x

حمدي رزق نَزيف الْأَحِبَّة حمدي رزق الأحد 15-11-2020 00:17


بعد رحيل القاص الموهوب «مكاوى سعيد» بسويعات، كتب عمنا «سعيد الكفراوى» على الفيس حكاية أخيرة عن مكاوى، ختمها «مالك يا مكاوى مستعجل كده ليه؟ ما تقعد لسه ما أقعدناش مع بعض!».

سبحان الله، لحق الكفراوى بمكاوى، وفى رحيله نقول مثلما قال: «مالك يا كفراوى مستعجل كده ليه؟ ما تقعد لسه ما أقعدناش مع بعض!».

كنا على موعد حال دونه الوباء، كل مواعيد الأحبة معلقة حَتّى إشْعارٍ آخَر، تأبى هذه السنة الكبيسة أن ترحل إلا وتكلفنا غاليًا، نزيف الأحبة، تنزف شجرة الوطن أوراقها الخضراء، ورقة عمى سعيد سقطت، صار مرحومًا، ألف رحمة ونور على نور العيون، وبالدمع جودى يا عين على راهب قضى حياته متعبدًا فى حب الوطن.

الراحلون الطيبون مثل عمى سعيد تبقى ذكراهم حية، ولكن الأحياء المعذبين مثلنا يتوقون إلى نسمة فى حرور الحياة، سيسكبون الحبر بعد الرحيل المفجع على الورق بكاء، لو كتبوا فى راهب القصة القصيرة راحلًا، وهو حى بيننا يسعى بين الأحباء، لبات فى فرشته قرير العين مسرورا.

عجيب أمرهم، نحن قوم نتفنن فى فن الرثاء، مفطورون على الحزن، أبدًا لا نجيد فنون الحياة، إذا اشتقت فعبِّر عن اشتياقك، بلى أنا مشتاقٌ وعندىَ لوعةٌ، لا تكن مثل أبى فراس الحمدانى، ولكنَّ مثلى لا يذاعُ لهُ سرُّ، وإذا أعجبت فعبِّر عن إعجاب، وإذا استبطنت شكرًا، فاشكر لصاحبه حسن صنيعه، لا تتخفوا من مشاعركم، ليس عيبًا أن تقول للموهوب أنت مبدع، لن ينقص من موهبتك شيئًا، لا ينقص مال من صدقة، وليس من شيم الكرام البخل، لا تكن بخيلًا على من يستحقون الشكر والثناء.

أخشى أن نصير بخلاء، لماذا تختزنون عواطفكم طويلًا؟ لماذا تقبعون فى دواخلكم مديدًا؟ لماذا تقترون وتمنعون الماعون؟ لماذا يستولى عليكم البخل هكذا؟ لماذا تفترسكم الأنانية والأثرة هكذا؟ الموهوب يجتذب الموهوبين، والمحبوب مكانه وسط المحبين، إن أفشوا المحبة.

إذا كان الأديب موهوبًا فليحتف به الموهوبون، وإذا كان العالِم مجيدًا فليخف إليه العلماء، وإذا ما أعجبتك فكرة فكن سندًا لها، وإذا غرس أحدهم فسيلة فتولَّها أنت بالرعاية، إنْ عشقنا فعُذرُنا أن فى وجهنا نظرًا.

آيات الحب لشخص الراحل الجميل، أخشى أن جاءت متأخرة كثيرًا، الكفراوى بالأمس كان بيننا، ويقينًا كان يسعده سطوركم! لِمَ ادخرتموها لوفاته؟ لماذا نسيتم البوح بالحب والتقدير والحميمية؟ أخشى أن أرحل بينكم فتكتبوا عنى ما تاقت إليه نفسى حيًّا.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية