طرح وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم في مصر العديد من التساؤلات في جارتها الجنوبية. وبينما أثار ذلك مخاوف بعض السودانيين من تكرار تجربتهم في مصر، رأى آخرون أن التجربة التركية هي الأكثر قابلية للتحقق في مصر.
حول هذين الطرحين، تحدثت «المصري اليوم» مع حسن الترابي، زعيم الحركة الإسلامية في السودان، الذي أعرب عن وجهات نظر مغايرة، إذ يرى أن الغرب يرغب في استئصال الإسلام، مهما كانت تصوراته ومفاهيمه التي ينطلق منها.
وقال الدكتور الترابي، زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض في السودان: «منذ أن وصل الإسلاميون إلى السلطة في مصر، بدأ العسكر والسلطة القضائية العمل ضدهم. ما يحدث في مصر حاليًا من أزمة داخلية تأتي في إطار ضغوط الغرب على الإسلام، فحيثما ولدت الديمقراطية إسلامًا يضاغطونه حتى يستسلم وعندئذ يتم غزوه بالثقافة المادية والليبرالية ليموت».
وأضاف: «الغرب استعان بالطغاة في كل البلاد العربية حتى يكبت الإسلام، ومهما تعاظمت أدوات القمع لا يبالون بذلك، لأن حقوق الإنسان خاصة بهم فقط، وعندما يزج بالإسلاميين في السجون لا يتذكرونهم».
وحول قرار الرئيس مرسي عودة البرلمان، قال الترابي «الآن اكتسح الإسلاميون أول انتخابات رئاسية تقام في مصر منذ آلاف السنين، لكن قضاة المحكمة الذين عينهم الرئيس السابق حسني مبارك والضباط الذين عينهم الرئيس الراحل أنور السادات تحالفوا ضدهم. ورغم محاولتهم إبعاد مرسي عن كرسي الرئاسة، إلا أنهم فشلوا، فحاولوا محاصرته بالإعلان الدستوري المكمل».
وأوضح: «أنا قانوني وأعرف أن القانون يمكن أن يتم تسخيره لخدمة السلطة القابضة، ولنا في السودان شواهد. المحكمة الدستورية في كثير من القضايا تسخر لصالح خدمة السلطة. وكذلك في تونس وليبيا كل القوى الإسلامية محاصرة بمثل هذه المحاكم المسخرة. لكن في الجزائر، قطعوا الطريق على الظاهرة الإسلامية قبل أن تنمو».
وما اذا كان النموذج التركي هو الأكثر ملاءمة للأوضاع في مصر، قال الترابي: «الناس يتحدثون عن النموذج التركي هذه الأيام، لكن لابد من العودة للتاريخ، فالجيش هناك طمس كل معالم الهوية الإسلامية واللغة العربية ومسح الشريعة وقتل العلماء. أوروبا الغربية تظن أن ذلك ضمان الديمقراطية عندهم، لأن تركيا دوختهم أيام الدولة العثمانية، وهم لا يريدون تكرار التجربة».
وأوضح: «لذلك ظهر الإسلام في تركيا، لكنه اضطر أن يتزيأ بثوب الغرب، حتى إذا أراد نصرة المسلمين في سوريا تدخل في إطار الديمقراطية وحقوق الإنسان. مهما كانت الضغوط، فالإسلام قادرعلى الصعود. والليبراليون هم فرائس للغرب، لكنهم شتات فى الأرض وكثير من أحزابهم بارت».
وحول الشريعة الإسلامية التي قال الرئيس السوداني عمر البشير مؤخرًا إنه بصدد تطبقيها واعتمادها مصدرًا رئيسيًا للتشريع في السودان، وقال الترابي: «إن السودان يسير وفقا لذات النهج وهو سابق في المد الإسلامى منذ الثورة المهدية، لكن حكام العرب من عملاء الغرب ضاغطو السلطان في السودان حتى مسح الدين وأطاح بالإسلاميين وزج بهم فى السجون واستبدل شعارته بشعارات تموية وتزييف».
وعلق الترابي على خروج التصريح على لسان البشير نفسه قائلا بسخرية «من يتحدث عن تطبيق الشريعة هو الذي قتل رعيته وينبغى أن يذهب للمحاكمة». وأضاف: «بعد أن بتروا الجنوب يفكرون فى تمزيق بقية البلاد لطمس الهوية، لكن كل المذاهب التي غمرتنا وغشيتنا ستذهب لأن الإسلام قادم».
ووصل الترابى إلى سدة الحكم في السودان بانقلاب عسكري عام 1989 من خلال تحالف بينه وبين العسكر، بقيادة الرئيس البشير. وفى تسعينيات القرن الماضي، أسس الترابي «المؤتمر الإسلامي العالمي»، وهو تجمع إسلامى يجمع قيادات الحركة الإسلامية العالمية، والقوميين المعارضين لسياسات الغرب.
وفي عام 1999 نشب خلاف بين الترابي والبشير، بموجبه قام البشير باعتقاله عدة مرات، قبل أن يأسس الترابي حزبا يعد من أكبر الأحزاب المعارضة للبشير الآن. ولم يتوان في التحالف مع خصومه اللدوليين من الشيوعيين والحركة الشعبية، بغية إسقاط حكومة البشير.