x

خبراء: كلمة الإهمال «مطاطية».. وأغلب المحاضر تنتهى بالحفظ لضمان استقرار الأسرة

الإثنين 07-09-2020 12:33 | كتب: ولاء نبيل, سحر المليجي |
الأطفال  الأطفال تصوير : اخبار

تخطى الواقع فى مجتمعنا مرحلة الإهمال عن غير عمد، ونحن بحاجة لتطبيق حازم لقانون حماية الطفل».. هذا ما أكده عدد من خبراء القانون والاجتماع، بشأن وضعية التعامل الرسمى لما يتعرض له الأطفال من حوادث إهمال، واصفين كلمة الإهمال بالـ«مطاطية»، التى يصعب إثباتها، خاصة أن نص قانون العقوبات ذاته أباح تأديب الطفل، وهو ما جعل الأطفال عرضة لأشكال كثيرة من الأذى، التى تستوجب إعادة النظر، وإدخال آليات جديدة لحماية الطفل، مثل التوعية التربوية والإجبارية.

الدكتور حمدى عبدالرحمن، أستاذ القانون بجامعة عين شمس، قال إن محاضر الإهمال شأنها شأن أى محضر يتم متابعته، ويجوز تقديم طلب لإعادة التحقيق فيه؛ حال حفظه، وقد يتحول المحضر لجنحة مباشرة، بعد أن تقرر النيابة حجم الضرر، وتابع: «السلطة تقديرية من النيابة، لما إذا كان الإهمال مبررًا بعذر مقبول أم لا، ويجوز فى تلك الحالة الحبس الاحتياطى، لحين الإحالة للمحكمة، لكن أغلب المحاضر يتم حفظها فى النيابة، بعد استدعاء المحرر ضده المحضر، والتشديد عليه بالاهتمام بالصغير، لضمان عدم تكرار الواقعة، وتفرج عنه النيابة من أجل الحفاظ على الترابط العائلى، والتلاحم الأسرى، وتكتفى بما لحق بالأبوين من هلع وروع».

وقال سليمان أحمد، الخبير القانونى: «المادة 96 من قانون الطفل أكدت معاقبة من يعرض حياة الطفل للخطر أو يهدد سلامته بالحبس لمدة لا تقل عن 6 أشهر، وبموجب المادة 244 من قانون العقوبات يتم قيد جنحة الإهمال ضد الأم، وهناك مئات المحاضر التى يتم تحريرها يوميًا، وتلك المحاضر قد تصل فيها حالة الطفل إلى وجود كسر أو تعرضه للسقوط، أو تعرضه لحدث غير آمن مثل سقوط مياه ساخنة عليه.. وجنحة إهمال الأم، عادة ما يتم حفظها، لأنها تكون عن غير قصد أو عمد، ويتم اعتبارها إصابة عن طريق الخطأ، كحادث السيارة الذى تنتفى فيه نية الإصابة، وتكتفى النيابة بما ألمَّ بالأم نتيجة إصابة الطفل، فضلاً عن احتياج الطفل لها لرعايته».

وأكد «أحمد» أن عددا نادرا من المحاضر هى التى يتم تحويلها من جنحة إلى جناية، والتى تتأكد فيها النيابة من وجود قصد وعمد فى إصابة الطفل، إذ يتم تحويل المحضر من «إهمال» إلى «تعذيب»، الأمر الذى يلزم معه إحالة المحضر إلى المحكمة، بعد اطمئنان النيابة لوجود نية وعمد فى إلحاق الأذى بالطفل، بعد التحريات الدقيقة، منوهًا بأن أغلب حالات تعمد إيذاء الطفل تنتج من العم أو الخال، وأحيانًا من الأب أو الأم اللذيْن يستغلان أطفالهما للانتقام من بعضهما البعض، مثلما حدث فى حالة طفل الطالبية «مروان».

وأشار «أحمد» إلى أن قانون العقوبات يجيز تأديب الطفل فى الوقت الذى يحظر فيه تعرضه للخطر، وهذا لا يعنى وجود تضارب بين القوانين، فالتأديب يختلف عن تعريض الطفل للخطر، لافتًا إلى أنه فى حالة تحول محضر إهمال من جنحة إلى جناية يتم التحقيق مع الأم أو الأب، وقد ترى النيابة حبس المتهم احتياطيًا، كما حدث فى واقعة الطفلة «جنة»، وتم حبس جدتها، أو إخلاء سبيل المتهم بضمان محل السكن، كما حدث فى واقعة «طفل البلكونة»، إلّا أن إخلاء سبيل المتهم لا يعنى انتهاء القضية، فالاتهام لا يزال قائمًا، مردفًا: «شهادة الطفل فى الاعتداء عليه تعد مجرد قرينة وليست أساسًا، وذلك حتى عمر 14 سنة، لأن الأطفال فى السن الأقل يكون خيالهم واسعًا، وهذا تراعيه النيابة، وتتحقق مما يقوله الطفل، حتى يثبت العكس».

ووصفت الدكتورة نادية رضوان، أستاذ الاجتماع بجامعة بورسعيد، كلمة الإهمال التى جاءت فى نص القانون بأنها «مطاطية جدًا»، ويصعب إثباتها فى كثير من الحالات، فانشغال الأم والأب عن تربية الأبناء بسبب أعباء الحياة هو نوع من الإهمال، والذى لا يعاقب عليه القانون، وكذلك بعض الظواهر الى تعرض الطفل للإهمال وإن كانت تعد جريمة، تأخذ شكلاً آخر، ومنها الزج بالأطفال إلى سوق العمل، كالعمل فى ورش الحدادة والنجارة، وإجبارهم على التعامل مع آلات حادة، لا تناسب طبيعتهم الجسمانية، من أجل كسب المال، لتقليل العبء الاقتصادى على أسرهم، أو حتى لإعالة أنفسهم، وبالتالى مهما كثرت محاضر الإهمال، فهناك حصر أكبر لوقائع إهمال غير مرصودة، ولا يتم اكتشافها.

وأضافت «نادية» أن دول أوروبا تأخذ فى الاعتبار بلاغات الأهالى والجيران، ليس فقط فى حالة تعرض الطفل للخطر؛ بل الحيوان أيضًا، فالثقافة والعرف القانونى السائد هناك بأن الطفل ابن الدولة، ولذا يتم التنبيه على المدراس بمراقبة الطفل ومتابعة حالته المزاجية، لملاحظة أى تغيرات طرأت عليه، أو فى لون جسده، وهذا ما يوصف بالوعى بالجانب الإنسانى، أكثر من كونه مجرد تأدية واجب، مطالبة بأن يكون هناك «إخصائى نفسى أو اجتماعى» فى كل مستشفى يستقبل حالة طوارئ أو إهمال تعرض له طفل، أو أن يقوم قسم الشرطة نفسه بتحويل الأبوين اللذين تم تحرير محضر لهما إلى هؤلاء المختصين، لتبنى تلك الأسرة فى جلسات تزيد لديهم حالة الوعى، بكيفية التعامل مع الأبناء، وهذا أجدى كثيرًا عن عقوبة الحبس، لأنه إصلاح للمدى البعيد.

وشددت «نادية» على ضرورة تنظيم جلسات جماعية مجانية للنصح والإرشاد والتوعية، لجميع الآباء والأمهات المحررة ضدهم محاضر إهمال، خاصة أن هناك أطفالًا بالفعل يعانون من مشكلات نفسية، مثل فرط الحركة، وهؤلاء الأطفال هم بالفعل عبء على أسرهم، والذين لا يدركون كيفية التعامل معهم، وفيها يُعرض الطفل نفسه للأذى وربما من حوله.

وترى الدكتورة إنشاد عز الدين، أستاذ علم الاجتماع بجامعة المنوفية، أن العبرة دائمًا تأتى بكيفية تطبيق القانون، كما أن التأرجح فى تطبيق قوانين حماية الطفل جعل الكثير من الآباء يتراخون فى الشعور والالتزام بمسؤوليتهم الحقيقية تجاه الأبناء، وهو ما يفسّر كثرة حالات التعدى العمدى على الأبناء داخل الأسرة، إذ تخطى الواقع مرحلة الإهمال عن غير عمد، ولهذا يجب أن يكون هناك تطبيق حازم لقانون حماية الطفل، دون استثناءات.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية