x

ملفات شائكة وحل فرنسي لم يعد كافيًا.. هل يتحمل لبنان المزيد من التجاذب؟

الثلاثاء 29-09-2020 20:02 | كتب: إنجي عبد الوهاب |
ميشيل عون وماكرون يبحثان إنهاء الأزمة وتشكيل حكومة لبنانية  - صورة أرشيفية ميشيل عون وماكرون يبحثان إنهاء الأزمة وتشكيل حكومة لبنانية - صورة أرشيفية تصوير : آخرون

مؤتمر صحفي خصصه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الأحد، للحديث فقط عن خطورة الوضع اللبناني في يوم العطلة، ولهجة قاسية وعالية النبرة وجهها لفرقاء المنظومة السياسية اللبنانية الذين اتهمم بالخيانة الجماعية، وذهب للقول بأنه يشعر بالعار حيال وجودهم على سدة الحكم في لبنان، ولكن ما الذي يريده ماكرون من لبنان؟ لماذا تخلت القوى السياسية عن تعهداتها أمامه، وما الذي يحول دون تمرير مبادرته، وهل تصمد مبادرة ماكرون أصلًا أمام التجاذب الأمريكي الإيراني في الساحة اللبنانية وتأتي بحل ناجز من شأنه انقاذ لبنان، أم أن الوضع الاقتصادي بها لن يصمد إلى حين يأتي ماكرون بالحل؟

أخذوا البلاد رهينة

أرجأ الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، القادة اللبنانيين أربعة إلى ستة أسابيع جديدة، لتشكيل حكومة في إطار المبادرة الفرنسية، مشددًا في مؤتمر صحافي عقده الأحد في باريس، على توضيح حزب الله لموقفه لكونه «لا يسعه أن يكون ميليشيا وقوة سياسية»، متهمًا القيادة السياسية في لبنان، بالخيانة الجماعية، لافتًا أنه يشعر بالعار حيال قادة لبنان، الذين وصفهم بأنهم بضع عشرات، يسقطون بلادهم نظير التمسك بنظام فساد متعدد الأطراف يتمسك كل طرف فيه بوجه استفادته.

واتهم الرئيس الفرنسي القوى اللبنانية التي تخلت عن تعداتها بتشكل حكومة بأنهم أخذوا البلاد رهينة، بل وحملهم مسؤولية اسقاط البلاد، جراء سعي الفصائل وراء تعزيز قوة معسكراتها وليس قوة دولتها، من خلال نظام المخاصصة وجعل تشكيل الحكومة قضية طائفية، مبديا قناعته بأن قرار رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري إضافة العنصر الطائفي على توزيع الحقائب الوزارية خلال تشكيل الحكومة كان خاطأ.

استعادة الوجود الفرنسي في الشرق الأوسط

يرى الدكتور على مراد، المحلل السياسي اللبناني أن الدخول الفرنسي إلى لبنان لم يكن مرتبطًا فقط بتشكيل الحكومة، إنما يسعى ماكرون لاستعادة النفوذ الفرنسي في منطقة الشرق الأوسط انطلاقا من الساحة اللبنانية، لاعتبارات أمنية واقتصادية وجيوستراتيجية، كتمكين الجانب الفرنسي من مواجهة النفوذ التركي في منطقة شرق المتوسط، وحرص فرنسا على لعب دور مستقبلي في كل من سوريًا وليبيا.

مضيفًا أن رغم استعصاء عملية تشكيل الحكومة، جراء التجاذب الأمريكي الإيراني وتأثير ذلك على مواقف القوى السياسية داخل لبنان، إلا أن فرنسا ستستمر في الدفع بمبادرتها السياسية والاقتصادية؛ لكون استعادة، إيمانويل ماكرون، للدور الفرنسي في لبنان، سينعكس عليه إيجابًا على المستويين الداخلي والخارجي، وهذا ما عكسه تمديد ماكرون للمدة التي أمهلها للساسة اللبنانيون.

وكانت القوى السياسية اللبنانية تعهدت، وفق ما أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ختام زيارته إلى بيروت مطلع الشهر الحالي، بتشكيل «حكومة بمهمة محددة» مؤلفة «من مجموعة مستقلة» وتحظى بدعم الأطراف السياسية كافة في مهلة أقصاها أسبوعين، لكن مساعي تشكيلها تبددت على إثر إصرار الثنائي الشيعي ممثلاً بحزب الله، وحليفته حركة أمل بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري، على تسمية وزرائهم والتمسّك بحقيبة المالية، الأمر الذي تعارضه أطراف أخرى، أبرزها زعيم تيار المستقبل سعد الحريري.

مصير لبنان مرهون بالانتخابات الأمريكية

ويرى المحلل السياسي اللبناني، منير الربيع، أن الضربة التي تلقتها المبادرة الفرنسية بتخلي القوى السياسية اللبنانية عن تعداتها معه وفشل مصطفى أديب، في تشكيل الحكومة، تعود لملفات أقليمية ودولية، وأن الأسابيع الستة التي أمهلها ماكرون للقوى السياسية في الداخل اللبناني، تفيد بأن ماكرون بات مقرًا بأن نجاح المبادرة الفرنسية وتشكيل الحكومة اللبنانية لا يزال معلقًا على حبال التجاذب الأمريكي الإيراني؛ لكون لبنان يشهد انقسامًا حول مواقف حزب الله وسلاحه، جراء الضغوط الاقتصادية التي يتعرض لها حزب الله، والتي ساهمت بشكل كبير في العصف بالنظام المصرفي اللبناني، وهو ما دفع بالكثير من اللبنانيين إلى اتخاذ مواقف معارضة له.

ويذهب «الربيع» إلى أن معالم الحكومة اللبنانية المقبلة ستحددها الانتخابات الأمريكية، وأن أية حكومة لبنانية ستتشكل في الوقت الراهن ستواجه مصير سيء؛ جراء الصراع الإيراني الأمريكي؛ فلا يمكن تشكيل حكومة من دون شروط حزب الله، وهو أمر مرهون باتفاق إيراني أمريكي حول سلاح حزب الله وملفات أخرى متعلقة بنفوذ كلا الطرفين في المنطقة.

خمس ملفات شائكة

وأكد الربيع، أن إنهاء الأزمة اللبنانية مرهون بذهاب الطرفين الأمريكي والإيراني للتفاوض حول خمسة ملفات شائكة تتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، وهي ترسيم الحدود الجنوبية للبنان مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي سينعكس على معادلات التنقيب عن النفط في شرق المتوسط، ووضع سلاح حزب الله على طاولة التفاوض الأمريكية، وضبط المعابر من وإلى لبنان وسوريا، ومراقبة المرافق العامة، وأيضًا المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وهي أمور لن تحدث قبل أن يجلس الطرفان الأمريكي والإيراني على طاولة التفاوض، ما ينذر بأن لبنان ينتظرها المزيد من التوتر.

الحل الفرنسي ليس كافيًا

ويرى المحلل السياسي اللبناني، أمين قمورية، أن لبنان لا يتجه قريبًا نحو الخروج من الأزمة لكون الحل الفرنسي ليس كافيًا، وأن الرؤية الوحيدة لحل أزمة لبنان هي تحييدها عن الصراعات الإقليمية في المنطقة، واجراء إصلاحات سياسية عاجلة تهدف للتخلي تمامًا عن نظام المحاصصة الطائفية، لإنقاذ لبنان من الانهيار الكامل، لكون تداعيات الأزمة السياسية ألقت بظلالها على الوضع الاقتصادي، ما يتطلب ضخ فوري للمساعدات، بدءًا من دول الخليج، مرورًا بالجانب الأوروبي ووصولًا لصندوق النقد الدولي، وهي أطراف ترهن المساعدات الاقتصادية بخضوع لبنان لشروط وإصلاحات أيديولوجية، مشيرًا

مضيفًا أن السياسات غير الوطنية من قبل الطوائف السياسية كافة ستدفع بلبنان نحو الهاوية؛ لكون كل فصيل يسعى للاحتفاظ بأوراقه الخارجية، فالأطراف جميعها تنتظر الانتخابات الأمريكية التي تعد الفيصل الذي سيحدد مسار الأمور في لبنان.

على شفا انفجار اجتماعي وأمنى

ويتوقع المحلل الاقتصادي اللبناني، جهاد الحكيم، أن الأسابيع الستة التي أقرها ماكرون قد تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك، لكن الشارع اللبناني لم يعد يحتمل المزيد من التجاذب السياسي؛ لكون رفع الدعم عن المواد الأساسية بات قاب قوسين أو أدني، ما سيؤدي لارتفاع جنوني في الأسعار.

ويرجح الحكيم، أن لبنان قد يشهد انفجارًا اجتماعيًا وأمنيا؛ على إثرعدم قدرة الشارع اللبناني على الصمود كثيرًا أمام المزيد من الضغوط الاقتصادية، مؤكدًا أن شهري أكتوبر ونوفمبر المقبلين سيشهدان أكبر عملية تسريح موظفين وإقفال مؤسسات، وأنه رغم وجود لبنان في خضم الانهيار الاقتصادي، إلا أن الأسوأ لم يأت بعد؛ إذ سيتقلص إجمالي الناتج المحلي بنسبة أدناها 45% بنهاية 2020، كما سيطال الفقر 55% من اللبنانيين، وستتجاوز البطالة 60%، في ظل غياب أي بوادر للحد من سرعة انزلاق لبنان إلى الانهيار الكامل.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية