لم يكن الحل الاقتصادي بمعزل عن تفكير العلماء في حلول من شأنها الحد من مخاطر التغيرات المناخية؛ إذ دفعت المخاطر البيئية التي يتعرض لها كوكبنا علماء الاقتصاد لطرح نظريات اقتصادية جديدة كالاستثمار في الاقتصادين الأخضر والأزرق، كحلول من شأنها الحد من مخاطر تلك التغيرات المناخية والمساهمة في وضع حلول مستدامة لها، وهو ما ترجمه البنك الدولي في العام 2008 بإطلاق ما يسمى بالسندات الخضراء.
التحقت مصر بقاطرة الاقتصاد الأخضر؛ إذ أعلنت الحكومة، على لسان وزير المالية، محمد معيط، استعداد وزارة المالية طرح أول إصدار من السندات الخضراء الحكومية السيادية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فى الأسواق العالمية.
وقال وزير المالية، محمد معيط، إن طرح الخضراء الحكومية السيادية فى الأسواق العالمية يُسهم فى تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد ودعم مستويات نموه الحالية والمستقبلية، ويُساعد أيضًا في جذب المزيد من المستثمرين الذين يهتمون بالعوائد البيئية والمالية، وتحسين التصنيف البيئي لمصر، موضحًا أن مصر لديها محفظة من المشروعات الخضراء المؤهلة بقيمة 1.9 مليار دولار، منها 16% لمجال الطاقة المتجددة، و19% للنقل النظيف، و26% للإدارة المستدامة للمياه والصرف الصحي، و39% للحد من التلوث والسيطرة عليه.
ما هي السندات الخضراء ومتى انطلقت ؟
السند الأخضر هو، صك استدانة، للحصول على تمويل للمشروعات متصلة بالمناخ أو البيئة، وهو ما يميز السندات الخضراء عن السندات التقليدية، حيث يقيم المستثمرون الأهداف البيئية المحددة للمشروعات التي تهدف السندات إلى مساندتها، بما يتناسب مع استراتيجية الدولة 2030
أما المشروعات التي يمكن تمويلها بهذه السندات، فهي مشروعات الطاقة المتجددة، والمدن الجديدة، النقل النظيف، مشروعات ىالإدارة المستدامة للموارد المائية، وكذلك مشروعات إدارة النفايات.
انطلقت فكرة إصدار السندات الخضراء المخصصة لربط التمويل من المستثمرين بمشاريع بيئية مستدامة تراعي التغيرات المناخية وتحد من مخاطرها، في العام 2007 على يد عددا من صناديق التقاعد السويدية. وفي نوفمبر 2008 اعتمد البنك الدولي الخطة الرئيسية لإصدار سوق السندات الخضراء، وأصدر أول سند أخضر مخصص للشركات الاستثمارية الكبرى، شكلت الأساس لمبادئ السندات الخضراء التي نسقتها رابطة أسواق رأس المال الدولية. وأبرزت القيمة الاجتماعي التي تحققها السندات والحاجة إلى التركيز الأشد على الشفافية.
لاقت السندات الخضراء رواجًا كبيرًا في عدد من بلدان العالم، إذ جمع البنك الدولي منذ العام 2008 ،أكثر من من 13 مليار دولار عبر ما يقرب من 150 سندا أخضر صدرت بعشرين عملة مختلفة لمستثمرين ومؤسسات استثمارية حول العالم، كان هناك 91 مشروعا مستحقا للتمويل بالسندات الخضراء، فضلًا عن وجود تعهدات بتخصيص 8.5 مليار من إيرادات السندات الخضراء لصرفها في دعم المشاريع البيئية المستدامة في 28 بلدا حول العالم. وبحلول 30 يونيو 2018، ومثلت مشاريع الطاقة المتجددة وكفاءة استخدام الطاقة والنقل النظيف أكبر القطاعات في حافظة المشاريع المستحقة لسندات الخضراء، ‘ذ شكلت هذه القطاعات مجتمعة ما يقرب من 69% من التزامات السندات الخضراء، وفقًا لأول تقرير أصدره البنك الدولي، في نهاية العام المالي 2018، للحديث عن مساهمة السندات الخضراء في الحد من مخاطر التغير المناخي.
مصر تلتحق بقطار السندات الخضراء
لحقت مصر بقاطرة السندات الخضراء، منذ فبراير الماضي، لتكون أولى دول الشرق الأوسط وشمال أفرقيا استخدامًا لتلك السندات، إذ أعلنت الحكومة المصرية البدء في اجراءات طرح سندات خضراء في الأسواق العالمية في فبراير 2019 لكن وزير المالية ، محمد معيط، أعلن أن موعد طرح السندات الخضراء في مصر مرهونًا بظروف السوق العالمى.
خفض تكلفة التمويل وتنويع مصادر الاستثمار
يستهدف هذا الطرح خفض تكلفة التمويل ونويع مصادره، فضلًا عن توسيع قاعدة المستثمرين، واختارت 4 ىبنوك استثمار عالمية للترويج لإصدار السندات الخضراء المصرية، هي :«HSBC، Credit Agricole، Deutsche Bank، Citi bank».
ومن جانبه قال الخبير الاقتصادي، إبراهيم مصطفى للـ«المصري اليوم» أن الاتجاه العالمي نحو الاستثمار الأخضر الصديق للبييئة دفع بمصر نحو إطلاق سندات خضراء، وقد يدفعها لاحقًا لإصدار سندات زرقاء من شأنها الاستثمار المستدام في مشروعات معنية بالحفاظ على مياه الأنهار والمحيطات واستغلال الموارد المتاحة بها أيضًا، وهو ما يتماشى وأهداف استراتيجية مصر للتنمية المستدامة 2030 .
ويتوقع الخبير الاقتصادي، أن تلقى السندات الخضراء، قبولا ورواجا واسعا، وأن تنويع حجم الاستثمارات، واجتذاب الصناديق العالمية التي توجه استثماراتها لخدمة المشاريع المعنية بالحفاظ على الموارد الطيبيعية، لا سيما في ظل قدرة مصر على سداد ديونها، وحصول الاقتصاد المصري على شهادات من مؤسسات التصنيف العالمي بجودة الاقتصاد، وارتفاع التصنيف الاقتصادي لمصر هذا العام، مقارنتا بالسنوات الماضية. مؤكدا على أن السندات الخضراء خطوة مهمة للاقتصاد المصري، خاصة وانه يعرف بالتنوع في مصادر التمويل، والتنوع في الاقتصاد.
مشيرًا إلى أهمية تعديل قوانين التراخيص، الخاصة بالمصانع، لتشجيع إنشاء المزيد من الصانع الصديقة للبيئة، وتيسير شروط استيراد معدات صديقة للبيئة.