x

قبل مناظرة بنس وهاريس.. تعرف على الدور التاريخي لنائب رئيس أمريكا

الأربعاء 07-10-2020 22:23 | كتب: منة خلف |
تصوير : آخرون

تتوجه أنظار الأمريكيين والعالم إلى المناظرة التي ستجرى مساء اليوم الأربعاء بين نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، وكمالا هاريس الديمقراطية المرشحة لمنصب نائبة الرئيس، وسط اهتمام ملحوظ وغير مسبوق، لأنه عادة لا يعير المهتمون بالانتخابات الأمريكية اهتماما للمناظرة بين المرشحين لمنصب النائب، ولكن الظروف الاستثنائية التي تجري فيها هذه الانتخابات جعلتها محط الأنظار، لمن يريد قياس قوة كل فريق.

فبعدما أصيب الرئيس بمرض كوفيد-19 انتبه الأمريكيون إلى أن أماهم مرشحان هما الأكبر سنا في تاريخ الولايات المتحدة. ومن هنا جاءت أهمية من سيخلف الرئيس إذا حدث له مانع. وعلى كل مرشح لمنصب النائب إثبات استعداده لتولي المسؤولية الكبرى.

أهمية منصب نائب الرئيس الأمريكي تطورت عبر الزمن وتعاقب الرؤساء، فتاريخ هذا المنصب وبدايته ليست كما هو عليه حاليا، فما هو المنظور التاريخي لتطور دور نائب رئيس الولايات المتحدة، وما هي الالتزامات التي يتحملها نائب الرئيس، وكيف تطورت تلك الوظيفة في التاريخ الحديث ليصبح النائب مستشارا حقيقيا وسببا هاما في نجاح ولاية الرئيس.

يشرح لنا هذا الأمر الباحث في الشأن الأمريكي، جويل جولدشتاين، وهو أيضا أستاذ فخري للقانون في كلية الحقوق بجامعة سانت لويس، وباحث في منصب نائب الرئيس والرئاسة والقانون الدستوري، وله العديد من الكتابات في تلك الاختصاصات.

تعليق الصورة: البحاث الأمريكي جويل جولدشتاين

يمنح الدستور الأمريكي نائب الرئيس دورين أساسيين، وهما أن يكون نائب الرئيس رئيسا لمجلس الشيوخ، وأن يكون الأول في تسلسل الخلافة الرئاسية،

بالنسبة لمعظم القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، كان نائب الرئيس مسؤولًا تشريعيًا بالدرجة الأولى. حيث أمضى نواب الرئيس من جون آدامز، نائب الرئيس الأول في أمريكا، وصولا إلى ألفين باركلي، الذي كان نائب الرئيس هاري ترومان من عام 1945 إلى عام 1953، معظم وقتهم في رئاسة مجلس الشيوخ، ولم يقوموا بأي عمل في الشق التنفيذي.

نواب الرئيس خلال هذه الفترة، تم اختيارهم عادةً من قبل قادة الأحزاب سواء الجمهوري أو الديمقراطي، في تذكر الحزب الترشيحية، وكان لمرشحي الرئاسة تأثير ضئيل أو معدوم في اختيار نوابهم الذين سيخوضون معهم المنافسة.

نتيجة لهذا العامل، غالبًا ما لم يكن الرئيس ونائبه متوافقين، سواء على المستوى الشخصي أو السياسي. لم تكن هناك روابط ولاء بينهما. وفي كثير من الأحيان كانوا يمثلون وجهات نظر أيديولوجية مختلفة. ومنذ القرن التاسع عشر وحتى النصف الأول من القرن العشرين، كان العديد من نواب الرئيس شخصيات غير مميزة إلى حد كبير.

كان العديد من نواب الرئيس الذين تم اختيارهم في حالة صحية سيئة عندما تم اختيارهم. منذ عام 1812، عندما كان جيمس ماديسون الرئيس الأمريكي الرابع، حتى عام 1912، عندما كان ويليام هوارد تافت الرئيس السابع والعشرون، توفي سبعة من نواب الرئيس الذين تم اختيارهم خلال تلك الفترة في مناصبهم.

كما أن العديد من نواب الرئيس الذين تم اختيارهم في تلك الفترة كانت لديهم أوراق اعتماد متواضعة للغاية. لم يكن تشيستر آرثر الذي كان نائبا للرئيس العشرين جيمس جارفيلد، الذي تم اغتياله وقام آرثر بتولي الحكم من بعده، لم يكن آرثر قد شغل منصبًا أعلى من منصب جامع الجمارك في ميناء نيويورك، حتى أنه قد تم فصله من هذا المنصب.

تعليق الصورة: تشيستر آرثر

لم يكن يُنظر إلى منصب نائب الرئيس على أنه منصب جذاب لشخص طموح سياسيًا. عندما عرضت على دانيال ويبستر، الذي كان أحد أعظم رجال الدولة الأمريكية في الفترة الأولى من القرن التاسع عشر، وعضو مجلس الشيوخ السابق عن ولاية ماساتشوستس ووزير الخارجية؛ الفرصة ليكون نائب الرئيس على التذكرة الانتخابية في عام 1848 مع زاكاري تايلور، رفض قائلاً: «لا أحبذ أن أُدفن حيا حتى أموت».

تعليق الصورة: دانيال ويبستر

وفي أربع مرات في القرن التاسع عشر، تم تصعيد نواب الرئيس لمنصب الرئيس بعد وفاته، لكن في أي من هذه الحالات لم يتم انتخاب نائب الرئيس، أو حتى ترشيحه.

نائب الرئيس خلال هذه الفترة، حتى أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، كان إلى حد كبير طريقًا مسدودًا سياسيًا. لم يُنظر إليه على أنه نقطة انطلاق إلى الرئاسة.

بدأ هذا يتغير في القرن العشرين، وخاصة مع نائب الرئيس ريتشارد نيكسون في عام 1953، ففي منتصف القرن العشرين، انتقل نائب الرئيس من الفرع التشريعي إلى الفرع التنفيذي.

تعليق الصورة: ريتشارد نيكسون

نائب الرئيس نيكسون هو النائب الأول للرئيس الذي قضى القليل من الوقت في رئاسة مجلس الشيوخ، وبدلا من ذلك أمضى كثيرا من وقته في تولي مهام من الرئيس دوايت ايزنهاور.

كان سبب التغيير الذي بدأ مع نيكسون مرتبطًا بالفعل بتغييرات أكبر في الحياة الأمريكية. من صفقات جديدة والحرب العالمية الثانية، حينها أصبحت الحكومة الوطنية أكثر أهمية، أصبحت الرئاسة أكثر أهمية في ظل الحرب الباردة. أصبح من المهم للولايات المتحدة أن تنافس الاتحاد السوفييتي على النفوذ في الخارج في عصر الطاقة الذرية.

أصبح من المهم أن يكون خليفة الرئاسة شخصًا مطلعًا ومُفكرًا جيدًا. تغيرت التكنولوجيا أيضًا، مما خلق إمكانيات للسفر إلى الخارج، وللتعرض لوسائل الإعلام، وما إلى ذلك.

لذلك، بدءًا من نائب الرئيس نيكسون، أصبح لمنصب النائب رونقا لكونه مستشارًا رئاسيًا ومن حين لآخر يحضر اجتماعات الأمن القومي والاجتماعات الأخرى أحيانًا في البيت الأبيض.

استخدم الرئيس أيزنهاور نائب الرئيس نيكسون كمبعوث أجنبي، وأرسله في رحلات دولية، استمرت أحيانا لشهر أو شهرين.

بداية من منصب نائب الرئيس نيكسون، أصبح نائب الرئيس أفضل نقطة انطلاق رئاسية في الحياة الأمريكية، في حين أنه قبل نيكسون، لم يكن نواب الرئيس عادة في نهاية المطاف مرشحين للرئاسة، بدءًا من نيكسون بدأوا في فعل ذلك.

استمر هذا النموذج الجديد لنائب الرئيس الذي يعمل في الفرع التنفيذي والذي بدأ مع نائب الرئيس نيكسون، إلى نائب الرئيس نيلسون روكفلر، الذي كان نائب جيرالد فورد من عام 1974 إلى 1977.

ولكن على الرغم من أن نواب الرئيس خلال هذه الفترة عملوا في الفرع التنفيذي، إلا أنهم كانوا يشعرون بالتهميش من بعض القضايا داخل البيت الأبيض، حيث كان يتم استدعاءهم لقضايا ويتم إقصاءهم من قضايا.

هذا الأمر تغير مع مجئ الرئيس جيمي كارتر، ونائبه والتر مونديل، خلال الفترة من 1976 إلى 1977.

تعليق الصورة: جيمي كارتر

في إدارة كارتر، تم إدخال نائب الرئيس إلى البيت الأبيض، وأصبح نائب الرئيس مونديل جزءًا من الدائرة المقربة من الرئيس كارتر.

في هذا النموذج الجديد الذي أسماه الباحث جويل جولشتاين بـ«نائب رئيس البيت الأبيض»، والذي بدأ مع الرئيس كارتر ونائبه مونديل، تم اتباعه منذ ذلك الحين. مع بعض الاختلافات كانت في غالبية الأمر اختلافات حزبية من قبل الإدارات التي اتبعت خلال الـ 44 سنة الماضية.

تعليق الصور: والتر مونديل

نواب الرئيس، بدءًا من نائب الرئيس مونديل، تم منحهم تداخلات واسعة النطاق مع مهام الرئيس؛ ما بين الحق في حضور الاجتماعات في جدول اجتماعات الرئيس؛ والحق في مقابلة الرئيس على انفراد اسبوعيا وأحيانا يوميا، والحق في الاطلاع على المذكرات والإيجازات التي يتلقاها الرئيس، والحصول على الدعم من الرئيس.

نائب الرئيس مونديل، خلال فترة ولايته من 1977 إلى 1981، عمل كمستشار عام شامل للرئيس كارتر، وأسندت إليه مهام رفيعة المستوى.

في بداية الولاية الرئاسية، أرسله الرئيس كارتر للقاء حلفاء الولايات المتحدة البارزين في جميع أنحاء العالم كوسيلة للدلالة على أهمية نائب الرئيس مونديل.

شارك لاحقًا في بعثات دبلوماسية مهمة. التقى بزعيم جنوب إفريقيا جون فورستر في مايو 1977، وفي ذلك الوقت ألقى رسالة مفادها أن الولايات المتحدة لن تقبل الفصل العنصري.

كما أنه ألقى خطابًا في اتفاقية جنيف للأمم المتحدة في يوليو عام 1979، حيث حث العالم على اتخاذ إجراءات لحماية لاجئي القوارب في جنوب شرق آسيا.

قام برحلة مهمة إلى الصين ساعدت في تطبيع العلاقات بين الولايات المتحدة والصين. شغل منصب مستشار تشريعي مهم. قدم النصيحة للرئيس كارتر، وفي كثير من الأحيان كان يقدم نصائح للرئيس كارتر في قضايا جدلية.

نواب الرئيس الآخرون تبعوا هذا الدور بشكل أساسي. في اليوم الذي تم تنصيب رونالد ريجان رئيسا وجورج بوش الأب نائبا له. قال بوش حينها: «أعتقد أن نموذج مونديل لمنصب نائب الرئيس هو نموذج جيد».

تعليق الصورة: ريجان وبوش الأب

نائب الرئيس بوش كان لديه إمكانية وصول وتأثير واسعة على الرئيس ريجان. تولى عدد من المهمات في الخارج، كان مستشارا مقربا، واستطاعا أن يطورا علاقة وثيقة للغاية، حتى نجح نائب الرئيس بوش في انتخابه لخلافة الرئيس ريجان في نهاية فترتي ولايته.

وعندما أصبح الرئيس، أنشأ بوش نفس العلاقة الوثيقة مع نائبه دان كويل. ثم تبعت العلاقة نفسها مع بيل كلينتون ونائبه آل جور، وبين بوش الابن ونائبه ديك تشيني، والرئيس أوباما ونائبه جو بايدن، والرئيس ترامب ونائبه مايك بنس.

تعليق الصورة: أوباما وبايدن

بالطبع كانت هناك اختلافات بناءً على العلاقات بين الرئيس ونائبه في أسلوب الرئيس في صنع القرار، واحتياجات الرئيس، لكنهم جميعًا اتبعوا هذا الدور الأساسي المتمثل في معاملة نائب الرئيس كمستشار رفيع المستوى ومصلح القضايا الصعبة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية