x

صلاح عيسي مواد تحرير الصحافة.. فى حريات لجنة الدستور صلاح عيسي الجمعة 20-09-2013 23:11


مع أننى أحد الأعضاء الاحتياطيين فى لجنة تعديل الدستور، إلا أننى لم أستطع - حتى الآن - أن أشارك فى مناقشاتها، ليس فقط لأن جدول أعمالها مكثف على نحو يتطلب التفرغ له، ولكن أساساً لأننى وجدت فى تشكيلها وفيما أتابعه من مناقشات أعضائها الأصليين والاحتياطيين، ما يدعونى للاطمئنان إلى أنهم سينوبون عنى وعن آلاف غيرى فى القيام بواجب صياغة دستور عصرى لبلد ديمقراطى.. ومع ذلك فقد كنت حريصاً على أن أشارك فى جلسة لجنة الحقوق والحريات التى ستناقش المواد الخاصة بحرية الصحافة والإعلام، بحكم أننى كنت طرفاً فى المناقشات التى أسفرت عن المقترحات التى قدمها المجلس الأعلى للصحافة، وقدمتها نقابة الصحفيين، إلى الهيئة التأسيسية التى وضعت الدستور المعطل، ثم إلى لجنة العشرة، ولم تأخذ كلتاهما بمعظم ما ورد فيها، لو لا أن الظروف حالت بينى وبين حضور الجلسة التى انعقدت صباح الأربعاء الماضى، وحضرها وتولى عبء الدفاع عن هذه المقترحات فيها الزميلان «ضياء رشوان» نقيب الصحفيين، و«جمال فهمى» وكيل مجلس النقابة.

ومع أن الصحف لم تنشر النص الكامل للمواد التى وافقت عليها لجنة الحريات والحقوق بشأن الصحافة والإعلام، واكتفت بمقتطفات منها، إلا أنه يمكن الاطمئنان إلى أن اللجنة أقرت معظم المقترحات التى تقدم بها الصحفيون، وخلصت الدستور من المواد المعادية لحرية الصحافة التى أقحمتها عليه اللجنة المناظرة فى الهيئة التى وضعته، التى كان معظم أعضائها من التيارات المعادية للحريات عموماً، ولحرية الصحافة والإعلام بوجه خاص، كان من بينها وضع حرية الصحافة داخل سلسلة متداخلة من الإطارات تغرى المشرّع بالإطاحة بها، وإعادة عقوبتى إغلاق الصحف وتعطيلها بعد أن ألغيتا منذ 1923 للأولى و2006 للثانية.

وعلى العكس من اللجنة السابقة فإن لجنة الحقوق والحريات انطلقت هذه المرة من رؤية صحيحة ومستقيمة، بأن حرية الصحافة والإعلام، ليست خاصة بالصحفيين والإعلاميين، ولكنها إحدى الحريات العامة التى ينبغى أن يكفلها الدستور للمصريين جميعاً، وحرصت على أن يتضمن تعديل الدستور مواد جديدة ومهمة، تحيطها بضمانات لم يسبق لأى دستور مصرى أن تضمنها هى:

■ إقرار حق الأفراد - فضلاً عن الأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة - فى ملكية وإصدار الصحف وإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والإلكترونية، وصدور الصحف بمجرد الإخطار.

■ حظر فرض الرقابة على الصحف ووسائل الإعلام أو إنذارها أو تعطيلها أو إلغائها بأى طريق - سواء كان إدارياً أو قضائياً - وقصر الحق فى مقاضاة الصحف وأجهزة الإعلام على الادعاء المباشر، وقصر العقوبات السالبة للحرية فى جرائم النشر على ثلاث جرائم هى الطعن فى الأعراض والتحريض على العنف والحض على التمييز بسبب النوع أو الدين أو العرق والرقابة على الصحف على زمن الحرب الفعلية وفى حدود ما يتعلق بها.

■ استقلال الصحف ووسائل الإعلام التى تملكها الدولة عن جميع السلطات والأحزاب السياسية لتكون منابر للحوار الوطنى العام تعبر عن الجميع.

■ إنشاء ثلاثة مجالس عليا، تتولى شؤون الصحافة والإعلام تكون مستقلة تماماً، عن تدخل كل السلطات.

■ هذه هى الخطوط العامة للمواد التى أقرتها لجنة الحريات فى اجتماعها يوم الأربعاء الماضى، وستواصل مناقشتها غداً الأحد، طبقاً لما فهمت مما نشرته عنها الصحف، ومن التصريحات التى أدلى بها «محمد سلماوى»، المتحدث الرسمى باسم لجنة الخمسين، ونقيب الصحفيين «ضياء رشوان».

■ وإلى أن تنشر النصوص الكاملة لما قررته اللجنة، أود أن أتوقف أمام ملاحظتين أثارهما بعض الزملاء.

■ الأولى: تتعلق بالنص الخاص بإلغاء العقوبات السالبة للحرية فى جرائم النشر (واستبدالها بالغرامة) باستثناء جرائم الطعن فى الأعراض والتحريض على العنف والحض على التمييز بسبب الدين أو النوع أو العرق، وهو استثناء يرى بعض الزملاء أنه يشير إلى جرائم مطاطة قد تفتح الباب أمام حبس الصحفيين، وفضلاً عن أن المادة تلغى أكثر من 30 عقوبة بالحبس فى جرائم النشر لاتزال قائمة فى قانون العقوبات وغيره من القوانين، فإن كل المدونات الأخلاقية لمهنة الصحافة - ومن بينها ميثاق الشرف الصحفى القائم - تحظر على الصحف ارتكاب هذه الجرائم الثلاث، ثم إن مطلب الصحفيين بإلغاء العقوبات السالبة للحرية لم يشمل فى أى وقت إلغاء هذه العقوبات عن هذه الجرائم، لإدراكهم أنها لا تدخل فى نطاق حرية الصحافة.

■ الثانية: أن اللجنة وإن كانت قد أقرت حظر تعطيل الصحف أو إلغائها بأى وجه، إلا أنها أبقت على عقوبة مصادرة الصحف بحكم قضائى التى طالبت مقترحات الصحفيين بإلغائها، وهى عقوبة تنظمها المادة 198 من قانون العقوبات التى تبيح للشرطة فى حالة ارتكاب إحدى الصحف جريمة من جرائم النشر، أن تبادر بمصادرتها، وتعرض الأمر على النيابة، فإذا أقرته رفعت الأمر إلى رئيس المحكمة الابتدائية خلال ساعتين من الضبط ليصدر قراره بتأييد أمر المصادرة، أو بإلغائه والإفراج عن الصحيفة، وهو إجراء عبثى لا جدوى منه، لأن مصادرة الصحيفة لن تحول دون نشر ما صودرت من أجله فى عصر السماوات المفتوحة، لذلك أتمنى أن يشمل الحظر مصادرة الصحف، فإذا كانت هناك ضرورة لبقائه، فلابد من تعديل النص، لتصبح المصادرة «بعد صدور حكم قضائى» وليس قبله، للحيلولة بين السلطة التنفيذية واستغلال سلطتها فى المصادرة لتكبيد الصحيفة خسائر نتيجة لعدم وصولها إلى قرائها فى الموعد الذى تعودوه.

هذه ملاحظات أولية حول ما رشح من أنباء حول ما انتهت إليه لجنة الحريات المنبثقة عن لجنة الخمسين بشأن مواد حرية الصحافة، تستحق من أجلها اللجنة تحية كل المعنيين بحرية الصحافة، وأملهم فى أن تستقر النصوص التى اقترحها الصحفيون، وأقرتها فى مكانها من الدستور ليكون دستوراً ديمقراطياً يليق بوطن حر!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية