أكَّد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أن كلمة «وَاضْرِبُوهُنَّ» ليست أمراً مفتوحاً بضَرْب الزَّوجة، يفعله الزوج متى شاء ويتركه متى يريد، وأن النبى- صلى الله عليه وسلم- لم يأمر به، ولم يُشجِّعْه، ولم يمارِسْه مرةً واحدةً في حياته، لكن للأسف الشديد فُهِمَ هذا الموضوع.
وقال شيخ الأزهر، في تصريح خاص لجريدة «صوت الأزهر» الصادرة عن مشيخة الازهر الشريف، وتنشره في عددها، الأربعاء، أن الدواء الأخير الذي وصفه القرآن الكريم لعلاج نشوز الزوجة في قوله تعالى: *«وَاللَّاتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِى الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً»، هو الضَّرْب الرَّمْزى وهو – فيما يُجْمِعُ عليه أئمة العلم- المقصود منه الإصلاح، وليس الإيلام أو الإيذاء والضرر.
وأشار إلى أن العلماء فسروا المراد بالضَّرْب بأنه الضَّرْب الرَّمْزى بالمسواك مثلاً أو فرشة الأسنان في هذا الزمن، ما يعنى إعلان الغضب وليس الإيذاء. وأمام هذا الفهم يتبيَّن أن الضرب كما يفهمه العامة مُحرَّمٌ تماماً كما حرَّم الإسلام الإيذاء البدنى لأى إنسان حتى أسرى الحرب، علماً أن هذا الفَهْم للنَّصِّ القرآنى لابد أن يجرى استيعابُه في إطار حرص القرآن الكريم على ترشيد ثقافة كانت سائدة تستبيح أجساد النساء ولا ترى حرجاً في ضربهن وإيذائهن، ولا تزال هذه الثقافة موجودة حتى في قلب أوروبا وأمريكا واليابان.
ودلَّل الإمام الاكبر على حديثه بأن أمر الضَّرْب ورد في كلمة واحدة في القرآن الكريم (وَاضْرِبُوهُنَّ) في مقابل منظومة ضخمة من النصوص القرآنية الصريحة التي تحافظ على المرأة وعلى كرامتها، وتأمر الرجل بأن يحسن معاملتها وعشرتها، مثل قول الله تعالى: «وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ»، وقوله: «فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ»، و«وَلَا تُضَارُّوهُنَّ»، وقوله أيضاً: «فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً»، لافتاً إلى أن كلمة «الضَّرْب» إذا وُضِعتْ إلى جوار هذه المنظومة تبيَّن أن هذه الكلمة ليست مقصودة لذاتها.
وأعاد الإمام التأكيد على أن العلماء عدُّوا الضَّرْب عقوبة رمزية.. وشروطها الكاملة المانعة للإيذاء تكاد تجعلها تعجيزية.. وتقول للناس إن ما في أفهامكم عن الضَّرْب مُحرَّم تماماً.
واختتم فضيلة الإمام الأكبر حديثه مُؤكِّداً أنَّ الأزهر يُوضِّح صحيح الدِّين، وأهم توضيح أن الإسلام دينٌ يرفض كلَّ مظاهر العُنف، ويُقدِّس الحياة الزوجية، ويدعو إلى إدارتها بتعقُّلٍ وبصيرة، وإذا ما تأزَّمت الأمور بين الشريكين، ولم تُجْدِ المفاوضات نفعاً، فقد كفل لهما الإسلامُ فُرصةً أخرى؛ كى يبدأ كلٌّ منهما حياةً جديدة مستقلَّة، ربما تمنحه قدرَ ما يستحقُّ من السعادة والحياة الآمِنة.