من المؤكد أن قناة السويس الجديدة ستبقى هدية مصر للعالم وملحمة وطنية تضاف إلى الرصيد الكبير من ملاحم الشعب المصري، خاصة وأنها عكست التقاء قوة الإرادة وحكمة الإدارة والتفاني في العمل.
وتأتي الذكرى الخامسة لافتتاحها في وقت تمكنت فيه قناة السويس من تعزيز مكانتها الرائدة وكسب ثقة عملاء المجتمع الملاحي، بالرغم من الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم، والتداعيات السلبية لأزمة كورونا على حركة التجارة الدولية، حيث نجحت الدولة من خلال هيئة قناة السويس في وضع استراتيجية للتعامل مع الأزمة وفق نهج علمي ومدروس قائم على تبني سياسات تسويقية وتسعيرية مرنة، بالإضافة إلى اتباع الإجراءات الوقائية والاحترازية من خلال تفعيل حزمة الخدمات الإلكترونية المقدمة عبر الموقع الرسمي للهيئة، وأبرزها خدمة طلب عبور السفن.
وفي هذا السياق، أصدر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء تقريرًا تضمن إنفوجرافًا سلط الضوء على مدى صمود قناة السويس أمام الأزمات، وتحسن حركة الملاحة بها خلال الفترة الأخيرة، بالإضافة إلى الإنجازات التي تحققت على مدار السنوات الخمس الماضية في المنطقة الاقتصادية.
ورصد التقرير، زيادة حركة الملاحة في قناة السويس بنسبة 4.4%، لتصل إلى 9.5 ألف سفينة عبرت القناة خلال النصف الأول من عام 2020، مقارنة بـ 9.1 ألف سفينة عبرت القناة خلال نفس الفترة عام 2019، وذلك بالرغم من أزمة كورونا.
ووفقًا للتقرير، فقد لعبت الحوافز والتخفيضات الممنوحة، دورًا بارزًا في تحقيق طفرة كبيرة في معدلات عبور سفن الصب الجاف وناقلات البترول وسفن الغاز الطبيعي المسال خلال النصف الأول من 2020، حيث زادت سفن الصب الجاف بنسبة 36.3%، كما زادت ناقلات البترول بنسبة 9.6%، فضلاً عن زيادة ناقلات الغاز الطبيعي بنسبة 10.1%.
وأظهر التقرير، زيادة أعداد السفن العابرة للقناة لتصل إلى 19.3 ألف سفينة عبرت القناة خلال عام 2019/2020، مقارنة بـ 18.5 ألف سفينة عبرت القناة خلال عام 2018/2019، و17.9 ألف سفينة عبرت القناة خلال عام 2017/2018، و17 ألف سفينة خلال عام 2016/2017، بينما شهد عام 2015/2016 عبور 17.3 ألف سفينة، في حين زادت الحمولة الصافية بنسبة 16.9% في الأعوام المالية خلال الفترة 2015-2020 مقارنة بالفترة 2010-2015.
واستعرض التقرير، زيادة إيرادات قناة السويس بالدولار بنسبة 4.7% في الأعوام المالية خلال الفترة 2015-2020 مقارنة بالفترة 2010-2015، حيث بلغت إيرادات القناة خلال عام 2019/2020، نحو 5.7 مليار دولار، بعدما كانت 5.8 مليار دولار خلال عام 2018/2019، مُوضحًا أن هذا التراجع يعود إلى انخفاض حركة التجارة العالمية بنسبة 18.5%، خلال الربع الثاني لعام 2020، وتراجع مؤشرات الاقتصادات العالمية، وتأثير تداعيات أزمة فيروس كورونا على سوق النقل البحري.
وكانت إيرادات قناة السويس خلال عام 2017/2018، قد بلغت نحو 5.6 مليار دولار، و5 مليار دولار عام 2016/2017، في حين وصلت الإيرادات عام 2015/2016، نحو 5.1 مليار دولار.
وأبرز التقرير، احتلال مصر المرتبة الأولى أفريقيًا والثانية عربيًا، بمؤشر اتصال الخطوط الملاحية المنتظمة، وذلك بقيمة 66.7 نقطة عام 2019، مقارنة بـ62.4 نقطة عام 2018، هذا بجانب تقدمها 6 مراكز في مؤشر أجيليتي للوجيستيات في الأسواق الناشئة، لتحتل المركز الـ 20 عام 2020، مقارنة بالمركز الـ26 عام 2019.
وتأتي هذه المعدلات في الوقت الذي توقعت فيه وكالة «فيتش» زيادة الحمولة العابرة لقناة السويس خلال الفترة من 2020 إلى 2024، رغم تأثر الموانئ بأزمة كورونا، في حين أكد صندوق النقد الدولي أن إنشاء قناة السويس الجديدة ساهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي، كما أشار الرئيس الفرنسي إلى أن القناة تمثل أرضًا خصبة للفرص الاقتصادية بكافة المجالات.
وعلى صعيد متصل، أوضحت منظمة المجلس البحري البلطيقي والدولي ارتفاع حركة الملاحة بقناة السويس رغم توقعات تراجع التجارة العالمية نتيجة تفشي فيروس كورونا، بينما أشارت وكالة الأنباء الأمريكية إلى أن قيام الحكومة المصرية في عام 2015 بالتوسعة الكبيرة في القناة سمح لها باستيعاب أكبر السفن في العالم.
وتجدر الإشارة إلى أن تنفيذ قناة السويس الجديدة، استغرق 12 شهرًا، حيث بلغ إجمالي الطول الكلي للمشروع 72 كم، مقسمة إلى 35 كم حفر، و37 كم توسيع وتعميق تفريعات البحيرات الكبرى والبلاح، وبعمق 24 مترًا.
وانعكست القناة الجديدة إيجابًا على خفض زمن العبور المباشر للسفن دون توقف من 18 ساعة سابقًا إلى (10 – 11) ساعة، بجانب تقليل زمن الانتظار في حالة وجوده إلى (3- 4) ساعات بدلاً من (6 – 8) ساعات سابقًا.
وإضافة إلى ما سبق، وفي سياق ذي صلة أبرز التقرير، أيضًا إنجازات المنطقة الاقتصادية لقناة السويس خلال 5 سنوات، والتي تشمل البنية التحتية والمرافق، حيث بلغت تكلفة تنفيذ عدد من محطات الكهرباء 4.4 مليار جنيه، في حين بلغت تكلفة إنشاء عدد من محطات المياه 5.4 مليار جنيه ما بين محطات تحلية مياه البحر ومحطات رفع وتنقية وخزانات تكديس.
ورصد التقرير، أن تكلفة تنفيذ أعمال شبكة طرق بأعلى المعايير العالمية في المنطقة الصناعية بشرق بورسعيد بلغت 4.2 مليار جنيه، بإجمالي أطوال 64 كم، كما بلغت تكلفة تنفيذ أعمال تحسين التربة في المنطقة الصناعية بشرق بورسعيد 7.8 مليار جنيه بمساحة 17 كم2 كمرحلة أولى، بينما بلغت تكلفة إنشاء عدد من محطات ووحدات معالجة الصرف الصحي 2.4 مليار جنيه.
وفيما يتعلق بالموانئ والخدمات اللوجستية، جاء في التقرير أن تكلفة إنشاء 5 كم من الأرصفة الجديدة في ميناء شرق بورسعيد بلغت 6.8 مليار جنيه، وذلك بهدف زيادة أطوال الأرصفة بالميناء من 2.4 كم في عام 2014، إلى 7.4 كم في 2019، كما بلغ إجمالي استثمارات تنفيذ الحوض الثاني بميناء العين السخنة، وإنشاء محطة تداول الحاويات الثانية (CT2) نحو 10 مليار جنيه، وكذلك بلغت تكلفة تنفيذ بنية تحتية معلوماتية لميكنة وإدارة ميناء غرب بورسعيد نحو 94 مليون جنيه.
وتم افتتاح قناة ميناء شرق بورسعيد الجانبية بطول 9.2 كم، وعمق 18.5 متر، لتقليل زمن انتظار السفن من 13.5 ساعة إلى 4.6 ساعة، كما بلغت تكلفة تنفيذ محطة الصب الجاف بميناء الأدبية بنظام BOT نحو 264 مليون جنيه.
واستعرض التقرير، أبرز المشروعات المستهدفة بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والمتمثلة في المنطقة الصناعية الروسية بشرق بورسعيد، باستثمارات نحو 6.9 مليار دولار، على مساحة 5.25 كم2، حيث توفر المنطقة 35 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، بنسبة 90% عمالة مصرية، بجانب إقامة محطة متعددة الأغراض بميناء شرق بورسعيد باستثمارات مستهدفة 1.5 مليار جنيه، برصيف بطول 900 متر، وساحة بنظام BOT، حيث توفر المحطة 2300 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
ووفقًا للتقرير، فإنه من المستهدف أيضًا إنشاء أكبر مصنع للألياف الضوئية بالعين السخنة، باستثمارات أكثر من مليار جنيه، وبطاقة إنتاجية 4 مليون كم من الكابلات سنويًا، وذلك لخدمة الاستثمار المحلي، وكذلك التصدير للسوق العربي والأفريقي والأوروبي.
وأبرز التقرير، مراكز التدريب الفني، والمتمثلة في إنشاء الأكاديمية المصرية الألمانية للتدريب التقني، باستثمارات أكثر من 22 مليون يورو، من قبل التحالف بين شركة سيمنس العالمية ووزارة ألمانيا الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية، مع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، حيث ستقوم الأكاديمية بتوفير التدريب لأكثر من 5500 شاب مصري، ما بين مهندس وفني على مدار الخمس سنوات المقبلة، وكذلك إنشاء مركز تدريب فني بالتعاون مع الحكومة الصينية، باستثمارات 110 مليون جنيه، بهدف تدريب وتأهيل العمالة بالمنطقة ورفع كفاءتها في إطار اهتمام المنطقة بأهمية تأهيل العنصر البشري.