x

حسن نافعة حل الحزب الوطنى حسن نافعة الإثنين 18-04-2011 08:00


أسعدنى الحكم الذى أصدرته المحكمة الإدارية العليا أمس الأول وقضى بحل الحزب الوطنى وتصفية أصوله وأملاكه وإعادتها إلى الدولة، وأحسب أنه أسعد فى الوقت نفسه ملايين المواطنين فى مصر. ولأن كثيرين لم يكونوا متحمسين أصلا لعرض أمر حل الحزب على القضاء، ربما خشية أن تستغرق مداولاته وقتا طويلا أو لجوء محامى الحزب إلى وسائل ملتوية تطيل أمد الدعوى أو عثورهم على ثغرة تمكنهم من الحصول على حكم برفض الدعوى، فقد كانوا يفضلون حلا عاجلا للحزب حتى ولو أتى بالطريق الإدارى.

غير أن صدور حكم قضائى سريع بالحل يضفى عليه حجية أقوى وينفى عنه شبهة التحكم أو الابتزاز. ولا جدال فى أنه حكم يثبت أن فصلا جديدا فى تاريخ الحياة السياسية والحزبية فى مصر قد بدأ، وأن القضاء أصبح طرفا مباشرا وأساسيا فى حماية الحقوق الجماعية للمواطنين والعمل على تصحيح أى أخطاء أو انحرافات قد ترتكبها السلطة التنفيذية مستقبلا بهدف إفساد أو تشويه صورة الحياة السياسية والحزبية التى نتمنى أن تصبح نظيفة وجميلة.

حل الحزب الوطنى قرار عادل ومنطقى لأسباب عدة، أهمها: 1- أنه حزب نشأ بقرار من رئيس الدولة وهو فى السلطة، ومن ثم فقد تحول منذ اللحظة الأولى إلى حزب الحاكم وأصبح إحدى أدواته فى إفساد الحياة السياسية، ولم يكن حزبا حاكما أتى بالرئيس إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع كما هو الحال فى النظم السياسية الطبيعية والمنضبطة. 2- أنه حزب حصل على معظم مقاره واستمد معظم موارده المادية والعينية من موارد وأصول مملوكة للدولة.

ولأن الموارد والأصول المملوكة للدولة ملك للشعب وليس للحاكم، خصوصا حين تكون مستمدة من ضرائب يدفعها المواطنون جميعا، فإن حصول الحزب الوطنى عليها بشكل تمييزى عن بقية الأحزاب، يعد فى حكم السرقة المجرمة قانونا. 3- ساعد وجود هذا الحزب على إفساد الحياة السياسية ومكن رئيس الدولة من إحكام قبضته على السلطة التشريعية من خلال انتخابات مزورة لصالح أعضائه فى الغالب الأعم.

حل الحزب الوطنى لا يعنى أن كل من التحق به يعد مواطنا غير صالح. فالواقع أنه يتعين التمييز بين القيادات والكوادر التى تورطت بشكل مباشر أو غير مباشر فى جرائم جنائية يعاقب عليها القانون، كجرائم التعذيب والقتل والاستيلاء على أموال وأراض مملوكة للدولة، وهؤلاء يتعين أن يعاقبوا بالحرمان من حقوقهم السياسية والمدنية لفترة من الزمن، وبين الأعضاء الذين لم يرتكبوا أى جرم ويحق لهم، من ثم، ممارسة كامل حقوقهم السياسية والمدنية، بما فى ذلك الحق فى تشكيل أحزاب جديدة أو الانخراط فى أحزاب قائمة.

وفى تقديرى أن الحكم القضائى الذى صدر بحل الحزب الوطنى يتعين أن يثير نقاشا حول مسألة مهمة وأساسية، ألا وهى حق السياسيين فى إنشاء أحزاب جديدة أثناء تواجدهم فى السلطة، سواء كانوا على مستوى رئيس الدولة أو رئيس الوزراء أو حتى الوزراء.

 ورغم أن الدساتير والقوانين المعمول بها فى معظم النظم الديمقراطية لا تمنع المسؤولين السياسيين من إنشاء وقيادة أحزاب جديدة أثناء تواجدهم فى السلطة، إلا أننى أعتقد أن للحالة المصرية خصوصيتها على ضوء تجربة التعددية السياسية التى قادها الرئيس اعتبارا من منتصف سبعينيات القرن الماضى. ولأنه من المؤكد أن قراره المنفرد عام 1978 بإنشاء حزب يقوده بنفسه، هو الحزب الوطنى الديمقراطى، كان هو البداية العملية فى عملية خنق التجربة التعددية برمتها. لذا ربما يكون من الملائم فى الوقت الحاضر أن نفكر جديا فى تضمين قانون الأحزاب السياسية فى مصر نصاً يحظر على المسؤولين السياسيين إنشاء أحزاب جديدة أثناء تواجدهم فى السلطة ولو لفترة عشر سنوات إلى أن تستقر العملية الديمقراطية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية