حقق موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» ما لا يحققه الساحر فى صناعة ثورة 25 يناير، ومن هذه البوابة الواسعة، خرجت علينا تجمعات، بعضها يدفعنا نحو الأمام، وتحقيق الحلم بحياة كريمة آمنة، لكن هناك أفكاراً وأخباراً بدأت تطل علينا، قناعتى الشخصية أنها تجرنا إلى الخلف بشكل مخيف، يجب أن نعرضها على العقل قبل أن نقبلها ونقتنع بها.
والمتصفح لهذا الموقع فى الأيام الماضية لابد أن يضع يده على قلبه من كثير مما فيه، فقد هالنى ما جاء فى الدعوة إلى ما سماه صاحبه بـ«الأمن الشعبى»، لقد ظننت فى بداية الأمر أن الموضوع يتعلق باللجان الشعبية، التى حفظت الأمن يوم أن غابت الشرطة، وأن صاحب الدعوة يقصد تفعيل دور هذه اللجان وتنقيتها من الذين اندسوا فيها من الخطرين وأصحاب السوابق، وأن ذلك سيتم بالتنسيق مع وزارة الداخلية وجهاز الأمن العام الذى يثمن دور هذه اللجان ويتمسك بدورها، إلا أننى رأيت من بين السطور دعوة لضرب مواطن العفة فى مصر، والعبث فيها، فهل يعقل أن ننشئ جهاز أمن مستقلاً - كما جاء فى الدعوة- يتم اختيار أفراده وتدريبهم وتكليفهم بمهام، سيكون من بينها التحرى وجمع المعلومات والمراقبة، ومقابل ذلك يحصل من ينضمون إلى هذا «الأمن الشعبى» على مقابل مادى!
ترى لصالح من سيعمل هذا الجهاز، وإلى من سيكون ولاء العاملين فيه، ومن سيستفيد بالمعلومات التى سيحصل عليها أفراده، وهل سيتم تسليحهم، طالما أن هناك تدريباً لهم، وأى جهة ستقوم بهذا التدريب، وبأى إمكانيات وأدوات؟!
الدولة المصرية وحدة متكاملة من الأجهزة التنفيذية والشعبية، ينظمها «دستور وقانون وعرف متأصل»، وأى محاولة لاختراق هذه الحصون الثلاثة، إما أنها من باب السفه أو محاولة التخريب، فكل أجهزة الدولة بما فيها وزارة الداخلية وجهاز الأمن العام لا تنكر أن زمن استبعاد المواطن من المشاركة فى إدارة بلده ولى وأدبر، ومن يمتلك فكرة يمكن أن تحقق فائدة، عليه أن يقدمها إلى الجهة صاحبة الاختصاص ليناقشها معها حتى يتم تنفيذها بالطريقة التى تحقق نفعا صحيحا، فالماضى القريب ومن كانوا يقومون بدور الفاعل فيه، أشبعونا بكوارث تم نسبها إلى «المختل النفسى» وتركوا أجندات خارجية عديدة تنفذ أفكارها فى ديارنا والوضع الآن لا يحتمل ذلك.
نحن لا ننكر أبداً أن مد جسور الثقة بين المواطن وجهاز الأمن يحتاج إلى أصحاب رسالة يتحملون فى سبيل تحقيقها المتاعب، ونحن متأكدون أيضا أننا لانزال نحتفظ بعقولنا، نستطيع أن نميز بها بين ما ينفعنا وما يمكن أن يهدم المعبد على رؤوسنا، أرجوكم - لوجه الله - اتركوا لنا مصر، نضع طوبة جديدة فى صرح المستقبل وكفاكم تخريباً.
■ رسالة
اللواء أحمد جمال الدين، مساعد وزير الداخلية، مدير الأمن العام، المسؤولية التى ألقيت عليكم تحتاج إلى قبطان يمتلك القدرة على قيادة السفينة وسط أهوال الأمواج والرياح والأمطار، إلى بر الأمان، وأنت أهل لذلك.