهلة 72 ساعة للاستسلام. وقال رضوان حسين، المتحدث باسم الحكومة عن الهجوم المستمر منذ نحو 3 أسابيع الذي زعزع استقرار إثيوبيا ومنطقة القرن الأفريقي «بداية النهاية أصبحت وشيكة». وذكرت «فانا» أن الشرطة اعتقلت، أمس الإثنين، نحو 796 للاشتباه بهم في التخطيط «لهجمات إرهابية» في العاصمة أديس أبابا لصالح الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي. ولم يصدر تعليق فوري من الحكومة الإثيوبية أو الجبهة الشعبية.
في المقابل، ذكرت وسائل إعلام رسمية إثيوبية، مساء أمس الإثنين، أن قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي دمرت مطارا في مدينة أكسوم بعد أن أمهلتها القوات الاتحادية 72 ساعة للاستسلام.
ودعا رئيس الوزراء، أبي أحمد، الجبهة التي تحكم الإقليم الجبلي الشمالي الذي يقطنه 5 ملايين نسمة إلى إلقاء السلاح بحلول، غدا الأربعاء، أو مواجهة هجوم نهائي على ميكيلي، فيما قال دبرصيون جبراميكائيل، زعيم الجبهة لـ «رويترز»، إن العاصمة محاصرة وإن المهلة كانت ستارا من أجل السماح للقوات الحكومية بإعادة تجميع صفوفها بعد الهزائم التي منيت بها على 3 جبهات حسب وصفه.
ولقي مئات وربما آلاف حتفهم في القتال الذي اندلع في 4 نوفمبر الجاري، بين القوات الاتحادية الإثيوبية وقوات إقليم تيجراي مما أدى إلى فرار نحو 40 ألف لاجئ إلى السودان المجاور. وخرج الصراع عن حدود تيجراي إذ أطلق متمردو الإقليم صواريخ على إقليم أمهرة المجاور وأيضا عبر الحدود على إريتريا التي تتهمها قوات تيجراي بدعم قوات الحكومة لكن أسمرة تنفي ذلك.
وقالت مصادر دبلوماسية إن جلسة تقرر انعقادها في مجلس الأمن الدولي، اليوم الثلاثاء، لبحث التوتر المسلح المتصاعد في تيجراي بطلب من جنوب إفريقيا وتونس و«سان فانسون وجرينادين». وقالت المصادر إنّ المجلس سيلتئم في اجتماع مغلق سيعقده عبر الفيديو، دون توضيح ما إذا كان سيصدر في أعقابه بيان رئاسي أم لا. يأتي الاجتماع بعد إعلان رئيس الإقليم الانفصالي أن شعبه «مستعدّ للموت»، وذلك غداة مهلة الـ 72 ساعة التي حددها آبي أحمد.