x

سد النهضة بين نفاذ الصبر المصري و9 سنوات من المماطلة الإثيوبية.. ومكملين (تقرير)

السبت 18-07-2020 19:49 | كتب: عمر علاء |
سد النهضة الإثيوبى  - صورة أرشيفية سد النهضة الإثيوبى - صورة أرشيفية تصوير : رويترز

شهدت الأيام الماضية، تضارب في التصريحات الإثيوبية بشأن البدء في ملء سد النهضة، فبعد إعلان وزير الري الإثيوبي، سيليشي بيكيلي، الأربعاء الماضي، بدء الملء الأولي للسد، سرعان ما اعتذر التلفزيون الإثيوبي الرسمي، بعدها بساعات: «نعتذر عن سوء التفسير للتقرير السابق على صفحتنا على وسائل التواصل الاجتماعي (سد النهضة الكبير بدأ يملأ)».

كما نفى وزير المياه الإثيوبي، تقارير نقلت عنه قوله إن الحكومة بدأت في ملء سد النهضة الإثيوبي، وصرح لوكالة أسوشيتد برس بأن الصور التي نشرتها وكالة «رويترز»، عكست الأمطار الغزيرة وأن التدفق كان أكبر من التدفق الطبيعي، وليست ملء للسد.

الرد المصري أتى سريعا، فسرعان ما طالبت وزارة الخارجية إيضاحاً رسمياً عاجلاً من الحكومة الإثيوبية بشأن مدى صحة ما تردد إعلامياً عن بدء إثيوبيا ملء خزان سد النهضة.

ورغم النفي الإثيوبي، إلا أن وزارة الري والموارد المائية السودانية قالت، في بيان، الأربعاء الماضي، «إن هناك انخفاض في مستويات المياه بما يعادل 90 مليون متر مكعب يوميا ما يؤكد إغلاق بوابات سد النهضة».

ويأتي هذا التضارب في ظل استمرار مسار التفاوض تحت رعاية الاتحاد الأفريقي بين الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا)، ومن المزمع عقد قمة أفريقية مصغرة، في الأيام المقبلة، برئاسة جنوب أفريقيا، رئيس الاتحاد هذه الدورة، بعد أن أسدلت الستار، الاثنين الماضي، عن جولة مفاوضات استمرت لـ 11 يوما على مستوى الخبراء الفنيين ووزراء المياه للدول الثلاث، بهدف الوصول لاتفاق حول النقاط الخلافية بشأن ملء وتشغيل سد النهضة. وبحسب بيان وزارة الري المصرية، فإن مناقشات اللجان الفنية والقانونية عكست استمرار الخلافات حول القضايا الرئيسية.

وتعد أبرز القضايا الخلافية، مدى إلزامية الاتفاقية، وآلية فض النزاعات، والقضايا المرتبطة بقواعد الملء في فترات الجفاف.

الدكتور محمد نصر علام، وزير الري الأسبق، يقول إن «التضارب في التصريحات الإثيوبية قد يكون الهدف منه الضغط على مصر للتفاوض بشروط إثيوبية»، وأضاف في تصريحات خاصة لـ«المصري اليوم» أن «مصر سئمت من طول أمد المفاوضات التي تأتى بدون نتائج ملموسة»، وتابع «أنه في حالة ثبوت اتخاذ إثيوبيا قرار منفرد بملء السد فيجب على الاتحاد الأفريقي إجبار أديس أبابا على التراجع وإلا فليس هناك جدوى من التفاوض».

وعلق وزير الري الأسبق حول شروع إثيوبيا في ملء السد فعليا من عدمه، قائلا: «إن إثيوبيا دولة مارقة وتفعل أي شئ»، لافتا إلى أن إثبات الملء من عدمه سيأخذ أسابيع خاصة أننا في موسم فيضانات، وبالتالي هناك فرق بين تصرفات فتحات السد، والمياه الواردة في بحيرة السد، لكن بعد انتهاء موسم الفيضانات ستضح الرؤية لأن المنصرف سيكون أكثر من الوارد.

وشدد «علام» على أن الصورة الضبابية التي تخيم على المشهد السياسي الآن يجب أن يتم إيضاحها من قبل كافة أطراف التفاوض، مؤكدا أن ملء السد مسألة حساسة يجب إيضاحها عبر الجهات الرسمية للدول.

أما هاني سليمان، مدير المركز العربي للبحوث والدراسات، يرى أن «التصريحات الإثيوبية استمرارا لسياسة إثيوبيا للعب على المتناقضات، في تبني خطابين، أحدهما يقبل المفاوضات ومبادئ القانون الدولي للأنهار، والآخر يعتبر نهر النيل نهر داخلي وليس دولي ويتخذ قرارات منفردة».

وأضاف «سليمان»، في تصريحات خاصة لـ«المصري اليوم»، أنه في حالة ثبت أن إثيوبيا بدأت في ملء السد، فيجب على مصر الاتجاه لوضع مزيد من الضغوط على إثيوبيا عبر تصعيد الأمر لمجلس الأمن، وتحمل إثيوبيا لمسؤوليتها أمام المجتمع الدولي.

وحذر مدير المركز العربي من خطورة الخطوة الإثيوبية رغم أن نسبة المياه المخزنة 4.9 مليار متر مكعب ضئيلة، ولن تؤثر على حصة مصر والسودان، وأن هذه الخطوة تحمل دلالة خطيرة، وهو اتخاذ قرار أحادي بشأن السد الأمر الذي يدفع إلى مزيد من التأزم.

وحول قدرة المفاوضات على حل النقاط الخلافية، يقول السفير محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق، إنه لا ينظر إلى القمة المرتقبة بتفاؤل كبير، وأضاف في تصريحات خاصة لـ«المصري اليوم»، أنه من متابعة السلوك الإثيوبي يجب أن تكون حذر في التعامل في هذا الملف، لافتاً إلى أن «تسع سنوات من المماطلة الإثيوبية كفيلة لإثبات عدم حسن النوايا الإثيوبية».

وتابع «العرابي» أنه منذ إبريل 2011 عندما شرعت إثيوبيا في بناء السد، كان من المفترض أن تقدم عرض مقبول يتفق مع القانون الدولي وقانون الأنهار الدولي، وروح الاتحاد الأفريقي وروح حوض النيل، مضيفاً أن حوض نهر النيل حوض للتعاون وليس للمواجهة.

وحذر من أن السلوك الإثيوبي يتبنى سياسة الأمر الواقع، وأنه قد يتوالى في تنفيذ مشاريع أخرى قادمة على حوض النيل.

وحول توقعاته بشأن مخرجات القمة المرتقبة، أشار وزير الخارجية الأسبق إلى أن «الاجتماعات على مستوى القادة دائما ما تصل إلى حلول، خاصة أن لديهم قدر من تفاهم أكثر من الفنيين ولديهم قدر أكبر من الإرادة السياسية، لكن يجب أن يكون تفاؤلنا حذر»، مشددا على أنه يجب التحرك في مسارات متعددة، وهذا ما تقوم به مصر الآن.

وحول تدويل القضية، أشار «العرابي» إلى أن التدويل مهم وضروري لكنه ليس بالضرورة قادر على أن يغير الموقف الإثيوبي.

من جهته، قال الدكتور هاني رسلان، مؤسس وحدة دراسات حوض النيل في مركز الأهرام للدراسات السياسية، «إنه ليس هناك استبشار كبير في قدرة المفاوضات على حل الخلاف خاصة أن إثيوبيا لم تكن صادقة في نواياها بشأن استدعاء الاتحاد الأفريقي وأنها كانت تتخذ من هذا مناورة بسوء نية».

وأشار إلى أن كان هناك تجربة مماثلة في مفاوضات واشنطن تحت رعاية البنك الدولي والتي جرت منذ أقل من عام، ووضع البنك الدولي صياغة للنقاط الخلافية لكن إثيوبيا انسحبت من المفاوضات.

وانتقد «رسلان» ضعف قدرات التنظيمية والادارية للاتحاد الأفريقي، بشأن ترتيب المفاوضات بشكل فعال، موضحا أنه كان من المزمع أن تستغرق المفاوضات أسبوعين، الأسبوع الأول للفنيين والمراقبين وزراء المياه للدول الثلاث، الأسبوع الثانى اجتماع القادة لسد الفجوات ومناقشة نهائية للقضايا السياسية، لافتا إلى أن المفاوضات بدأت متأخرة ثلاث أيام، كما أن الاجتماعات على مستوى وزراء المياه استغرقت 11 يوما بدل من أسبوع، كما لم يتم الاتفاق على أي نقطة خلافية.

وعلى صعيد متصل، قال الدكتور عمرو هاشم ربيع، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، «إن هناك نوع من التشاؤم حول إمكانية الوصول لاتفاق من خلال القمة»، لافتا إلى أن «هناك توجه إثيوبي منذ البداية لعدم الوصول لاتفاق والإصرار على موقف متصلب ومتشدد، مما سيعيق الوصول لاتفاق».

وأضاف «ربيع»، أن «المماطلة الإثيوبية، تعقد المشهد، وتجعل الحل العسكري مع مرور الوقت يصعد للمقدمة»، وحذر من أن «الموقف الإثيوبي يدفع مصر إلى حالة من نفاذ الصبر، خاصة أن مصر اتخذت كل سبل الدبلوماسية، سواء المباحثات بين البلدين أو مفاوضات يرعاها البنك الدولي ثم مفاوضات يرعاها الاتحاد الأفريقي».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية