x

منتصر الزيات الجنسية.. قانون أم هوية؟ منتصر الزيات الثلاثاء 14-06-2011 08:00


بينما كنت أستقل طائرتى فى طريقى إلى دبى الأيام القليلة الماضية جلس إلى جوارى أحد أبرز الخبراء المصريين فى مجال الدعم الهندسى بأحد القطاعات الحيوية، غادر مصر قبيل أحداث التحفظ، التى أمر بها الرئيس الراحل أنور السادات فى سبتمبر 81، ومن السعودية حيث ذهب لأداء العمرة إلى إحدى الدول الأوروبية، حيث بقى بها واستكمل دراسته العليا وعمل بالتدريس بإحدى جامعاتها ثم انتقل للمجال التجارى الطبى ولم يعد إلى مصر إلا بعد ثورة 25 يناير، وبدهى أن الرجل حصل على جنسية الدولة الأوروبية التى أتاحت له حرية الحركة وحرية البحث العلمى، وبدهى أيضا أن بقاءه بالغربة كان قراراً صعباً يتعلق بالمناخ السياسى الذى ساد مصر آنذاك وبدء المعاناة لأى مهتم بالشأن العام، خاصة إذا كانت ميوله ومرجعيته إسلامية!!

قال المهندس المصرى الناجح إنه لم يكن «مصنفاً» تحت جماعة بعينها من الجماعات الإسلامية، لكنه بالرغم من ذلك اعتقل مرتين فى عامين مختلفين 78 و80، باعتباره ناشطا طلابيا له مرجعية إسلامية عاش الصحوة الإسلامية.

طرح صديقى المصرى مزدوج الجنسية أثناء حوارنا قضية هى بدورها مطروحة فى مصر منذ ثورة يناير والتداعيات التى أعقبتها وحالة الجدل التى أفرزتها التعديلات الدستورية التى قامت عليها لجنة المستشار طارق البشرى عندما اعتمدت مبدأ إقصاء ذوى الجنسية المزدوجة من الترشح لأى انتخابات رئاسية أو برلمانية والتى حرمت نابغة فى حجم أحمد زويل من التقدم كمرشح محتمل للرئاسة فى مصر.

بالتأكيد ليس كل الذين نزحوا من مصر قديما ومن ثم حصلوا على جنسيات «أوروبية» كانوا من النشطاء السياسيين المعارضين وإلا لخلت مصر ممن بقوا يواصلون نضالا قويا ضد استبداد الحكام والحكومات وقاوموا الظلم والظلمات، ربما أيضا بعض هؤلاء من المتفوقين علميا والذين لم يجدوا فى بلدهم مقومات تحقيق طموحاتهم العلمية، وكلنا يعرف أن ميزانية البحث العلمى الآن وليس قبل هى ميزانية متواضعة بكل المقاييس يعنى بصراحة كبيرة حاجة تكسف.

صعب على نفس المواطن المصرى الذى يجد كل أسباب النجاح خارج الوطن تقنيا وفنيا وماديا ويجد فى ذات الوقت المساواة فى الحقوق والواجبات بينه وبين سائر المواطنين فى البلد الأوروبى الذى يعيش فيه فيحصل على الجنسية اكتسابا بالإقامة وتتيح له سائر الحقوق السياسية بما فيها الترشح للانتخابات البرلمانية ووفق ضوابط تتيح له الترشح للرئاسة وقد رأينا «منعم» الأرجنتينى، صاحب الأصول اللبنانية، يترأس الدولة الأرجنتينية، بينما يُحرم المصرى ذو الجنسية المزدوجة من حقوقه الأساسية فى دولة الميلاد والنشأة والثقافة والهوية.

سألنى صاحبى هل الجنسية قانون جامد يتحكم فى رسم معالمه رجل قانون محترف أم هى هوية تعبر عن التصاق بين الشخص ووطنه؟ أظن السؤال يحتاج لتداخل كثيرين من علماء الاجتماع وخبراء الجوازات، فضلا عن فقهاء الدستور، المستشار البشرى قال إنه اعتمد على الضوابط المقررة فى القوات المسلحة التى لا تجيز لغير المصريين دخول الكليات العسكرية أو العمل بها؟!

لكن أيضا من جهة أخرى يفتح البحث فى هذا الملف الشائك كيفية التعاطى مع مزدوج الجنسية وعما إذا كان انتماؤه سيتوزع بين دولتين، بلد المولد والنشأة وبلد الإقامة والبزوغ العلمى؟ وما إذا كان مزدوج الجنسية قد حصل على عضوية البرلمان فى بلده الأجنبى فهل يصير مناسبا أن يصبح أيضا نائبا فى البرلمان الوطنى ببلد المولد؟

قال صديق الرحلة مزدوج الجنسية «أنا على استعداد للتنازل عن جنسيتى الأجنبية فوراً إذا تبين أن هناك تبايناً بين الجنسيتين أو بين المسؤوليتين فى السلطة الأجنبية أو السلطة الوطنية، أى أن صديقى يريد أن يقول يمكن لفقهاء القانون والتشريع الدستورى أن يضعوا من الضوابط عند شغل الوظائف العليا ما يمنع هذه الازدواجية بالتنازل عن الجنسية الأجنبية.

المؤكد أن هناك حلولاً يمكن أن تعالج أى فراغ تشريعى فى هذا الصدد، كما أننا فى حاجة أكيدة إلى تلك الضمانات التى تجعلنا فى مأمن على أمننا القومى، فهو الخيط الذى نتبين به الأسود أو الأبيض من الفجر، أعنى سلامة الوطن وأراضيه.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية