قرأت على مضض مبادرة سعد الدين إبراهيم للعفو عن مبارك ومرسى.. لم تصمد المبادرة أمام حوادث الإرهاب.. لا أعرف لماذا تقدم بها سعد الدين إبراهيم الآن؟.. لا أعرف أصلاً حقيقة الدور الذى يلعبه مركز ابن خلدون.. لا أعرف أيضاً مصداقية الأخبار التى تقول إنه عرّاب الإخوان فى أمريكا.. ما أعرفه أن المبادرة فى توقيتها مريبة.. خاصة أن مرسى غير معتقل، وإنما متهم بقضايا جنائية!
فاجأنى رد عائلة مبارك.. أقول فاجأنى، لأنه رفض العفو، وطلب استمرار المحاكمة.. وفاجأنى لأنه رفض أن يكون فى قرار واحد مع مرسى.. الرد كان حاسماً ومفحماً.. قال المصدر نفسه- ما معناه: أهون على مبارك أن يبقى فى السجن للأبد من أن يخرج بعفو رئاسى مع مرسى!.. كأنه يشير إلى فارق كبير فى المشهد.. مرسى متهم بالخيانة من ناحية.. ومن ناحية أخرى لأن مرسى قتل شعبه وروعه!
وبغض النظر عن قبول الشعب العفو، أو قدرة الرئيس منصور على اتخاذ القرار أصلاً، فإن سعد الدين إبراهيم لم يدافع عن مبادرته.. ربما يكون قد ألقى فكرة لوقف الاغتيالات.. يبقى السؤال: هل نحن نريدها دولة قانونية، أم دولة مواءمات سياسية؟.. هذا ما قاله بالضبط الدكتور نور فرحات للإعلامية الصديقة رانيا بدوى.. العفو لا يصدر إلا بعد الأحكام النهائية، وبالتأكيد سعد الدين يعرف ذلك!
أختلف مع المبادرة تماماً.. أولاً: مبادرة من هذا النوع تعترف بقوة الإخوان.. ثانياً: تطبق المثل الذى يقول «اللى ليه ضهر ما ينضربش على بطنه».. ثالثاً: تهدم فكرة الدولة القانونية.. رابعاً: تسوى بين أبوقرش وأبوقرشين.. من هنا كان رد عائلة مبارك له معنى وقيمة.. مبارك انسحب فى هدوء.. تنحى مبكراً.. مرسى لم ينسحب، لكنه خان وطنه وحرض على قتل شعبه، واستعدى عليه!
الفكرة مرفوضة أصلاً.. بغض النظر كانت من صلاحيات الرئيس المؤقت أم من صلاحيات النائب العام؟.. لا جيرة بعد حرق الجرن.. كما يقولون.. مرسى لم يخرج من الحكم وهو يحافظ على الوطن.. جماعته راحت تحرق الأخضر واليابس.. عادت تنتقم وتنفذ اغتيالات سياسية.. جماعته أو أنصاره لا فرق.. كلهم واحد وكلهم إرهابيون.. غير منطقى أن يكافأ «مرسى» على إرهاب جماعته!
لا عفو قبل المحاكمات.. لا عفو عن جريمة الخيانة الوطنية.. لا عفو عن جرائم القتل.. هناك جرائم لا تسقط بالتقادم.. مصر تخوض حرباً ضد الإرهاب.. لا يمكن أن نكافئ الإرهابيين بقرارات عفو جمهورية كما فعل مرسى.. مرسى كافأ قتلة السادات.. كافأ تجار المخدرات.. أصدر قرارات جمهورية بالعفو عن مدانين.. هل نعيد الخطأ من جديد؟.. هل نرتكب نفس حماقة مرسى بعد الثورة؟!
أغرب ما تسمعه أن اغتيال وزير الداخلية تمثيلية.. أطرف ما تسمعه أن الإخوان لا علاقة لهم بالاغتيالات، ولا الأعمال الإرهابية.. الإخوان زى القطط السيامى.. لا قتلوا ولا حرضوا ولا شتموا.. رأيت مسيرتهم تشتم «السيسى»، القائد البطل أمام ضباطه وجنوده.. لم يرد الجنود بالمرة.. كان لسان حالهم يقول: القبيح بيشتم الباشا!