x

نادين عبدالله هل يصلح النظام البرلمانى فى مصر؟ نادين عبدالله الثلاثاء 17-09-2013 19:46


فيما يذهب عدد من السياسيين لتبنى النظام البرلمانى أو شبه البرلمانى اعتقادا منهم أنه الأقرب إلى روح الديمقراطية أو تيمنا بأنه الأقدر على كسر فكرة الصلاحيات المطلقة للرئيس، نرى أن الواقع المصرى يفرض علينا معطيات سياسية تدفعنا لمراجعة هذه الأطروحات. فمن الضرورى أن يكون اختيارنا للنظام السياسى الأنسب قائماً على فرضية مدى قدرته على مواجهة التحديات المؤسسية والاجتماعية التى تمر بها مصر حاليا. ونعتقد أن مواجهتها تتطلب وجود سلطة تنفيذية قوية لها من الصلاحيات الكافية ما يمكنها من إنجاز الإصلاحات المطلوبة والمؤلمة فى آن واحد. وهو أمر يوفره النظام الرئاسى أو شبه الرئاسى، وليس البرلمانى للأسباب التالية:

أولا: ضعف التجربة الحزبية فى مصر، وسوء أوضاع الأحزاب السياسية، ما يجعلها غير قادرة على تحمل مسؤولية هذه التحديات الثقيلة سابقة الذكر، بل قد يتحكم منطق حساباتها السياسية فى الإصلاحات التى ستقوم بتبنيها فتفرغها من معناها.

ثانيا: يرتبط بضعف الأحزاب السياسية زيادة فرصة سيطرة السلطة التنفيذية على باقى السلطات وليس العكس. فوجود أكثرية فى البرلمان من حزب واحد منفردا أو فى ظل تحالف مع كتل أخرى داخل البرلمان سيؤدى إلى إضعاف دور المعارضة فى رقابة السلطة التنفيذية ومحاسبتها، لذا فإننا نرى أن تراث الممارسة السياسية فى مصر يستوجب أن نسعى فى الفترة القادمة إلى فصل أوضح للسلطات، كما هو الحال فى النظم الرئاسية. فمشكلة النظام فى مصر بشكل عام تكمن فى تداخل السلطات فيما بينها بشكل فج، وهو أمر لا يعالجه النظام البرلمانى حيث الاندماج النسبى للسلطة التنفيذية والتشريعية.

ثالثا: جوهر النظام البرلمانى يقوم على فكرة التوازن السياسى بين رئيس الحكومة والأحزاب الممثلة فى البرلمان، بصورة تجعل قدرته على اتخاذ قرارات سريعة أو جذرية أمرا خاضعا لتوازنات القوى بداخله. وهذا بعكس النظم ذات الطبيعة الرئاسية التى توفر مزيدا من الفرص لتحرك صاحب السلطة التنفيذية من دون رهن تحركاته بالحسبة السياسية الخاصة بالكتلة البرلمانية لهذا الحزب أو ذاك، وهو الأمر الذى تحتاجه مصر مستقبليا.

وأخيرا نشير إلى أن المقارنة بين النظم السياسية التى تبنتها كل من دول أمريكا اللاتينية ودول أوروبا الشرقية إثر تحولها إلى الديمقراطية تدعم طرحنا هذا. فدول أوروبا الشرقية لجأت إلى النظام البرلمانى، وهى دول نعمت فى مجملها من جهة ببنية مؤسسية قوية، ومن جهة أخرى بمستويات لا بأس بها من التنمية والعدالة الاجتماعية. أما دول أمريكا اللاتينية، على غرار البرازيل مثلا، فقد تبنت فى أغلبها نظماً رئاسية لأنها كانت فى حاجة إلى سلطة تنفيذية قوية تعيد إصلاح هياكل الدولة وترسم سياسات اقتصادية جديدة فى ظل أزمات اجتماعية طاحنة.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية