x

محمد أمين مصر بين زواج المتعة والمسيار! محمد أمين الأربعاء 11-05-2011 08:00


فى أول «فبراير» كتبت مقالاً بعنوان «الجمهورية الثانية.. تبدأ الآن».. كان ذلك قبل التنحى.. قلت فيه: «مصر تتحدث عن نفسها، فى ميدان التحرير.. هذه هى مصر التى لا يعرفها الرئيس، والذين معه.. مصر الجديدة.. مصر التى تليق بنا.. غير مصر التى مرّغوها فى التراب.. مصر التى نعشقها، غير مصر التى تتسول، وتسكن المقابر.. نحن الآن على أعتاب جمهورية جديدة!».

كانت كارثة كبرى أن تتحول مصر إلى ملكية مرة أخرى.. وكانت كارثة كبرى أن تتحول إلى حكم العائلة.. وكانت كارثة كبرى أن يكون ابن الرئيس هو الوريث.. صرخنا فى كل مكان.. كانوا يسخرون منا.. قلنا كفوا يد نجل الرئيس وحرم الرئيس.. ارحموا المصريين، وارحموا مصر.. مصر ليست عزبة.. كانوا يسخرون أكثر.. كان الوريث ينتظر أن تكتب باسمه الجمهورية الخامسة!

بحسب التاريخ طبعاً، تكون الجمهورية المقبلة هى الجمهورية الخامسة.. إذا كنتم تعتبرون أن محمد نجيب هو الرئيس الأول للجمهورية وليس محطة مترو فى وسط البلد.. إذا كنتم تكتبون التاريخ الحقيقى، يكون نجيب هو الأول.. وعبدالناصر الرئيس الثانى.. والسادات هو الرئيس الثالث.. ومبارك هو الرئيس الرابع.. كان جمال مبارك «يرسم» على أنه الرئيس رقم خمسة!

الآن تبدأ جمهورية جديدة.. مصر جديدة.. هناك إجماع كامل على أن مصر قبل يوم ٢٥ يناير غير مصر بعده، فالجمهورية الأولى كرست حكم الفرد.. من أول عبدالناصر إلى السادات، وانتهاء بمبارك.. وكانت جمهورية واحدة بوجوه مختلفة.. اليوم بدأت جمهورية جديدة.. إنها الجمهورية الثانية.. شعارها: الرئيس فى خدمة الشعب.. والرئيس والشعب فى خدمة الوطن!

وبالأمس كتبت «جمهورية مصر العرفية».. قلت فيه: «لا يمكن أن تكون مصر دولة عرفية.. يحل مشاكلها الشيخ حسان.. ولا يمكن أن تتحول مصر، بعد الثورة، إلى دولة متفرجة.. تقف فى المنتصف، أو تقول (الحجز يا رجالة).. ولا يمكن أن تكون قصعة الكبسة حلاً لمشاكل البدو.. ولا يمكن أن تكون الدبلوماسية الشعبية بديلاً لدولة بحجم مصر.. وإن كانت تتعثر الآن فى سيرها كطفل صغير!».

لا نقبل أن يكون اسم مصر الثورة هو «جمهورية مصر العرفية».. فالمفترض أن الثورة رفعت رؤوسنا، ورفعت أسهمنا.. والمفترض أن الدولة المصرية استعادت مكانتها، واستعادت عافيتها.. وتتحرك كدولة كبرى فى المنطقة.. لا كما نراها الآن، كأنها دولة ما قبل الأنظمة السياسية، وكأنها تبدأ من جديد.. وكأنها دولة عرفية، لا دولة قانون.. كان هذا خطأ جسيماً.. سقط فيه المجلس العسكرى!

المصريون ينتظرون أكثر من ذلك، من المجلس العسكرى، وينتظرون دولة حقيقية مدنية قانونية.. لا مكان فيها للحلول العرفية، ولا للأحكام العرفية.. دولة لها هيبتها وشموخها.. تقيم العدل بين أفرادها، على أساس المواطنة، الشعب يريد جمهورية مصر المدنية.. لا جمهورية مصر العرفية!

واليوم أخشى أن تتحول مصر من الزواج العرفى إلى المسيار فى وقت لاحق.. فليس مقبولاً أن يطلق علينا «مبارك» جماعة الإخوان، ثم يطلق علينا المجلس العسكرى جماعة السلفيين.. وبذلك نتحول من زواج المتعة، فى عصر الجمهورية، إلى زواج المسيار، فى عصر الثورة.. ربما كان «مبارك» يدرى، وربما كان المجلس العسكرى لا يدرى.. وهى مصيبة كبرى على أى حال!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية