يظل ياسر عرفات الزعيم الفلسطيني الأبرز في تاريخ النضال الفلسطيني منذ وقوع النكبة وهو ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وزعيم حركة فتح، ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية الأول، وقد شغل هذا المنصب في الفترة من 5 يوليو 1994 حتى وفاته وكان قد كرس حياته لقيادة النضال الوطني الفلسطيني أما اسمه الحقيقي كاملا فهو محمد عبدالرحمن عبدالرؤوف عرفات القدوة الحسيني.
وفي الخمسينيات بدأ يستخدم اسم ياسر عرفات واختار أبوعمار كاسم حركي له وهو مولود لأسرة فلسطينية وأبوه عبدالرؤوف عرفات القدوة الحسيني من غزة وكان يعمل في تجارة الأقمشة في حي السكاكيني بمصروقضى عرفات مراحل طفولته ومرحلة شبابه الأولى في القاهرة وتوفيت والدته عندما كان في الرابعة من عمره أرسل بعدها مع أخيه فتحي إلى القدس لـ4 سنوات.
وفي 1937 تزوج والده بامرأة ثانية، وأخذه أبوه وأخته أنعام ليعيش إلى جانبهم وتحت رعايتهم في القاهرة وأنهى عرفات تعليمه الأساسي والمتوسط في القاهرة والتحق بجامعة الملك فؤاد (جامعة القاهرة حالياً) بكلية الهندسة المدنية وأثناء حرب 1948 ترك عرفات الجامعة، وذهب إلى فلسطين مع غيره من العرب وسعى إلى الانضمام إلى الجيوش العربية المحاربة لإسرائيل وحارب مع الفدائين الفلسطينين وانضم إلى الجيش المصري في حربه الرئيسية في غزة.
وفي بداية 1949 كانت الحرب تتقدم لصالح إسرائيل، وعاد عرفات إلى القاهرة وواصل دراسته ونشاطه السياسي، وانتخب رئيساً لاتحاد الطلاب الفلسطينين في القاهرة من 1952 إلى 1956 ثم هاجر إلى الكويت وعمل كمهندس بعد العدوان الثلاثي وهناك قابل اثنين من اصدقائه الفلسطينيين وهما صلاح خلف والثاني هو خليل الوزير، (أبوجهاد) وأصبح الأثنين فيما بعد ذراع عرفات اليمين وبدأ عرفات بتشكيل مجموعات من أصدقائه الذين لجأوا إلى الكويت وتطورت تلك المجموعات حتى كونت حركةعرفت باسم حركة ما بين 1958و1960 وبذل عرفات جهوداً كبيرة لتكوين مصادر دعم لحركة فتح من الأغنياء الفلسطينين بالكويت،وقطروباقي دول الخليج وأُنشئت منظمة التحريرالفلسطينية برئاسة أحمد الشقيري في 1964.
وكانت منظمة التحرير الفلسطينية واقعةتحت سيطرة وتجاذبات بعض الدول العربيةأوقعهافي تجاذبات مع بعض النظم العربية وتم سجن عرفات مع بعض قيادات فتح في سوريا وفي تلك الحقبة أرسى عرفات مع قيادات حركة فتح سياسة تعتمد على البدء بمقاومة مسلحة ضد إسرائيل.
وفي نفس الوقت قام بتجنيد الرأي العام العربي لصالح القضية الفلسطينية كما بعث روح الكفاح والمقاومة والاعتماد على الذات وفى1963، اعترفت الدول العربية بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الوحيد للشعب الفلسطينى وفي مؤتمر قمة القاهرة في 1964 تم تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية وفي 1 يناير 1965 بدأت العمليات المسلحةلحركة فتح داخل فلسطين وخارجها.
وكان لنتائج حرب 1967 تأثير كبير على الثورة الفلسطينية بعد الهزيمة التي أدت إلى احتلال إسرائيل لرقعة واسعة من الأراضي العربيةومن ضمنها الضفة الغربية وقطاع غزة وفي 3 فبراير 1969، تولى ياسر عرفات رئاسة المجلس التنفيذي لمنظمة التحرير الفلسطينية فأرسى سياسة المقاومة المسلحة لتحرير فلسطين، ثم كان الوجود الفلسطيني الكثيف داخل الأردن واعتبروا أنفسهم دولة داخل الدولة وتأزمت الأمور ووقعت مذبحة أيلول الأسود التي أدارها رئيس الوزراء الأردني وصفي التل وخرجوا من الأردن إلى لبنان وواصلوا عملياتهم المسلحة انطلاقا من لبنان فكان أن تسسب ذلك في مشكلة بين لبنان وإسرائيل ثم تم قبول المنظمة كعضوٍ كامل في جامعة الدول العربية.
وفي 1974 ألقى عرفات خطبة في الأمم المتحدة كأول شخص في منظمة غير رسمية يقوم بذلك وتوجه بخطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وندد في كلمته بالصهيونية، وقال أشهر عبارته الرمزية الموجهة لإسرائيل إن المسدس في يدي وغصن الزيتون في اليد الأخرى، فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي وكسب خطاب عرفات التعاطف مع القضية الفلسطينية على الساحة الدولية.
وكان بعد الخروج من لبنان قد ركز عرفات جهوده على العمل السياسي، الذي برع فيه.فكانت ذروة هذا العمل السياسي إعلان الاستقلال الفلسطيني في 1988 من قبل المجلس الوطني الفلسطيني والقاء ياسر عرفات خطاب في 13 ديسمبرأمام الجمعية العامة في جنيف والتي نقلت مقرهاإلى جنيف بشكل مؤقت بسبب رفض الحكومة الأمريكية ،منحه تأشيرة دخول لأمريكا كما أطلق عرفات مبادرته للسلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، والتي كان قد أقرها المجلس الوطني الفلسطيني، والتي تعتمد اقامة دولة فلسطينية في الأراض التي احتلت 1967 تعيش جنبا إلى جنب، مع دولة إسرائيل، وبناء عليه فتحت الإدارة الأمريكية، برئاسة رونالد ريجان حوارا مع منظمة التحرير الفلسطينية وانخرطت إسرائيل ومنظمة التحريرفي مفاوضات سرية، أسفرت عام 1993 عن الإعلان عن اتفاقيات أوسلو حيث قام ياسر عرفات ،بوصفه رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بالاعتراف رسميا بإسرائيل ،وفي المقابل اعترفت إسرائيل، بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
وفي 1 يوليو 1994 عاد عرفات مع أفراد القيادة الفلسطينية إلى الأراضي التي أعلنت عليها السطة وهي (أجزاء من الضفة وقطاع غزة) وقد التزم عرفات، بإيقاف الأعمال المسلحة ضد إسرائيل ونبذ الإرهاب بعد اتفاقيات أوسل وفازعرفات واسحق رابين وشمعون بيريز بجائزة نوبل للسلام.
ثم انتخب عرفات رسميا كرئيس للسلطة الفلسطينية، وفي يوليو 2000 التقي عرفات رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك في كامب ديفد تحت إشراف الرئيس الأمريكي كلينتون وكان لدى الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي طموح يرتقي إلى توقيع اتفاقية حل نهائي، ينهي النزاع الفلسطيني الإسرائيلي لكن عرفات خيب ظن الأمريكيين والإسرائيليين ورفض التوقيع على الحل المطروح، الذي اعتبره عرفات منقوصا وهو أراضي 1967 بما فيها، القدس الشرقية.
أما إسرائيل فقد اعتبرت أنها قدمت أقصى ما يمكنها تقديمه ،وألقت باللائمة على عرفات ووافقتها الإدارة الأمريكية وبدأت حالة من الشد والجذب والعداء بين إسرائيل وياسر عرفات واتهمت إسرائيل عرفات، بالتحريض على أعمال العنف سيما شعاره الذي كان يرفعه للمطالبة بالقدس الشرقية (عل القدس رايحيين شهداء بالملاييين) وبعد مباحاثات كامب ديڤد وطابا بدأت الدوائر الأمريكية وأوساط من الحكومة الإسرائيلية وبعض السياسيين الإسرائيليين بالقول أن ياسر عرفات لم يعد يعتد به وعدم جدوى التفاوض معه وازداد العنف والعنف المضاد وارتكبت عدة عمليات فدائية أسفرت عن مقتل كثير من الإسرائيليين.
وعلى الرغم من شجب عرفات واستنكاره الواضح لهذه الأعمال حمل رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون عرفات مسؤولية ما يحدث وقامت إسرائيل بمنعه من مغادرة رام الله وفي 29 مارس من نفس السنةحاصرته القوات الإسرائيليةداخل مقره وتقاطرعليه في مقره مئات المتضامنين الدوليين معه وبسبب الضغط الدولي وانسداد الأفق السياسي اضطرعرفات للتنازل عن بعض صلاحياته لرئيس الوزراء محمود عباس وفي أكتوبر 2004 بدأ التدهور بصحةعرفات وأقلته مروحية إلى الأردن ثم أقلته طائرة أخرى لمستشفى بيرسي في فرنسا في 29 أكتوبر 2004 إلى أن تم الإعلان الرسمي عن وفاته من قبل السلطة الفلسطينية «زي النهارده» في 11 نوفمبر 2004 ودفن في رام الله.