تقدم الولايات المتحدة عروضا بالمال والوعود لإغراء السودان على الاعتراف بإسرائيل قبل إجراء الانتخابات الأمريكية .
قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن الجهود الأمريكية لجذ مزيد من جهود العرب من أجل تطبيع العلاقات مع إسرائيل قبل انتخابات نوفمبر الرئاسية ركزت على السودان، حيث توقفت المفاوضات بسبب مبلغ الحافزالمالي الذي كان السودان موعودا به في مقابل الاعتراف بإسرائيل، حسب مسؤولين .
ولفت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن ما لايقل عن خمس أو ست دول كان مقررا أن يقتفوا أثر الإمارات العربية المتحدة والبحرين في تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهو أحد أكبر إنجاز حققته إدارته في السياسة الخارجية .
وقال المسؤولون إن السودان إن الإدارة الأمريكية ربطت بين الاعتراف بإسرائيل من جانب الخرطوم في مقابل إسقاط السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهو مطلب سوداني طويل الأمد .
وأكدت الصحيفة في تقرير لها اليوم أن توصيف السودان بأنها راعية للإرهاب، والذي يعود إلى عام 1993، يعوق من قدرة السودان على تلقي مساعدة مالية دولية وتخفيف الدين، كما يشكل عقبة كبرى أمام الاستمثار الأجنبي في السودان .
واستدرك التقرير بأن الاعتراف بإسرائيل هو قضية شائكة للغاية، حيث يحذر المسؤولون والمحللون من أنه قد تزعزع استقرار الحكومة الانتقالية الهشة بالبلاد ،مشيرا إلى أن عبدالفتاح البرهان، الزعيم الفعلي للسودان، سافر للإمارات العربية المتحدة لإجراء مباحاثات غير رسمية مع المسؤولين الأمريكان والإماراتيين بشأن حزمة المساعدات الاقتصادية المحتملة من أجل الاقتصاد السوداني المأزوم، والتي يقول مسؤولون أنها قد تساعد في شراء الاعتراف بإسرائيل .
وأفاد التقرير أن المباحثات انتهت دون اتفاق بعدما أخفق الجانبان على الاتفاق على حجم هذه الحزمة، في حين قال مسؤول سوداني إن السودان تلقت عرضا قيمته نحو 800 مليون دولار كمساعدة مباشرة واستثمار، والذي تدفع الأمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة، مع نحو 10 مليون دولار من إسرائيل .
بينما أكد المسؤولون السودانيون أنهم يحتاجون ما لايقل عن أربعة أضعاف هذا المبلع، أي من 3-4 مليار دولار، وذلك لتخفيف الأزمة الاقتصادية المتجذرة في بلادهم، والتي أدت إلى ارتفاع معدل التضخم ونقص السلع الأساسية على نطاق واسع، ووضعت الحكومة الهشة بالبلاد تحت ضغط رهيب .
وأكد المسؤولون الأمريكيون من جانبهم أنهم كانوا يرغبون في إسقاط السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب مقابل دفعة تعويض قدرها 335 مليون دولار من أجل ضحايا تفجيرات السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا في 1998 والمدمرة الأمريكية كول في 2000 .
في حين يرى كثير من السودانين أن تصنفيف السودان بالدولة الراعية للإرهاب لم يعد مبررا منذ طرد عمر البشر، الديكتاتور الذي حكم البلاد زمنا طويلا، وذلك في مظاهرات أشاد بها الغرب باعتبارها حركة ديمقراطية «ملهمة»
ونبه التقرير إلى أن المسؤولون السودانيون منقسمون بشأن استحقاقات الاعتراف بإسرائيل، وأن بعض المسؤولين حذروا من صفقة متسرعة مدعومة أمريكيا، والتي قد تشعل رد فعل من شأنه أن يزعزع استقرارها وقد يحبط انتقال البلاد «المتأرجح» نحو الديمقراطية .
وأشار التقرير إلى أن رئيس الوزراء السوداني المدني، عبدالله حمدوك، كرر يوم السبت معارضته للجهود الأمريكية لربط الاعتراف بإسرائيل بإسقاط السودان من قائمة الإرهاب .
ونقلت عن نائب رئيس الأركان، أمجد حمدوك قي أحد الحورات قوله :«السودان ليس لديه سبب في أن يكون في حالة حرب مع أي دولة، غير أن التطبيع مع إسرائيل قضية معقدة لها أبعاد اجتماعية وسياسية تعود لعقود ومرتبطة بتاريخ المنطقة العربية .
بينما أيد مسؤولون كبار آخرون، بعضهم من الجيش التطبيع مع إسرائيل، خاصة إذا ساعدت في رفع «وصمة» الولايات المتحدة لها بتصنيفها ضمن الدول الراعية للإرهاب .
غير أن آخرون يحذرون من أن «عداءا شعبيا» تجاه إسرائيل سيظل على أشده داخل البلاد وأن عقد صفقة متسرعة سوف يأتي بدعم جديد للقوات المتأسلمة التي جرى تهميشها بعد طرد البشير من السلطة .
وذكر التقرير أن هناك تاريخا طويلا معقدا بين السودان وإسرائيل، حيث كانت الأخيرة المحرك الأول في الجهود الرامية لوضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، وإلى حد كبير بسبب علاقتها الوثيقة بحركة حماس، والتي تسيطر على غزة والتي تعارض وجود إسرائيل وإيران .
وأشار إلى أنه في نهاية السبعينيات ومطلع الثمانينيات، هرب عشرات الآلاف من اليهود الإثيوبيين للسودان آملين في الهجرة إلى إسرائيل، بينما نفذت القوات الإسرائيلية عمليات سرية لاستعادتهم من السودان، التي عارضت التدخل الإسرائيلي .
وبعد عام 2005، عندما بدأت إيران في شحن الأسلحة لحماس عن طريق السودان، أخذت القوات الجوية الإسرائيلة في قصف القوافل، وفي 2012، هاجمت أيضا مصنع لتصنيع الصواريخ ومستودع أسلحة يحتوي أسلحة قالت إنها متوجهة إلى غزة .
و تحسنت العلاقات بين البلدين منذ أن قطعت السودان علاقاتها مع إيران في 2016، وأطاحت بالبشير من السلطة العام الماضي .
والتقت قيادات البلدين في فبراير الماضي علانية وللمرة الأولى، وبدأ السودان يسمح للطائرات الإسرائيلة بالطيران في مجالها الجوي
ولفت التقرير إلى أن الولايات المتحدة كانت تعمل على حل الخلاف بين قطر ودول الخليج الأخرى في جهودها لتقوية التحالف ضد إيران. ومن المرجح أن تعلن قطر عن علاقاتها السرية مع إسرائيل إذا تم التوصل إلى اتفاق، حسبما أكد مسؤول إسرائيل .