شارك الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، في الندوة العلمية الدولية التي نظمتها جامعة الملك فيصل بدولة تشاد بالتعاون مع منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، عن «جهود الشيخ عبدالله بن بيه في تعزيز السلم بمنطقة الساحل» بحضور كوكبة من علماء العالم الإسلامي، وذلك لمناقشة كيفية مواجهة الغلو والتطرف والأفكار الهدامة في المجتمعات الإسلامية والتي تسببت في التدهور الأمني والاقتصادي للدول.
وقال الدكتور الخشت، خلال الكلمة الافتتاحية بالندوة الدولية :«أيها العلماء الأجلاء.. إن السلام هو من أهم المقاصد التي يقوم عليها الدين، والله هو السلام وهو المحبة..وإذا كانت أرض الله تتسع للجميع، وسماوته تظلل الجميع، والله هو رب العالمين، فإن الله رب المؤمن والكافر، ورب الصالح والفاسق، ورب الأبيض والأصفر والأسود».
وأضاف الدكتور الخشت :«إنه بدون تغيير العقول المغلقة وطريقة المتعصبين في التفكير فلن نستطيع أن نجعل إنسانا متسامحا وهو يعتقد أنه يملك الحقيقة المطلقة ويجزم بأن الآخرين على باطل، ولن تستطيع بث أفكار عقل مفتوح في عقل مغلق، لأن العقل المغلق ليس مجهزا لاستقبالها مثلما أن التلفاز الأبيض والأسود ليس مجهزا لاستقبال محطات البث الفضائي HD.
وأكد الدكتور الخشت، أنه لابد من العمل على تغيير رؤية العالم وتجديد فهم العقائد في الأديان، مشيراً إلى أن الأمة اليوم في حالة عدم توافق مع التاريخ والعصر على حساب التنمية الروحية والمادية والنفسية والإنسانية والاقتصادية؛ مما أفقدها الانسجام الضروري بين الضمير الديني والأخلاقي والواقع الإنساني المعاصر، فلم تستطع المواءمة بين كلي الزمان وكلي الشرائع والإيمان.
وأوضح الدكتور الخشت، أن كلي الزمان يتمثل في الحريات بأنواعها وأصنافها – حرية اللسان وحرية الأركان والمساواة بين الرجل والمرأة ومتطلبات حقوق الإنسان، أما كلي الشرائع والإيمان، فإنه يلتزم بالمحافظة على الأديان والأبدان والمال والنسل والعقل؛ ولذلك فإن هذه الأمة بحاجة ماسة لمراجعة مضامين شريعتها في كليها وجزئيها؛ لتعيش زمانها في يسر من أمرها، وسلاسة في حياتها، في مزاوجة بين مراعاة المصالح الحقة ونصوص الوحي الأزلية.
وأشار الدكتور الخشت، إلى أنه من هنا فإننا شركاء في الدعوة إلى تأسيس عصر ديني جديد بالعودة إلى القرآن الكريم والسنة الصحيحة، والعودة إلى الدين في نقائه الأصلي قبل أن تفترق الفرق، وقبل أن تنشأ المذاهب، عصر ديني تعلو فيه راية الانتماء إلى الإسلام فوق رايات الانتماء إلى الفرق والمذاهب، مضيفا «نحن مسلمون فقط، والله سوف يحاسبنا عن الانتماء للإسلام وليس عن الانتماء للمذاهب والفرق، ولن يسألني ربي عما إذا كنت أشعريا أو معتزليا أو شيعيا أو ماتريديا، بل سوف نُسأل جميعا: ما ربك؟ ما دينك؟».
وشدد الدكتور الخشت، أن الإسلام المنسي الذي نعرفه والذي نرجو أن يعود حتى تتراجع دعوات العنف والتعصب والإرهاب، ويعود التسامح كقيمة عليا تتوحد الإنسانية حولها تأكيدًا لقوانين الله في الطبيعة القائمة على التعددية والتنوع، سواء في الجمادات أو النباتات أو الكائنات الحية أو الألوان أو الأعراق أو الثقافات، وأنه بقدر ما في الكون من تعددية يكون اتساع عظمة الخلق الإلهي، وبقدر ما في الوجود من تنويعات لا حصر لها يكون تنوع إبداع الألوهية اللامتناهي.