x

«المصرى اليوم» تحاور صانع العمل الناجح.. مخرج «أسرار مقبرة سقارة»: قدمت مصر القديمة بشكل مختلف

السبت 21-11-2020 18:46 | كتب: منة خلف, غادة سويلم |
المصرى اليوم تحاور المخرج المخرج البريطانى جيمس توفيل المصرى اليوم تحاور المخرج المخرج البريطانى جيمس توفيل تصوير : آخرون

«أسرار مقبرة سقارة» فيلم وثائقى استطاع أن ينقل إلى العالم كله، عبر منصة «نتفليكس» العالمية، كواليس وأسرار أكبر كشف أثرى فى منطقة سقارة.

تواصلت «المصرى اليوم» مع المخرج البريطانى، جيمس توفيل، مخرج الفيلم الذى حدثنا عن رؤية نتفليكس فى إنتاج وثائقى «مختلف» يليق بهذا الحدث التاريخى، مشيرا إلى أنه حرص على إظهار الجانب الإنسانى للعمال المصريين داخل الموقع الأثرى. وأكد مخرج العمل أن وزارة الآثار كانت متعاونة مع صناع الفيلم، لافتا إلى أن الأثريين المصريين يستحقون الاهتمام.. وإلى نص الحوار:

فيلم الوثائقى أسرار مقبرة سقارة

حدثنا عن لحظة إخطارك بأن نتفليكس اختارتك لتصوير الفيلم.. وكيف استعددت له؟

- كنت محظوظا جدا حينما أخبرتنى شركة نتفليكس فى إبريل 2018 عن نيتها تصوير فيلم فى مصر وعندما اختارونى لإخراجه قالوا لى إن هنالك مقبرة عثر عليها فى مصر وبها اكتشافات ضخمة ونحن لم يسبق أن صورنا فيلمًا عن مصر القديمة، وهدفنا هو أن نقدم فيلمًا مختلفًا تمامًا عن الطريقة التى لطالما اتبعت فى تصوير كل ما يتعلق بمصر الفرعونية، وأكدوا أنهم «يريدونه مختلفًا» وأن القاعدة الوحيدة أنه لا توجد قواعد.

بالنسبة لى، كمخرج، فيلم سقارة يعتبر كالحلم، وحاولت من خلاله تقديم مصر القديمة بشكل مختلف بطريقة لم يقم بها أحد من قبل، وهذه كانت رؤية نتفليكس أيضا، وكانت لدى الفرصة بأن أقص الحكاية للمشاهدين كما شاهدتها وعايشتها هناك.

كيف ترى أهمية توثيق مثل هذا النوع من القصص؟

- الحضارة المصرية من أعظم الحضارات وقدمت لنا أقدم قصة يمكن أن نقدمها، المصريون القدماء كانوا رائعين فى توثيق عالمهم وتركوا لنا فنهم ومعلوماتهم وأعمالهم المعمارية التى تحكى عنهم، ولدينا الآن تقنيات حديثة تساعدنا على فهم أولئك الأشخاص ومعرفة طبيعتهم البشرية وحياتهم الشخصية وأن نفهم مشاعرهم كبشر عاشوا منذ آلاف السنين، العالم كله مهتم بالقصص المصرية القديمة والقصص المتعلقة بمصر، ولم أقم بإخراج فيلم من قبل ويستحوذ على اهتمام جميع من شاهدوه على مستوى العالم، فأنا أتلقى رسائل فى كل صباح بكل لغات العالم، وهذا يعكس إلى أى مدى أثرت قصة مقبرة سقارة فى العديد من الجنسيات على حد سواء.. هذا شأن عالمى، والناس فعلا مهتمة به.

ماذا عن تفاصيل الاستعداد للفيلم؟

- تلقيت مكالمة شركة نتفليكس وبعدها بـ6 أيام فقط كنت على متن الطائرة فى طريقى من بريطانيا إلى مصر للبدء فى تصوير الفيلم، لم يكن لدىّ وقت كبير للتحضير لكن مرجعى فى الفيلم هو رصد وعكس الحالة الطبيعية مع العمال فى مكان الحفر، كانت تجربة لعكس الواقع، وبالفعل استطعنا أن نعكس ما وجدناه من عمال يملؤهم الشغف والاهتمام بعملهم المهم جدا على الرغم من الظروف الصعبة المحيطة بهم، كان عملهم مهمًّا لهم ولنا وللعالم كله، وهذه كانت قصتنا ربط العامل والمواطن المصرى فى مصر الحديثة بقصة أجداده وشغفه بهم.

إذن الفترة القصيرة بين الإخطار بالفيلم وبداية التصوير كانت أول تحدٍّ واجهك.. ما التحديات الأخرى التى واجهتك خاصة أثناء التصوير؟

- كانت هناك تحديات تقنية عديدة لتصوير الفيلم أبرزها أن الظروف كانت صعبة جدا؛ الجو كان حارًّا وممتلئًا بالأتربة، كان لدىَّ أيضا حاجز متعلق باللغة وعدم معرفتى باللغة العربية، خاصة أننى كنت حريصًا على رصد الأحاديث العفوية والجانبية بين العاملين فى المقبرة بدلًا من الحديث مع المصادر بشكل تقليدى وإرفاق كلامهم بترجمة نصية لأن ذلك كان سيخلق حاجزا بين المشاهد والقصة التى يشاهدها ولن تصل له أبدا بتلك الطريقة، لذلك ولعدم حديثى اللغة العربية اعتمدت على لغة الجسد فى محاولة لتخمين ما يحدث، واعتمدت قليلًا أيضًا على مصور أردنى كان يرافقنى.

ومجددا.. حرصت على عدم التدخل فى مجريات الأمور وصناعة فيلم يجعل المشاهد وكأنه يعيش التجربة مثلما عشناها نحن.

ومن بين التحديات أيضا عدم استخدامنا أى نوع من أنواع الإضاءة، اعتمدنا على النور الطبيعى الذى ينير المقبرة، كذلك الكشافات التى استعملها العمال، لكننا كصناع الفيلم لم ندخل أى عنصر إضاءة، وكانت لدينا كاميراتان فى حالة تسجيل مستمر فى الموقع، لكى لا نضطر فى أى لحظة لأن نقاطع العمال أو أن نطالبهم بإعادة تمثيل مشهد، أعتقد أن المختلف فى الفيلم هو أننا رصدنا حماس وشغف العمال فى حالته الطبيعيةم دون تدخل منا.

أحببت كثيرا الحوارات الجانبية والمزاح والمناكفة بين العمال وأيضًا الرهانات، هذه اللحظات التى نادرا ما نعرف عنها شيئًا.

لاحظت بالفعل أثناء مشاهدتى للفيلم أنك حاولت إظهار الجانب الإنسانى من العاملين داخل المقبرة.. حدثنا أكثر عن رؤيتك الإخراجية فى ذلك.

مقبرة سقارة

- بالنسبة لى كان هذا أهم شىء على الإطلاق، نحن نصنع فيلمًا عن الكاهن «واح تى» رجل عاش منذ آلاف السنين، بالنسبة لى الطريقة الأمثل للتعرف عليه هى النظر إلى الأشخاص الذين يعيشون فى نفس المكان الذى كان يعيش فيه، وكيف يتعاملون فى نفس درجات الحرارة ونفس الغبار ونفس المخاطر والأدوات والروابط بينهم، شاهدنا رسومات على الحوائط كانت تشبه كثيرا العمال الذين يعملون حاليا فى المقبرة، عندما تنظر إلى الجدران تعتقد أن «واح تى» كان متجبرا والعمال قديما كانوا عبيدا لكن فى الواقع كلهم كانوا فقط عمالًا يتقنون عملهم، وجلست أفكر أنه لو كان هناك ملك أو كاهن يعاملهم بطريقة سيئة لما جاءوا وأكملوا عملهم فى اليوم التالى.

العمال لطالما كانوا موجودين سواء فى سقارة أو فى أى موقع أثرى آخر فى مصر أو فى العالم، الأزمة تكمن فى عدم ظهورهم فى وسائل الإعلام، وعدم تقديمهم للجمهور، لكن تلك النماذج من حاملى الرمال والعمال وغيرهم موجودون فى كل العالم، لم أجد الأمر غريبا فهم استخدموا ما تطلب الأمر منهم أن يستخدموه سواء كانوا مصريين أو أمريكيين أو يابانيين، هؤلاء الأشخاص قاموا بعمل رائع.

دعنا نتحدث عن أدواتك أنت كمخرج.. استخدمت طائرة بدون طيار فى الفيلم وكاميرات وصلت إلى أماكن دقيقة جدا، حدثنا أكثر عن الأمر.

- نحن لم نحضر الـ«درون» بل تواصلنا مع شركة مصرية هى الوحيدة فى مصر المصرح لها باستخدام طائرات بدون طيار فى التصوير، وكانوا متعاونين وقاموا بعمل رائع وكانت مهمتهم شاقة لأن اليوم الذى قمنا فيه بتصوير تلك المشاهد كان يومًا عاصفًا لكنهم تمكنوا من التقاط مشاهد مهمة أظهرت الزرع بجانب الصحراء على حد سواء.

حدثنا عن التعاون بينك وبين وزارة الآثار المصرية.

- كانت لدينا علاقة رائعة مع دكتور مصطفى الوزيرى، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، وفريقه، كان داعمًا لنا وللفيلم، وهم أحسنوا ضيافتنا.

حدثنا عن التفاصيل المهمة التى ركزت على إظهارها من خلال العمل؟

- أردت أن تنشأ علاقة بين الجمهور وبين العمال والخبراء الأثريين الذين ربما لن يجد المشاهد فرصة أخرى للتعرف عليهم، مثلما قابلت أنا العمال، فمثلما نعرف وزراء الآثار والمسؤولين، أتاح لى الفيلم الفرصة للتعرف على الجنود المجهولين وحياتهم، كان من المؤسف أننى لم أستطع تقديم كل العاملين فى الموقع.

أردت أيضا أن يشعر الجمهور بشعور سعيد مثلما شعرت أنا بوجودى فى هذا المكان الفريد من نوعه وسعادتى مع كل أثر يتم العثور عليه، وأعتقد أن هذا تم تحقيقه واستطعت أن أشهده فى ردود الأفعال على الفيلم.

المثير فى الفيلم هو أنه سواء كنت فى هونج كونج أو أمريكا أو أى مكان فى العالم، فالمشاعر التى ستحصل عليها من الفيلم واحدة، وحتى إذا لم يكن لديك خبرة فى علم الآثار، كذلك ستصلك تلك المشاعر مهما كانت فئتك العمرية. التاريخ المصرى مثير للاهتمام لكل الأعمار.

معظم الأفلام الوثائقية عن مصر جافة للغاية وخالية من المشاعر، وهذا ما حاولت تجنبه كمخرج وكانت رؤية «نتفليكس» أيضًا.

هل تؤمن بلعنة الفراعنة.. وهل شهدت كواليس الفيلم مواقف غريبة أو مضحكة؟

- أتمنى ألا تكون لعنة الفراعنة حقيقية، لكن إذا توفيت غدا أو فى سن السبعين فسيخرج أحدهم ويقول إننى توفيت بسبب أننى كنت شاهدا على فتح المقبرة، ليس لدىَّ رأى واضح. البعض يستمتع بالإيمان بلعنة الفراعنة والبعض يجدها شيئًا غير قابل للتصديق، ولا أريد أن أتخذ موقفًا، لكن الثابت هو أن الناس مهتمة بالثقافة المصرية وتاريخها والإرث المصرى وكذلك مصر الحديثة.

حدثنا عن ردود الفعل عن الفيلم.

- سعدت بأن الجمهور فى بلدى بريطانيا أعجبهم الفيلم، لكن المثير للاهتمام فى منصة «نتفليكس» هو أننى أعرف أن الجمهور ليس محدودا ولكننى سأصل إلى أكثر من 100 دولة بلغات مختلفة، لذلك كنت أقدم حقائق تتفاعل معها الإنسانية كلها وليس جنسية محددة.

هل غير الفيلم أى أفكار كانت لديك حول مصر؟

- أجل.. تقريبا كل أفكارى تغيرت، لم يكن سبق لى الذهاب لمصر، لم أكن لأتوقع أن مصر كانت متقدمة بهذا الشكل منذ حوالى ألفى سنة، كذلك كنت أظن أن المصريين القدماء يهتمون بالحياة الأخرى أو بالموت، ولكن ما فهمته عكس ذلك، وهو أن المصريين القدماء عشقوا الحياة بشكل جعلهم يكرسون حياتهم الأولى استعدادا لحياة أخرى، وذلك ليس لهوسهم بالموت ولكن لهوسهم بالحياة، وذلك كان مفاجئًا بالنسبة لى، وبعد أن تواجدت فى نفس المكان الذى اعتادوا العيش فيه على ضفاف النيل ما بين الخضرة والصحراء، أستطيع الفهم لماذا أحبوا الحياة بهذا الشكل.

هل هناك جزء ثان من الفيلم خاصة أن الاكتشافات تتوالى؟

- لا يمكن القول إن هذا غير ممكن لكن الحقيقة أنه لا نية لإخراج فيلم آخر يرصد التطورات الاستكشافية فى منطقة سقارة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية