x

حمدي رزق دموع محمود أباظة حمدي رزق الإثنين 31-05-2010 08:29


دمعة استعصت على محمود أباظة، دمعة حزن على خسارة لم يتوقعها - هو نفسه - كان واثقاً فى الفوز بثقة الوفديين، لم يقدم لهم سوى كل خير، هكذا كان يعتقد، لم يدخر جهدًا فى تأهيل الوفد لانتخابات جد حقيقية، وفى ذلك فليتنافس الوفديون.

دمعة سعادة أن التأم الصف الوفدى بعد حين، جاءوا فرادى وجماعات من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم، اقترب أباظة من لجنة الفرز بخطى واثقة تعلو وجهه ابتسامة واسعة، أفسح الطريق لمنافسه الدكتور سيد البدوى ليأخذا طريقهما معا إلى المائدة الرئيسية، أشفقت عليه، وكنت أعرف النتيجة مسبقا، خشيت على الرجل أن يهتز، أن يزل، أو تتساقط دموعه الحبيسة.

كان رجلا قويا، تماسك، احتضن رئيس الوفد الجديد، وخالف ظنونى كلها بأن ينسحب، يذهب بعيدا بعيدا يداوى جرحه البليغ، ولكنه شق طريقه بروح فارس قابضا على يد رئيس الوفد إلى «الفارندة» التاريخية بقصر البدراوى عاشور، ليحيّى الوفديين الأصلاء الذين لم يتخلوا عن واجبهم فى هذا اليوم القائظ.

غاب محمود (رئيس الحزب) وبرز محمود (عضو الحزب)، ضرب مثلا وهتف للوفد مع الوفديين، يحيا الوفد ولو فيها هزيمة، هزيمة فى مقام انتصار، انتصر أباظة على نفسه، وتطهّر فى ماء الديمقراطية المقدس، واختار للإشراف على الانتخابات رجالاً شرفاء من الحادبين على تراث الوفد العريق، أشهدهم من بعد الله أنه شريف حافظ لإرث تباهى به الوفد طويلا.. يحيا الوفد ولو فيها رفت.. هكذا كان النداء الوطنى يوم أن كان الوفد بيتا لكل المصريين.

بحثت طويلا عن صورة أباظة فى ردهات وأفنية قصر البدراوى لم أجدها، تعلقت عيناى بصور الزعامات الثلاث التاريخية (سعد، النحاس، سراج الدين) شهودا على الوفديين، ترددت فى القصر أصوات وطنية، قوم يا مصرى مصر دايما بتناديك، قوم يا وفدى وفدى دايما بيناديك، تصطف الصفوف، يفسح الشباب مجالا لكبار السن والمرضى، الكبار أولا، كلّ قال كلمته وانتظر الحفل الوفدى الكبير.

لا أعرف هل طفرت دموع أباظة وهو يرى الوفديين يهتفون من القلوب للوفد، ظل متماسكا حتى أدى الأمانة كاملة، انتخابات نظيفة، صناديق شفافة، وصوت بصوت، كنت مزهواً وأنا أحصى الأوراق كلها، وأسجلها، وكأنى أكتب - وأنا اللاحزبى- سطراً فى صفحة الوفد.

كلما مرّ علينا محمود أباظة فى اللجان يتأسف لنا «تعبناكم، ربنا يخليكم، لن ننسى فضلكم.........»، وكان منافسه اللدود الدكتور السيد البدوى يتفقد اللجان مثمنا حضورنا، كان واثقاً أن الشخصيات الوطنية التى اختارها سكرتير عام الحزب المحترم منير فخرى عبدالنور خليقة بإنجاز يوم مجيد من أيام الوفد، كانت ابتسامة البدوى العريضة دليل ثقة فى الفوز، وقبلها دليل ثقة فى نزاهة الانتخابات.

كنت أنتظر «العركة» الكبيرة، أتوقعها كل دقيقة واجفاً من فرط الحماس الوفدى، ما تكاد ملاسنة تحدث حتى تطفئها حناجر شباب الوفد بالهتاف «يحيا الوفد»، كان الصوت الوطنى يطغى على الأصوات النشاز.

الوجوه الوفدية كانت حاضرة، عائلات وفدية جاءت لتؤازر ممثلها محمود أباظة، الوفديون الجدد ملأوا ساحة القصر يشدون من أزر البدوى، كانوا يجلون الوفديين الكبار، يخلون المقاعد لجلوسهم، من ليس له خير فى القديم، والبركة فى الجديد، والحمد لمحمود يستأهل الحمد لأنه كان محترماً، ترشح محترماً وأشرف على إجراء انتخابات محترمة، وخسر بشرف الرجال.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية