يعد الثالث من أكتوبر من كل عام هو العيد القومى الرسمى لمحافظة الوادى الجديد، حيث لم يشعر أهالي الواحات بقيام ثورة 23 يوليو 1952، إلا بعد إعلان الزعيم الراحل جمال عبدالناصر في 23 ديسمبر1958 إنشاء واد جديد موازياً لوادي النيل بالصحراء الغربية وتكليف وزارة الحربية بتنفيذ المشروع.
ووصلت أول قافلة للتعمير من سلاح المهندسين المصري مساء يوم 3 أكتوبر عام 1959، لتحدث طفرة حقيقية بكل من واحتى الخارجة والداخلة والمرافق والخدمات التي كانت تعمل في هذه الفترة.
«المصرى اليوم» التقت إبراهيم خليل الراصد لتاريخ الواحات، الذي قال إن الادارة المحلية لم تدخل الواحات فعليا إلا عام 1961عندما وصل اول محافظ مدني اللواء/ أنور عبدالحليم البارودي ليتسلم مهامه كمحافظ للوادي الجديد بعدما كانت عبارة محافظة حدودية تتبع وزارة الحربية والبحرية ويديرها سلاح الحدود المصري ويترأسها محافظ برتبة قائمقام وتشمل مركزين إداريين مركز الخارجة ومركز الداخلة ويرأس كل مركز ضابط جيش برتبة يوزباشي ومعه مجموعة من الجنود لا يزيد عددهم في كل مركز عن عشرين ويتبع مقر المحافظ مجموعة من الجنود يرأسهم فرد برتبة (صول) وحملة بها سيارة فورد صالون للمحافظ وسيارة جيش بالمحافظة.
وأوضح أن المدارس التي كانت موجودة في هذة الفترة هي مدرسة حرة والتي مسماها الحالي ( مدارس خاصة ) هي مدرسة الشيخ بحر ويقتصر التعليم فيها على تعلم الحروف الهجائية والحساب وتوقفت بعد عام 1959 ،ومدرسة أولية ( ابتدائية ) وكان مسماها (مدرسة الحكومة ) والتي تقع بميدان الشعلة حاليا وكانت منقسمة إلى مدرستين ( مدرسة للبنين وأخري للبنات بالخارجة وتخدم كل مركز الخارجة ،ومدرسة أولية (ابتدائية ) بموط بالداخلة بالداخلة وتخدم كل قري مركز الداخلة ،ومدرسة إعدادية (مدرسة الخارجة الاعدادية المشتركة ) نهايتها المرحلة الاعدادية وتخدم الخارجة والداخلة وكانت تتبع منطقة قنا التعليمية.
وكل هذه المدارس أنشأها سلاح الحدود (الأشغال العسكرية)، وما بعد ذلك كان يذهب من يريد الاستمرار في التعليم إلى أسيوط وكانت المدرسة الثانوية المخصصة لتعليم أبناء الواحات هي مد رسة ساحل سليم الثانوية وبها قسم داخلي لابناء الواحات والقادمين من السودان والصومال. هذا هو الحال عن التعليم حتي بداية الستينيات ودخول الادارة المحلية وانشاء مديرية للتعليم بالوادي الجديد.
وعن قطاع الصحة أكد «خليل» أنه منذ عام 1924 وتسلم سلاح الحدود المصري إدارة هذه المحافظة بدأ في إنشاء مستشفيات إحدهما بالخارجة والثاني بالداخلة ويتبعان إدارة طب الحدود وبكل مستشفي طبيب واحد يعالج المرضي في كل التخصصات وبكل مستشفي صيدلية (أجزخانة) يقوم الطبيب بتركيب الادوية وصرف العلاج منها وفي حالة سفره في اجازاته تبقي المستشفي خالية من الطبيب حتي عودته وبكل مستشفي بالخارجة والداخلة سيارة تعمل مع الطبيب في المرور الدوري على قري كل مركز.
واستمر الحال على هذا المنوال حتي بداية العمل بالادارة المحلية والبدء في انشاء المستشفيات العامة والمركزية والوحدات الصحية.
وأشار إلى أنه لم يكن بالواحات سوي مكتب ضمان اجتماعي يتبع منطقة قنا ويوجد به موظف واحد يعمل على صرف الضمان الاجتماعي للمستحقين حتي إنشاء مديرية الشؤون الاجتماعية بالوادي الجديد مع إنتقال المحافظة للإدارة المحلية.
وأضاف أنه كانت بالواحات الخارجة محكمة شرعية وأخري بالداخلة يرأسها قاضي شرعي للأحكام والقضايا الشرعية فقط
وعن الآبار والزراعة استطرد «خليل» أنه كانت الآبار والعيون جميعها ملكاً للمواطنين يقومون بحفرها وتفجيرها بمعرفتهم بالخارجة والداخلة وكانت امتداداً للعيون التي طمست من العصر الرومانى.
وكانت الادارة المصرية المشرفة على تصاريح الحفر أو التطهير هي إدارة رى الصحارى والتى قامت بدورها بحفر ثلاثة آبار في الخارجة والداخلة وهى (عين الفاروقية وعين الجمهورية بالخارجة وعين الجمهورية بالداخلة ) وبعد ذلك ألغيت هذه الادارة وتحولت أعمال الرى إلى إدارة المياه الجوفية بتعمير الصحارى.
ولفت إلى أنه قبل إنشاء محافظة الوادي الجديد وتحويلها إلى الإدارة المحلية كانت لا توجد إدارة مختصة بالزراعة وفقط كانت توجد وحدة للبساتين تتبع المحافظة إلى أن تم إنشاء مديرية للزراعة والطب البيطري بالوادي الجديد.
وأوضح أن الأمن في الواحات كان يتمثل في العمد في المدن والقري الكبيرة والمشايخ في العزب للقري وكان كل عمدة يتبعه عدد من الغفراء وهم المسؤولون عن استقرار الأمن داخل هذه التجمعات. ولم تدخل الكهرباء بيوت المواطنين إلا بعد إنشاء أول محطة كهرباء في منتصف الستينات في مدينة الخارجة والداخلة بعدها بخمسة سنوات وكانت الإنارة في مدينة الخارجة في الشوارع فقط عن طريق أعمدة معلق عليها جلوب يتم إضاءته ليلاً بالمرور على الأعمدة بعامل مختص بتزويده بالكيروسين وإشعاله.
وأكد الراصد الواحاتى أن الطرق والمواصلات كانت من أبرز المشكلات التي واجهت الواحات قديما فحتى عام 1961 كانت المحافظة منعزلة تماماً عن مصر ولا توجد بها طرق ممهدة أو مرصوفة تربطها بمحافظات مصر والأخرى وأقربها أسيوط وكانت يعتمد على إنتقالات المواطنين ونقل البضائع سواء من وإلى المحافظة عن طريق قطار صغير (دلتا) نفذته شركة إنجليزية من أجل البحث عن المعاون بالواحات وكان ذلك عام 1910 ميلادية ووصلت بهذا الخط الحديدى إلى قرية الشركة (55) وهذا الأسم مأخوذاً عن الشركة الإنجليزية نفسها أما الرقم فكان لبئر قامت بحفره الشركة لزراعة المحاصيل الزراعية والخضروات لتوفير المعيشة لعمالها الذين أحضرتهم للعمل معها في مد الخط الحديدى من مديرية قنا بداية من شمال فرشوط التابعة لنجع حمادى وحتى الخارجة ثم إمتداده إلى كيلو 30 بطريق الداخلة.
ثم توقفت الشركة وأفلست وباعت هذا الخط والقطار للحكومة المصرية التي قامت بتشغيله لخدمة أهالى الواحات وكان خط سيره من رصيف على السكة الحديد طريق القاهرة أسوان بمحطة سميت (مواصلة الواحات) وتنتهى في شمال مدينة الخارجة وعلى بعد كيلو ونصف من مدينة الخارجة القديمة وكان مقر المحطة (النادى الإجتماعى للمحافظة الآن ).
وما زالت مبانى السكة الحديد وعربة بضاعة موجودة داخل النادى حتى الآن وكانت مدة السفر من الخارجة إلى مواصلة الواحات من 10 إلى 12 ساعة سواءً في الذهاب أو العودة وكان القطار يعمل رحلة واحدة في الأسبوع يحضر إلى الخارجة مساء الثلاثاء ويقوم صباحاً إلى وادى النيل صباح الأربعاء من كل أسبوع ولا توجد أية مواصلات أخرى غير ذلك.
أما مواطنى الداخلة فكانوا يحضرون إلى الخارجة بالسفر بهذا القطار عن طريق سيارات لورى من مخلفات الجيش الإنجليزى والتى أشتراها عمد الداخلة من ورش السبتية بالقاهرة وتم تشغيلها لنقل المواطنين من الداخلة إلى الخارجة وكانت الرحلة تستغرق ما يزيد على أربعة وعشرين ساعة في طريق غير ممهد ومعاناه شديدة من غرز السيارات في الرمال مرات عديدة وتزول الركاب ووضع الصاج تحت العجلات وتحريك السيارة ثم الركوب مرة أخرى ويتكرر ذلك أكثر من عشرات مرات خلال الرحلة هذا بالإضافة إلى أن الركاب سواء رجال أو سيدات أو أطفال موجدين بصندوق اللورى ومعهم برميل ملئ بالمياه وآخر بنزين وعجول وبقرات لنقلها إلى الخارجة حيث كان الاعتماد على الثروة الحيوانية لتوفير اللحوم للخارجة من الداخلة.
واستمر الحال على ذلك حتى تم رصف طريق أسيوط الوادى الجديد والذى تم أفتتاحه في 15 يناير 1961وتم تشغيل خط الأتوبيس على هذا الطريق في 25 يناير 1961 وفى نفس اليوم سافر آخر قطار سكة حديد وأعلن عن وقف تشغيله وكانت هذه الأتوبيسات تتبع هيئة النقل البرى.
ثم تلاه افتتاح طريق الخارجة / الداخلة بعد رصفه في 16 نوفمبر 1962 وتم تسيير أول سيارة أتوبيس للداخلة وفى 25 مارس 63 تم إفتتاح طريق الخارجة باريس بعد رصفه.
وأوضح أنه مع استلام مصلحة الحدود أعمال الإدارة لهذه المحافظة عملت على تشغيل تليفون لا سلكى ممتداً مع خطة السكة الحديد ومتصل بسنترال نجع حمادى وخط آخر خاص بالسكة الحديد لسلامة تشغيل القطار
كما قامت مصلحة الحدود بمد خطوط تليفون سلكية هوائية على أعمدة ما بين الخارجة والداخلة إلى مركز الداخلة (الذى يوجد به مأمور عسكرى ) من سلاح الحدود ثم مد خط داخلى يربط بين كل القرى متصل بالمركز وعند التحدث يرد جميع مقار العمد ويطلب المتحدث من يريده ويسمع الجميع الحديث الدائر بين المتحدث الرئيسى والمطلوب الحديث معه وكذلك مد خط آخر من الخارجة إلى باريس ويشمل عمد جناح وبولاق وباريس والخارجة والمقر الرئيسى للخط (مركز الخارجة ) والمركز على إتصال بخط مع سويتش المحافظة التي يوجد بمقرها المحافظ أما الإتصال بإدارة مصلحة الحدود فتم عن طريق أجهزة لاسلكى بالخارجة والداخلة وإعطاء تمام كل ساعتين أو الفتح مع المصلحة عند الضرورة بتعليمات المحافظ
أما المكالمات المدنية الخاصة بالمواطنين والتى عن طريق سنترال نجع حمادى سواء من الداخلة أو الخارجة فحدث ولا حرج وكانت تتم بالانتظار لأكثر من ثلاث أوأ ربع ساعات، تمت وكان هذا هو الحال حتى دخول المحافظة للإدارة المحلية وإفتتاح سنترال يدوى بالخارجة متصلاً بأسيوط بعد مد خطوط سلكية عن طريق هذا السنترال من الخارجة مع تحديد ساعات معينة للعمل على هذا الخط من الداخلة واستمر الحال حتى تحول إلى سنترال أوتوماتيكى بالقرص وفى يوم 26 مايو 1980 تم تشغيل السنترال الآلى بقدره 800 بمدينه الخارجة.
وعن الثقافة والفنون بالواحات قال «خليل» إن وزارة الثقافة لم تدخل إلى الوادى الجديد حتى نهاية عام 1969، حيث حضور مندوبان من الثقافة الجماهيرية (سعد كامل – سعيد عزت) لدراسة تشغيل قصر ثقافة يخدم محافظة الوادى الجديد وبالتعاون مع المحافظة تم تشغيل قصر ثقافة الوادى الجديد المقام حالياً والذى كان عبارة عن مسرح (هنجر صاج) داخله مجموعة كراسى مصنعة بورش هيئة تعمير الصحارى وخشبة مسرح مكونة من أرضيات خشبيات الخيام وعدد(2) كشك خشبى وكان هذا المكان يطلق عليه أسم مسرح الأتحاد الإشتراكى وحدة تعمير الصحارى ،وبعد حرب 73 بدأت الثقافة الجماهيرية في هدم الأكشاك الخشبية وهنجر الصاج وتشييد مبانى القصر الذي عليه حتى الآن.