x

مذكرات «أرض الميعاد» لـ«أوباما».. تكشف كواليس زيارته للقاهرة فى 2009 (١)

ضغطنا على الحكومة المصرية لإلقاء خطابي في جامعة القاهرة
السبت 21-11-2020 02:10 | كتب: منة خلف |
غلاف كتاب اوباما - ارض الميعاد - صورة أرشيفية غلاف كتاب اوباما - ارض الميعاد - صورة أرشيفية تصوير : آخرون

فى مذكراته المنشورة هذا الأسبوع والتى تحمل عنوان «أرض الميعاد»، تحدث الرئيس الأمريكى السابق، باراك أوباما، عن كواليس زيارته إلى مصر عام 2009 وخطابه الشهير فى جامعة القاهرة.

سرد أوباما أدق التفاصيل التى شاهدها فى زيارته التاريخية إلى القاهرة، وقال: «فى ذلك الوقت ضمت العاصمة المصرية القاهرة أكثر من 16 مليون شخص، إلا أننا لم نر أيًا منهم أثناء سيرنا بالسيارة من المطار».

وتابع: «كانت الشوارع الشهيرة بأنها دائما مزدحمة خالية من الناس لأميال، باستثناء ضباط الشرطة المنتشرين فى كل مكان، وهو مشهد يعكس القبضة الأمنية غير العادية للرئيس المصرى حسنى مبارك على بلاده، وحقيقة أن الرئيس الأمريكى كان هدفًا مغريًا وصيدا ثمينا للجماعات المتطرفة المحلية آنذاك».

ثم تطرق أوباما إلى وصف تاريخى لمصر- من وجهة نظره- تحدث قليلا عن تاريخ علاقات الولايات المتحدة الأمريكية بمصر أثناء حكم الرئيس جمال عبد الناصر، وقال أوباما إن ناصر: «خاض حربًا خاسرة ضد الإسرائيليين، وساعد فى تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية، وجامعة الدول العربية، وأصبح عضوًا فى ميثاق حركة عدم الانحياز، ورفض ظاهريًا الانحياز إلى أى طرف فى الحرب الباردة، لكنه أثار شكوك وغضب واشنطن، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن ناصر كان يقبل مساعدات اقتصادية وعسكرية من الاتحاد السوفيتى، كما أنه اتخذ إجراءات صارمة ضد المعارضة وتشكيل الأحزاب السياسية المتنافسة فى مصر، واستهدف بشكل خاص جماعة الإخوان المسلمين، وهى جماعة سعت إلى تشكيل حكومة إسلامية من خلال التعبئة السياسية الشعبية والأعمال الخيرية، لكنها شملت أيضًا أعضاءً اتجهوا أحيانًا إلى العنف».

وكتب أوباما أن مبارك «انتهج نفس الطريقة فى الحكم (مع اختلاف واحد ملحوظ)، لقد جعل توقيع السادات على اتفاق سلام مع إسرائيل مصر حليفًا للولايات المتحدة، مما دفع الإدارات الأمريكية المتعاقبة إلى التغاضى عن حكم النظام من تزايد الفساد، وتهالك سجل حقوق الإنسان، ومعاداة السامية فى بعض الأحيان».

ووصف أوباما الرئيس المصرى الراحل مبارك بأنه «لم يكلف نفسه عناء إصلاح اقتصاد بلاده الراكد والذى ترك الآن جيلًا من الشباب المصرى الساخط غير قادر على العثور على عمل»، وأرجع ذلك إلى: «تدفق المساعدات ليس فقط من الولايات المتحدة ولكن من السعوديين ودول الخليج الأخرى الغنية بالنفط».

وبالعودة إلى يوم الزيارة، كتب أوباما: «وصل موكبنا إلى قصر القبة، وبعد مراسم الترحيب، دعانى مبارك إلى مكتبه لمناقشة استمرت ساعة».

ووصف أوباما مبارك بأنه «كان يبلغ من العمر 81 عامًا لكنه لا يزال عريض الكتفين وقويًا، وله أنف رومانى، وشعر داكن ممشط إلى الخلف، وعينان كثيفتا الجفون».

وقال: «بعد أن تحدثت معه عن الاقتصاد المصرى وطلبت اقتراحات حول كيفية تنشيط عملية السلام العربية الإسرائيلية، وأثرت موضوع حقوق الإنسان، واقترحت خطوات قد يتخذها للإفراج عن السجناء السياسيين وتخفيف القيود على الصحافة.. تحدث مبارك بالإنجليزية بلكنة مصرية لكنها مقبولة، لكنه صرف مخاوفى بأدب، وأصر على أن أجهزته الأمنية تستهدف المتطرفين الإسلاميين فقط وأن الشعب المصرى يؤيد بقوة منهجه الحازم».

وقال: «لقد ترك لدىَّ انطباعًا عن تعاملى مع الحكام المستبدين المسنين الذين أغلقوا على أنفسهم فى القصور، كل تعاملهم من خلال الموظفين المتجهمين الذين يحيطون بهم، أصبحوا لا يميزون بين اهتماماتهم الشخصية ومصالح دولهم، وأفعالهم لا يحكمها أى غرض بخلاف الحفاظ على شبكة متشابكة من المحسوبية والمصالح التجارية التى أبقتهم فى السلطة».

وعن خطابه فى جامعة القاهرة قال أوباما: «يا له من تناقض ما بين الشوارع الفارغة، والذهاب إلى القاعة الكبرى بجامعة القاهرة المكتظة بالناس».

وتابع: «لقد ضغطنا على الحكومة لإلقاء خطابى أمام شريحة واسعة من المجتمع المصرى، وضمت تلك الشريحة المكونة من 3 آلاف شخص من الحاضرين طلابا جامعيين وصحفيين وعلماء وقادة منظمات نسائية ونشطاء، وحتى بعض رجال الدين البارزين، ورموزا بجماعة الإخوان المسلمين، وساعد ذلك التنوع على جعل الحدث فريدًا، وإيصاله إلى جمهور عالمى واسع عبر التليفزيون».

الجميع يتذكر التحية التى ألقاها أوباما حينها «السلام عليكم» فيقول الرئيس السابق إنه «بمجرد أن صعدت إلى المنصة وألقيت التحية الإسلامية، استجاب الجمهور، كنت حريصًا على توضيح أنه لا يوجد خطاب واحد سيحل المشاكل الراسخة.. لكن مع استمرار الهتافات والتصفيق والتأييد لحديثى حول الديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة والتسامح الدينى والحاجة إلى سلام حقيقى ودائم بين إسرائيل آمنة ودولة فلسطينية مستقلة، استطعت حينها أن أتخيل بدايات شرق أوسط جديد».

كانت تلك اللحظة التى تنبأ فيها أوباما بشىء يشبه الربيع العربى، فيقول فى مذكراته: «فى تلك اللحظة، لم يكن من الصعب تصور واقع بديل يقوم فيه الشباب فى تلك القاعة بإقامة مشروعات وبناء مدارس جديدة، وقيادة حكومات مستجيبة وفعالة، والبدء فى إعادة تصور إيمانهم، ربما تمكن المسؤولون الحكوميون رفيعو المستوى الذين جلسوا فى الصف الثالث متجهمين أن يتخيلوا أيضا تلك الصورة التى تخيلتها أنا».

يقول أوباما إن أول من بحث عنه بعد نزوله من المسرح هو بن رودس (كاتب خطاباته ومستشاره للأمن القومى والسياسة الخارجية)، وكتب الرئيس السابق: «تركت المسرح وبالقاعة حفاوة بالغة استمرت لوقت طويل وحرصت على العثور على بن، الذى كان كقاعدة عامة يشعر بالتوتر الشديد لمشاهدة أى خطاب كان قد ساعد فى كتابته، وبدلاً من ذلك يتحصن فى غرفة خلفية ما، ينقر على جهاز الـ(بلاك بيرى) الخاص به».

يقول أوباما: «كان بن يبتسم من الأذن إلى الأذن.. قلت له (أعتقد أن هذا نجح).. فقال لى (كان ذلك تاريخيًا).

وفقا لأوباما، كان الخطاب سلاحا ضده بعد عدد من السنوات، حيث بات النقاد وحتى مؤيدو الرئيس السابق ينتقدونه على عدم استطاعته تحقيق رؤيته التفاؤلية التى جاءت فى الخطاب.

وكتب أوباما: «فى السنوات اللاحقة، كان النقاد وحتى بعض مؤيدىَّ يقارنون لهجتى المتفائلة فى خطاب القاهرة مع الحقائق المروعة التى حدثت فى الشرق الأوسط خلال فترتى ولايتى.. بالنسبة للآخرين، لم تكن المشكلة هى الرؤية الواردة فى الخطاب، بل بالأحرى ما اعتبروه فشلى فى تحقيق تلك الرؤية بعمل فعال وهادف».

وتابع أوباما: «كنت أميل إلى الإجابة بأنه لا يوجد خطاب واحد يمكن أن يحل تحديات المنطقة التى طال أمدها.. وفى النهاية حدث ما حدث ولم يتبق لى سوى نفس مجموعة الأسئلة التى راودتنى لأول مرة، مثل ما جدوى وصف ما ينبغى أن يكون عليه العالم عندما تكون الجهود المبذولة لتحقيق هذا العالم مصيرها الفشل؟».

يشير أوباما إلى أن تلك الشكوك تساوره حتى الآن وحتى بعد تركه منصبه، ويقول: «حتى الآن ما زالت الشكوك تساورنى حول القوى العديدة التى تجمعت ضد ما كنت أتمنى القيام به.. كيف تبدل الحماس العالى فى الخطاب بأفكار حول مهامى التى تنتظرنى فى بلادى؟، وهل رفعى التوقعات تسبب فى إحباط المصريين؟».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية