تحتفل مصر والعالم، غدا الثلاثاء، 20 أكتوبر 2020 باليوم العالمي للإحصاء تحت شعار «ربط العالم ببيانات يمكن الوثوق بها» ويبرز هذا الموضوع أهمية البيانات الموثوقة والابتكار في النظم الإحصائية الوطنية لما للإحصاءات من تأثير وأهمية في حياة البشر.
ويعتبر احتفال هذا العام ذات أهمية قصوى حيث يتزامن مع احتفال الأمم المتحدة بالذكري السنوية الخامسة والسبعين لإنشائها.
وفي مصر ينظم الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء مؤتمرا للاحتفال بهذه المناسبة للمرة الثالثة، وكان قد سبق ان احتفل الجهاز مرتين من قبل نظم خلالهما العديد من الأنشطة احتفالا بهذا اليوم.
ويعد علم الإحصاء من العلوم المهمة التي تلبي الحاجات الملحة للمؤسسات المعاصرة التي تتبنى عملية التخطيط في اتخاذ القرارات بما ينسجم مع المؤشرات التي تتوصل إليها الدراسات الإحصائية. وتعود الكتابات عن الإحصاء إلى أطروحة القرن التاسع عشر حول فك رموز الرسائل المشفرة، كتبها الباحث العربي الكندي والتي تعد أقدم الكتابات في عالم الإحصاء، وقدم الكندي في كتابه وصفًا تفصيليًا لكيفية استخدام الإحصائيات وتحليل التردد لفك تشفير الرسائل المشفرة.
والإحصاء (Statistics) هو العلم الذي يستعمل العمليات الحسابية المختلفة وتكون النتائج مبنية على المعطيات أي بنتائج مبنية على المنطق. وبالعودة إلى القرآن الكريم نجد قد ورد لفظ الإحصاء في القرآن الكريم صراحة إحدى عشر مرة باشتقاقات مختلفة وذلك في الآيات التالية:
بسم الله الرحمن الرحيم {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} (إِبْرَاهِيم 34)، {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} (النحل 18)، {ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَى لمَا لَبِثُوا أَمَدًا} (الكَهْف 12)، {لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا} (مريم 94)، {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِيْنٍ} (يس 12)، {وَكُلَّ شيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا} (النبأ 29)، {لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرةً إِلا أَحْصَاهَا} (الكهف 49)، {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا} (الجن 28). صدق الله العظيم. ولله سبحانه وتعالى تسعة وتسعون اسمًا منها «المحصي». وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا، مِائَةٌ إِلَّا وَاحِدَةً، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، إِنَّهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ». وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس» وفي رواية «أحصوا لي كل من يلفظ بالإسلام».
وتكمن أهمية علم الإحصاء في أنه استطاع في الآونة الأخيرة أن يضع أساليبه العلمية ونظرياته موضع التطبيق، إضافة إلى أهميته النظرية وفوائده التطبيقية الواسعة في الكثير من المجالات، كإحصاءات الدخل القومي، والتجارة الداخلية والخارجية، والانتاج الصناعي والزراعي، وغيرها من الإحصاءات.
ويتم تطبيق الأساليب الإحصائية في جميع المجالات التي تنطوي على اتخاذ القرار، لإجراء استنتاجات دقيقة من مجموعة مجمعة من البيانات ولاتخاذ القرارات في مواجهة عدم اليقين على أساس المنهجية الإحصائية. وأدى استخدام أجهزة الحاسوب الحديثة إلى تسريع العمليات الحسابية الإحصائية على نطاق واسع، كما أتاح إمكانية استخدام طرق جديدة غير عملية لأدائها يدويًا. ويدخل علم الإحصاء في العديد من المجالات منها: المجال الاقتصادي، والمجال الطبي، والمجال الهندسي.
وكانت قد اقترحت اللجنة الإحصائية التابعة للأمم المتحدة في دورتها الحادية والأربعين (القرار 41/109)، التي عقدت فبراير 2010، أن يُحتفل بيوم في أكتوبر 2010 بوصفه اليوم العالمي للإحصاءات. واقرارا بمقترحات اللجنة بأن الإحصاءات الموثوق بها في الوقت المناسب والمؤشرات على النمو في البلدان هما أمران لا غنى عنهما في اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن سياسات رصد وتنفيذ الأهداف الإنمائية للألفية. اتخذت الجمعية العامة قرارها 64/267 المؤرخ في 3 يونية 2010 الذي حدد بموجبه رسمياً يوم 20 أكتوبر 2010 بوصفه أول يوم عالمي للإحصاءات، تحت شعار «الاحتفال بالإنجازات الكثيرة للإحصاءات الرسمية».
وفي عام 2015، قررت الجمعية العامة تخصيص يوم 20 أكتوبر 2015 ليكون اليوم العالمي الثاني للإحصاء تحت شعار «بيانات أفضل من أجل حياة أفضل»، والاحتفال باليوم العالمي للإحصاء كل خمس سنوات في 20 أكتوبر.
والاحتفال الثالث باليوم العالمي للإحصاء لعام 2020 هو بمثابة مسعى تعاوني عالمي تنظمه اللجنة الإحصائية للأمم المتحدة. وتُعد شعبة الإحصاء التابعة لإدارة الشؤون الاقتصادية بالأمم المتحدة هي المنسق العالمي للحملة، حيث تحدد الرسائل الرئيسية العالمية وتتيح موارد التوعية للبلدان والشركاء الآخرين. وتعمل المكاتب الإحصائية الوطنية بوصفها مكاتب تنسيق وطنية تترجم المواد الترويجية إلى اللغات الوطنية وتنظم الفعاليات وجهود التوعية على الصعيدين الوطني ودون الوطني. وتضطلع المنظمات الدولية بدور رئيسي في تضخيم الحملات على الصعيدين العالمي والإقليمي وتنظيم الفعاليات الخاصة بها.
ومر الإحصاء في تاريخه بعدة مراحل أساسية في مصر تطورت من خلالها الكيانات الإحصائية، وفيما يلي عرض مختصر لتطور التاريخ الإحصائي في مصر:
- عام 1870 تم إنشاء أول مكتب للإحصاء في عهد الخديوي إسماعيل.
- عام 1878 أعيد تنظيم المكتب ليكون المكتب المركزي للإحصاء.
- عام 1905 تم إنشاء مكتب عموم الإحصاء وتبعيته لمصلحة المساحة المصرية.
- عام 1911 تم تطوير مكتب عموم الإحصاء وأصبح له استقلالية وأطلق عليه أسم مصلحة عموم الإحصاء.
- عام 1915 تم ضم المكتب الإحصائي التابع لمصلحة الخدمات الصحية، والذي أنشأته المصلحة في عام 1885 خلال فترة توقف المكتب المركزي للإحصاء، إلى مصلحــة عمــوم الإحصاء وبــدأ العمــل في مجال الإحصاءات الحيوية.
- عام 1917 تم إدخال عملية التعداد تحت إشراف مصلحة عموم الإحصاء.
- عام 1953 صدر القانون رقم 337 لسنة 1953 في شأن تنظيم وزارة الحربية سابقاً (الدفاع حالياً) موضحاً بهذا القانون الإدارات التابعة لوزارة الحربية ومن بينها إدارة التعبئة العامة.
- عام 1957 تم تغيير مسمى مصلحة عموم الإحصاء إلى مسمى مصلحة الإحصاء والتعداد.
- عام 1963 صدر القرار الجمهوري رقم 743 لسنة 1963 بضم مصلحة الإحصاء والتعداد إلى إدارة التعبئة العامة تحت مسمى مصلحة التعبئة العامة والإحصاء.
- عام 1964 صدر قرار السيد رئيس الجمهورية بالقانون رقم 2915 لسنة 1964 باستبدال اسم مصلحة التعبئة العامة والإحصاء باسم الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ويكون هيئة مستقلة تابعة لرئاسة الجمهورية. ويبــاشر الجهاز اختصاصات الهيئة الفنية المنصوص عليها في قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 35 لسنة 1960 المنظم للعمل الإحصائي بالدولة.
- بدأ الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يباشر اختصاصاته باعتباره المصدر الرئيسي في جمهورية مصر العربية لإمداد أجهزة الدولة والجامعات ومراكز البحوث والهيئات والمنظمات الدولية بالبيانات والإحصاءات الرسمية التي تساعد في أعمال التخطيط ورسم السياسات واتخاذ القرارات.
- في عام 2011 صدر قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم 3 لسنة 2011 بنقل تبعية الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لرئيس مجلس الوزراء ويكون لرئيسه اختصاصات الوزير المنصوص عليها في القوانين واللوائح المالية والإدارية للجهاز.
- في عام 2014 أصدر المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء القرار رقم 1234 لسنة 2014 بتحديد اختصاصات وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري ويتضمن القرار في مادته الأولى ان يختص الوزير في وضع السياسات العامة والخطط للبرامج في مجالات التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، وله على الأخص مباشرة كل الاختصاصات المقررة بموجب القوانين والقرارات واللوائح والاتفاقيات للوزير المختص، والعمل على تطوير أساليب التخطيط لتتماشي مع احدث الأساليب، والاشراف على الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة والجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء.
- في عام 2020 أصدر الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء القرار رقم 193 لسنة 2020 بإشراف وزير التخطيط والتنمية الاقتصادية على الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء.