(السلام عليكم..
قرأت مقالتك فى جريدة «المصرى اليوم» تحت عنوان «شكوك وهواجس مشروعة» بتاريخ الخميس14/4/2011، التى دارت حول دور جهاز أمن الدولة وضلوعه فى توجيه القضاء فى العديد من القضايا. فإذا كان جهاز مباحث أمن الدولة ضالعا فى الكثير منها، فهذا لا يعفى النائب العام ومساعديه من الاشتراك فيما تم من اتهامات، كانت فى الأغلب مدعمة من الجهاز الأمنى نفسه، الذى يرتبط برأس النظام وأكبر سدنته، فمن المؤكد أن تلك الأجهزة القضائية تلقت أمرا من أجهزة أمنية أعلى فى نفوذها وقوتها من مباحث أمن الدولة ذاتها، بل لا أبالغ إن قلت إن أمن الدولة يتلقى أوامره مما هو أعلى منه طاقة وقدرة، مما يعنى أن القضاء والنيابة وأمن الدولة يتلقون الأمر من جهات أقوى، توصف عادة بأن لها علاقة بالأمن القومى..
ولأننا ننظر عادة إلى الأجهزة ذات الصلة بالأمن القومى من منظور مسلسلات عادل إمام ومحمود عبدالعزيز، فمن الطبيعى أن يسيطر علينا شعور يدفعنا إلى عدم المساس بها وكأنها بعيدة عن فساد يفترض أنه لا يطول إلا من هم أقل مكانة ونفوذا، وهى رؤية لا علاقة لها بالواقع، خاصة بعد أن تبين أن الفساد طال مبارك نفسه، رئيس مصر السابق، كما طال الطغمة التى حوله.. أفبعد أن اكتشفنا أن الفساد طال كل شىء، من السياسة إلى الثقافة والتعليم، ومن الأفراد إلى المؤسسات، مازال يتعين علينا أن نستبعد من دائرته جهات لا يجرؤ أحد من العالمين على أن يهمس بفسادها؟ إذا ظل هذا هو حالنا الآن، فمعنى ذلك أن الثورة لم تحررنا، وأننا سنظل نتجرأ على الحلقات التى ضعفت وحسب.
فى قضية الجاسوسية التى عرفت بعلاقتها بالجمهورية الإيرانية، والتى أعلن الحكم النهائى فيها يوم 27/3/2005، كان المتهم هو شقيقى «محمود دبوس»، وكان القاضى هو ذاك المعنىّ فى مقالتك، «المستشار عادل عبدالسلام جمعة».. فهل تعلم أن هذا القاضى بالذات كان هو القاضى الوحيد الذى تعرضت محاصيل أرضه للحرق وماشيته للقتل بعد خروج أو هروب مسجونى الليمانات، وأنه معروف لدى جميع المحامين بـ«قاضى السلطة»؟ وهل تعلم أيضا أنه كان القاضى المكلف أيضا بالنظر فى معظم قضايا الجاسوسية، سواء تلك التى ترتبط بالكيان الصهيونى أو غيرها، وأن أغلب هذه القضايا «مفبرك»، وأنه إذا أعيد إخراج التحقيقات الخاصة بها من قبر النسيان، فسوف نرى مدى الفساد الذى طال النيابة العامة، التى لم يكن فى يديها شىء لتفعله، لأنها كانت تنفذ الأوامر دون معارضة، بل تتقمص الدور وتصدق أنها أمام متهمين حقيقيين.
فى قضية شقيقى محمود دبوس، كان المستشار حسام موسى، رئيس نيابة أمن الدولة العليا طوارئ - الذى قام بدور المحقق والقائم بعمل المدعى العام فيها - يملى على كاتبه أسئلة التحقيقات ثم يرد على الإجابة بنفسه، فى تواجد شقيقى المتهم محمود دبوس، الذى كان، بدوره، يقرأ صحف اليوم حتى يفرغ المحقق من تحقيقه.. وهكذا دواليك، لذا خرج التحقيق هزيلا ضعيفا لا يمكن أن يثبت ما ادعاه النظام الحاكم السابق من جريمة. ولأنها كانت محاكمة استثنائية فقد تم طبخها وخرجت الطبخة ماسخة، وهو ما يحيلنا إلى الفساد الذى يكتنف النيابة عند اختيار الخريجين الذين هم فى الأغلب من أبناء من لهم واسطة. فحتى فى الباطل، ولغياب الكفاءات، يخرج التقرير الذى هو وليد الظلم والبهتان مشوها ومبتسرا.
أريدك أن تعلم أنه أثناء التحقيقات، اشتكى شقيقى من عينه، وكان معه دواء (قطرة عيون)، فعرض عليه حسام موسى المحقق نقطاً للعيون خاصة به، فرفض أخى، ومر الأمر، حتى عاد إلى مقر الجهة الأمنية «الأمن القومى» فما كان من ضابط الاتصال فى الجهاز إلا أن حادثه فى الأمر ونهره بسبب عدم قبوله دواء المحقق.. فهل هكذا يكون استقلال النائب العام، ومن بعده القضاء، عن الأجهزة الأمنية التى تعد على كل من يكون تحت قبضتها أنفاسه؟ لا شك أن القضاء المصرى وأجهزة النيابة وكل مؤسسات الدولة، تحتاج إلى غربلة قبل أن نتكلم عن شىء اسمه الثورة.
أعلم أن ما جاء فى مقالى هذا شىء خطير، ولكنى أحببت أن أعلمك بما قد يغيب عن البعض من شعبنا الطيب، ولكنها الحقيقة.. أتمنى يوما ما يعاد فيه فتح كل قضايا التجسس، حتى نرد الاعتبار إلى كل من ظُلم وألحقت به تهم، من عيار الخيانة للعهد والأمانة، من أناس كُشف عن تزلفهم المتدنى فى كل موبقة سمعنا عنها وقرأناها أو شاهدناها.
الغريب أنهم يلقون بالتهم جزافا على شرفاء، كل ذنبهم أنهم معارضون لسياسات النظام.. وشكرا لك).
أيمن دبوس