لا ألغى عقلى حين أستمع لـ«هيكل».. ولا ألغى مشاعرى حين أستمع لـ«الزمر».. «هيكل» ساحر، إذا تكلم أقنعك بوجهة نظره.. «الزمر» كاذب وإن حلف على المصحف.. أخاف على عقلى حين أشاهد «هيكل».. منصور حسن الراحل العظيم قال لى إنه ساحر.. لا أعرف لماذا أقارن بين ساحر وقاتل؟.. هل هى أحداث كرداسة؟.. أهى شبهات حول دور «الزمر» فى مذبحة كرداسة، وحرق مكتبة «هيكل»؟!
لا أريد أن أتحدث عن دور «هيكل» الآن فى دعم الثورة.. شعبيته تحقق أعلى معدل لها منذ سنوات.. حقيقى محظوظ.. أمه داعية له.. عاش ثلاث ثورات حتى الآن.. فى كل مرة كان فاعلاً.. سواء أثناء حركة الجيش، أو أثناء حركة الشعب.. نجح فى المرتين.. هذا هو الحظ الذى أتحدث عنه.. ليس فى نفسى حسد.. الظروف التى رفعت «هيكل» فى السماء، تنزل بـ«الزمر» إلى أسفل سافلين!
كما كان لـ«هيكل» حضوره فى موقعة كرداسة، كان لـ«الزمر» حضوره الطاغى أيضاً.. الكاتب الأشهر معتدى عليه من الإرهاب.. القاتل الأشهر محرّض على الحرق وذبح الضباط.. مكتبة هيكل وهى تُحرق خدمت الوطن، أكثر مما خدمته وهى باقية.. أرسلت رسالة للعالم بأنهم لا يحرقون البشر فقط، وإنما يحرقون العقل.. يحرقون الثقافة والحضارة، ابتداء من متحف ملوى إلى مكتبة «هيكل»!
أعود إلى ما بدأت.. لا أسلم عقلى تماماً لـ«هيكل».. هذا أمر له موضع آخر، خاصة ما يتعلق بقناعات خلافية كبرى.. أما قلبى فلن يكون أبداً مع عبود الزمر.. لا أصدقه أبداً.. لا أخلى ساحته، مما حدث فى كرداسة ولا ناهيا.. «الزمر» يقول إنه برىء.. يقول أكثر إنه أدان المذبحة البشعة.. يعيش لا يعرف إن كان مطلوباً أو غير مطلوب.. هذه أسوأ لحظة يعيشها.. الذين قُبض عليهم ربما استراحوا!
عندى أسئلة بلا حصر: لماذا لم يتم القبض على عبود الزمر؟.. لماذا لم يُدرجه الأمن ضمن المطلوبين؟.. لماذا ربط الجميع بين «الزمرين» وأحداث كرداسة، واستبعدهما الأمن؟.. لماذا اكتفى «الزمر» بالتصريحات المنددة بالمذبحة، ولم يتحرك مع الأمن لضبط الجناة؟.. هل يؤجل الأمن المواجهة مع «الزمر»؟.. هل التحريات استبعدت «الزمر» فعلاً؟.. هل تتصرف أجهزة الأمن الآن بثقة متناهية؟!
من حق «الزمر» أن ينفى صلته بالأحداث.. من حقه أن يقتل القتيل ثم يمشى فى جنازته.. من حقه أن يشعل النار ثم يستنجد بالمطافئ.. السؤال: هل نصدق «الزمر»؟.. هل نسلم له مشاعرنا؟.. هل انتهى زمن «الزمر» مثل خيل الحكومة؟.. هل يعقل أن يقترب القتلة من منطقة قاتل السادات؟.. الناس لا تصدق «الزمر»، ولو حلف على المصحف.. لا تطمئن أنه بعيد عن مذبحة قسم كرداسة!
لا هو من المنطق، ولا من العقل، أن يكون «الزمر» غير مطلوب فى كرداسة.. لا هو من العقل، ولا من المنطق، أنه لم يخطط أو يعط الضوء الأخضر.. تنظيمياً وجغرافياً لا يجوز.. هناك اعتداء على «الزمر».. هناك تدبيس له.. لا يمكن أن يقبله «الزمر» بكرم حاتمى.. لا أصدق «الزمر»، وإن حلف على المصحف (!)