يواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، استخدام منافسته السابقة هيلاري كلينتون في حملته الانتخابية الرئاسية، وذلك بكشف مراسلات سرية محذوفة بينها وبين عدد من مساعديها ومسؤولين حول العالم عندما كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية الأمريكية في الفترة من 2009 إلى 2013 في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، ولكن المراسلات هذه المرة جاءت لتواصل فضح الدور القطري في دعم الإرهاب في المنطقة، وتمويله بكل الطرق الممكنة وكذلك كشفت عن دور المملكة العربية السعودية، التي وضعت مصلحة المنطقة العربية فوق علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية.
الرسائل الخاصة ببريد هيلاري كلينتون التي تم الموافقة عليها نشرها يبلغ عددها 35575 رسالة وعند النظر فيها بشكل سريع يبين مدى تدخل امريكا في الثورات العربية في تلك الفترة وكيف كانت قرارات حكومة أوباما.
لماذ تم كشف الستار عن مراسلات هيلاري كلينتون؟
أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عزمه على الإفراج عن المزيد من رسائل البريد الإلكتروني لوزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، والتي تثبت سوء استخدامها السلطة.
وقال في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز»: «سننشر هذه المعلومات حتى يتمكن الأمريكيون من رؤيتها.. نحن نقوم بذلك بأسرع ما يمكن. أعتقد تماما أننا سنرى المزيد قبل الانتخابات».
وأضاف: «الرسائل الإلكترونية في وزارة الخارجية، لكننا لم نتمكن من إخراجها، وهو أمر محزن جدا في الحقيقة».
وأعرب ترامب الخميس الماضي، عن استيائه لعدم نشر كلينتون الرسائل المحذوفة من بريدها الخاص، والتي قالت في عام 2015 إنها «كانت شخصية وخاصة».
ووجه انتقادات لاثنين من أقرب مساعديه هما بومبيو والمدعي العام وزير العدل بيل بار، قبل أقل من شهر على الانتخابات الرئاسية.
وفي مقابلة هاتفية مع «فوكس بيزنس» طالب ترامب الوزيرين بأن يتصرفا فيما يخص إدارة سلفه باراك أوباما.
وقال: «على بومبيو أن يجد وسيلة لنشر رسائل هيلاري كلينتون مرشحة الديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية السابقة عام 2016، وهو ما يطالب به نشطاء الجمهوريين الذين ينتقدون استخدامها خادما خاصا عندما كانت وزيرة للخارجية».
وكشفت المراسلات عن دور القيادة السعودية في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وكيف وضع مصالح المملكة وامنها القومي على المحك من أجل الدول العربية ومنها البحرين ومصر والعراق واليمن.
غزو العراق والموقف السعودي:
كما كشفت إيميلات هيلاري كلينتون المسربة عن موقف السعودية الداعم للعراق في ظل الغزو الأمريكي في ديسمبر 2002.
وتقول «كلينتون» في إحدى المراسلات المسربة: «السعوديون لم يعودوا يثقون بنا في أخذ مصالحهم بعين الاعتبار أو لحمايتهم من أعدائهم. بعد ما حدث ديسمبر ،2002 الولايات المتحدة عندما أرادت غزو العراق عارضت السعودية ذلك بشدة».
وأكدت الرسائل المسربة حادثة إغلاق وزير الخارجية السعودي السابق الراحل الأمير سعود الفيصل الهاتف في وجه كلينتون بعد طلبها من الرياض عدم إرسال قوات سعودية إلى البحرين عام 2011.
وتشمل التسريبات اتصال يجمع هيلاري بـ«عادل الجبير» وزير الخارجية الأسبق وسألته: لماذا أنتم ذاهبون إلى البحرين؟ ورد الجبير: لتقديم الدعم المعنوي وعقبت هيلاري: بتدخلكم هذا تعرضون علاقات أمريكا والسعودية لأزمة فرد عليها الجبير قائلا: قواتنا على الجسر سوف ندخل اليوم.
ومن أبرز ما قالته هيلاري في رسائل البريد الإلكتروني المسربة عن السعودية، إن مجتمع السعودية هو المجتمع الوحيد على هذا الكوكب الذي لم يخترقه الاستعمار الغربي، ولم تخترق أي جيوش أوروبية حدودها ولم تُنتهك، لا من المبشرين ولا من التجار، في إشارة منها إلى قوة وصلابة المجتمع الذي مازال يحافظ على عاداته وتقاليده التي من الصعب اختراقها بسهولة.
وجاء في بريد إلكتروني لهيلاري كلينتون، في رسالة موجهة إليها من تشارلز دبليو السفير الأمريكي الحديث آنذاك في السعودية: «المجتمع السعودي هو الوحيد على هذا الكوكب الذي لم يخترقه الاستعمار الغربي ولم تخترق أي جيوش أوروبية، كما أن حدودها لم تُنتهك لا من المبشرين ولا من التجار».
تواصل كشف دور النظام القطري المشبوه:
كما تواصلت فضائح النظام القطري، فقد كشفت أحد الإيميلات المسربة والمؤرخ في سبتمبر 2012 عن تعاون قطري مع تنظيم الإخوان، لإنشاء قناة إعلامية باستثمارات تبلغ 100 مليون دولار، وجاء هذا المشروع بعد أن اشتكت جماعة الإخوان من ضعف مؤسساتها الإعلامية مقارنة بالمؤسسات الإعلامية الأخرى، حسبما كشفت المراسلات
وأضافت الوثيقة المسربة أن الجماعة اشترطت على قطر أن يتولى القيادي الإخواني، خيرت الشاطر، إدارة القناة، وأن يكون مشرفا مباشرا على المؤسسة وسوف تكون البداية قناة إخبارية مع صحيفة مستقلة تدعم الإخوان، لكن لم تكشف مراسلات أخرى عن مصير المشروع وتفاصيله النهائية، وأين وصل.
وأشارت الرسائل إلى أن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة آثرت خلال زيارة إلى الدوحة الالتقاء بالعديد من قيادات شبكة «قناة الجزيرة»، والحديث معهم لساعات على زيارة قاعدة العديد العسكرية الأمريكية في قطر.
وكشفت الوثائق أن هيلاري أجرت زيارة إلى الشبكة القطرية في مايو 2012 وغادرتها مساء الثاني من مايو، وتضمن برنامج زيارة الوزيرة الأمريكية اجتماع خاص في فندق «فور سيزونز» مع «الجزيرة» القطرية، وضاح خنفر والمدير العام لقناة الجزيرة الناطقة باللغة الإنجليزية، توني بورمان، ثم لقاء مع أعضاء مجلس إدارة الجزيرة وكان في مقر القناة، شاركت فيه القيادة القطرية للشبكة، وتضمنت المناقشات زيارة وفد الجزيرة إلى واشنطن في منتصف مايو، واختتمت هذه الاجتماعات بلقاء مع رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم آل ثاني، الذي يعد صاحب السلطة المطلقة في قناة «الجزيرة».
صندوق الاستثمار المصري في عهد الإخوان:
كما كشفت إحدى الوثائق المسربة من البريد الإلكتروني لكلينتون محادثة بيها وبين رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم حول ما سمي بصندوق الاستثمار المصري الأمريكي وطلب مشاركة قطر في الصندوق، حيث أبدت قطر قدرا من الرغبة في ذلك، ليكون زريعة للتدخل في الشأن المصري.
وتقول الوثيقة إن واشنطن نفذت صندوق الاستثمار المصري الأمريكي ومثله في تونس تحت مسمى توفير فرص العمل والمساهمة في توسيع قطاع الأعمال التجارية الصغيرة من خلال زيادة الوصول إلى رأس المال وتعزيز القطاع الخاص، ولكن كان هذا ضمن لعبة كبرى وصفقة بين الإدارة الأمريكية وقتها وقطر للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط.
وذكرت الوثيقة أنه تم إطلاق صندوق الاستثمار المصري الأمريكي في البداية بمبلغ 60 مليون دولار، وأعلنت قطر عن حزمة مساعدات بقيمة 2 مليار دولار لمصر، لكن الوثيقة كشفت عن رغبة قطر في التدخل في الشأن المصري وكذلك الشأن التونسي عبر المال بدعم جماعة الإخوان المسلمين في البلدين، خلال الأحداث التي شهدتها دول عديدة بالمنطقة ومنها مصر وتونس عام 2011.
وفي 2016، لم تنكر مؤسسة كلينتون أنها قبلت هدية قيمتها مليون دولار من قطر أثناء عمل هيلاري كلينتون وزيرة للخارجية الأمريكية دون إخطار وزارة الخارجية حتى على الرغم من تعهدها بالسماح بمراجعة التبرعات الجديدة من الحكومات الأجنبية.
وقتها تم الكشف عن أن المسؤولين القطريين تعهدوا بتقديم هذا المبلغ في 2011 بمناسبة عيد ميلاد بيل كلينتون الخامس والستين وسعوا للقاء الرئيس الأمريكي السابق بشكل شخصي في السنة التالية لتقديم الشيك له، وذلك وفقا لرسالة عبر البريد الالكتروني من مسؤول بالمؤسسة إلى جون بوديستا رئيس الحملة الرئاسية لكلينتون.
لكن، وفقا للتسريبات الجديدة، يبدو أن المبالغ التي أودعتها قطر في خزينة مؤسسة كلينتون كانت جزءا من صفقة كبرى لصالح تمويل مخطط الربيع العربي وإحراق الشرق الأوسط بأعمال عنف وإرهاب، وهذا ما تبين فيما بعد بتتبع الأحداث وما آلت إليه الأوضاع في الدول التي استهدفها الربيع العربي.
وكشفت إحدى الرسائل النقاب عن أن الحكومة القطرية فتحت أبوابها لعناصر لها علاقة بأعمال ومخططات إرهابية من خلال إنشاء مؤسسة إعلامية مشتركة بين جماعة الإخوان والدوحة بقيمة 100 مليون دولار، بدت أهدافها لخدمة الجانبين وخاصة بعد مرحلة وصول الجماعة إلى سدة الحكم في مصر.
الملف الليبي:
كشفت إحدى رسائل بريد هيلار المسربة، مرسلة لها من قبل سيدني بلومينثال، مساعد سابق للرئيس بيل كلينتون ومقرب منها بتاريخ الجمعة 4 يناير 2013، بعنوان :«مهم للغاية! التقرير الدولي الشامل حول ليبيا».
وفي حديثه بشرط السرية المطلقة، صرح مصدر مطلع على مكتب الرئيس أنه أواخر ديسمبر 2012، اتفق المقريف وزيدان على أنه يجب عليهما التحرك بسرعة للتعامل مع هذه القضايا الإشكالية، قبل أن يتمكنا من معالجة استراتيجيتهما طويلة المدى لتطوير علاقات دبلوماسية وتجارية مثمرة مع الدول المجاورة لليبيا في شمال إفريقيا وأوروبا الغربية والولايات المتحدة.
وفى تعليق من قبل المصدر حول العلاقة بينهما يقول، أن زيدان والمقريف غالبًا ما يختلفان حول الآليات المستخدمة في بسط سلطة الحكومة، فإنهما يبذلان جهودًا منسقة لتجنب السماح لخلافاتهما السياسية بتعقيد جهودهما في حكم البلاد.