جددت السلطات السودانية، اليوم، تحذيرها من هطول أمطار غزيرة فى 15 ولاية من ولايات البلاد، خلال اليومين المقبلين، بعد أن أسفرت الفيضانات والسيول العارمة المصاحبة لها عن تدمير آلاف المنازل فى عدة ولايات وانهيار سد «بوط» فى ولاية النيل الأزرق، وتشريد آلاف الأسر، خلال الأيام الماضية، ولا يزال آلاف المواطنين محاصرين بسبب المياه الغزيرة فى شوارع الخرطوم والعديد من المدن والولايات الأخرى.
وناشدت الهيئة العامة للأرصاد الجوية، فى السودان، المواطنين بأخذ الحيطة والحذر فى الأجزاء الجنوبية من ولايتى البحر الأحمر، ونهر النيل، وفى كل مناطق ولايات كسلا، والقضارف، سنار، الجزيرة، الخرطوم، النيل الأبيض، النيل الأزرق، وأجزاء واسعة من ولايات كردفان الكبرى ودارفور الكبرى، وأكدت الهيئة أن الأمطار تواصل الهطول بغزارة فى مناطق من ولاية كسلا. وبدورها، طالبت الإدارة العامة لشؤون مياه النيل، المواطنين باتخاذ الحيطة والحذر من الارتفاع المتوقع لمنسوب المياه بعدد من الخزانات ودعتهم إلى الحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم.
وتوقعت وحدة الإنذار المبكر بهيئة الأرصاد هطول أمطار غزيرة مصحوبة برياح وزوابع رعدية اليوم فى 15 ولاية، بينها العاصمة الخرطوم، وطالبت الهيئة المواطنين القاطنين فى المناطق المكشوفة، أو القريبة من مجارى المياه، باتخاذ التدابير اللازمة.
وبدورها، دعت وزارة الرى والموارد المائية المواطنين إلى الحذر من ارتفاع منسوب النيل فى عدد من المناطق حفاظا على أرواحهم وممتلكاتهم، وأظهرت تقارير الوزارة ارتفاع منسوب المياه فى مناطق الدمازين، سنار، الخرطوم شندى، عطبرة، خشم القربة، سد مروى، ودنقلا.
وكانت وزارة الداخلية السودانية أعلنت، أمس الأول، مقتل 5 أشخاص وإصابة 3 آخرين، ودمار آلاف المنازل والمؤسسات التعليمية والمساجد، بسبب الأمطار والسيول التى تشهدها غالبية ولايات البلاد، ولا يزال السودانيون يترقبون استمرار سقوط الأمطار خلال اليومين المقبلين، وسط تحذيرات من ارتفاع مناسيب المياه فى نهر النيل، ومخاوف من حدوث كارثة إنسانية شبيهة بالتى شهدتها البلاد فى خريف 1988.
وكانت أغلبية ولايات البلاد تعرضت، مع بداية عطلة عيد الأضحى، لسيول جارفة وأمطار متفاوتة بين الغزيرة والمتوسطة، وسط مخاوف من تفاقم الخسائر البشرية والمادية، فى ظل ضعف البنية التحتية، ومعدات مواجهة الكوارث، وحاصرت السيول السكان فى ضواحى شرق وجنوب وغرب الخرطوم، ما ينذر بتمدد السيول إلى مناطق العاصمة الداخلية، مع استمرار تدفق المياه وهطول الأمطار، ووصلت السيول إلى منطقة العليفون، التى تبعد 30 كيلو متراً من وسط العامة الخرطوم، حيث غمرت كميات كبيرة من المياه القادمة من سهول شرق البلاد الأحياء السكنية والمرافق العامة بالمنطقة، وتزايدت مخاوف السكان من تدفق المياه من النيل ما قد يتسبب فى كارثة. ودعا حاكم ولاية الخرطوم، أيمن خالد، إلى استحداث لجنة دائمة لمواجهة الكوارث، وأعلن تخصيص مقر لمبادرة «نفير» الشبابية، وتقديم كل ما يلزم للتعامل مع الأوضاع الحالية، وينشط فى «نفير» الآلاف من الشبان السودانيين، ويقدمون المساعدات للمتضررين على الأرض، وتواصل الحكومة والولايات والمنظمات الإنسانية تقديم الدعم للمتضررين، وأفادت تقارير إعلامية بمقتل 6 أشخاص فى ولاية الجزيرة، كما أثرت الأمطار الغزيرة والفيضانات المفاجئة على عشرات آلاف النازحين فى ولايات بما فيها دارفور، فى حين يعوق هطول الأمطار المتواصلة إنتاج المحاصيل، ويزيد من مخاطر تفشى الأمراض.
وفى الوقت نفسه، كشف تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية فى السودان «أوشا»، أوضاعا كارثية عن تأثير الفيضانات والأمطار فى معظم الولايات، وكشفت النشرة الدورية للمكتب عن تدمير أكثر من ٣١٨ منزلا بشكل كلى و٥٨٩ منزلا بشكل جزئى فى مناطق «بوط»، و«ود أبوك» بولاية النيل الأزرق، وتضرر مئات العائلات التى شردتها المياه بعد انهيار منازلهم، وتعتبر ولايات الخرطوم والنيل الأزرق ونهر النيل الأكثر تضرراً، بجانب تسجيل خسائر كبيرة بولايات الجزيرة وغرب كردفان وجنوب دارفور.
وفى ولاية النيل الأزرق، غمرت المياه 12 حيا على الأقل فى اتجاه مجرى النهر فى مدينة بوط، مما أدى إلى انهيار سد «بوط» منذ أيام، ودمار 600 منزل، وتضرر حوالى 4 آلاف شخص، أصبح معظمهم بلا مأوى، وسط مخاوف من انهيار المزيد من المنازل، حيث يتواصل هطول الأمطار، وفى ولاية نهر النيل، انهار 75 منزلا، وتضرر أكثر من 260 منزلا أخرى، وجرفت المياه الغزيرة الأغذية والممتلكات ومئات الأشخاص، وتحتاج الأسر المتضررة إلى الغذاء والمأوى ومواد الطوارئ الأخرى.
وفى ولاية الخرطوم، أصيب أكثر من 180 منزلاً بأضرار بالغة، كما تعرضت مئات المنازل لدمار جزئى، ودمرت المياه عشرات المنازل فى محلية شرق النيل، فى أعقاب عاصفة ضربت العاصمة منذ نهاية يوليو الماضى، ووفقاً للسلطات، فإن مناطق «أم ضوا بان»، وقرية النزيلية، وأبو قرون غرب، وأبو قرون - جنوب، وجبارين، وأم درمان، هى الأكثر تضرراً، وأصبحت عشرات العائلات بحاجة ماسة للغذاء ومأوى الطوارئ، بحسب ما نقل تقرير «أوشا»، كما حاصرت مياه السيول قرية «النزيلة» شرق النيل، جنوب الخرطوم، من كافة الاتجاهات، مما أدى إلى انهيار منازل عشرات الأسر.