x

نادر نور الدين محمد مصر ترفع أسعار القمح العالمى بجهالة نادر نور الدين محمد الإثنين 02-09-2013 00:39


رغم زيادة محصول القمح العالمى لهذا العام بمقدار 7%، وتسجيله رقما عالميا يتجاوز لأول مرة فى التاريخ 700 مليون طن، والتوقع بانخفاض أسعاره واستقرارها خلال العام الحالى إلا أن مصر، وبسبب قصور فى العلم والخبرة بالبورصات العالمية تسببت فى ارتفاع لا مبرر له فى أسعار القمح عالميا. السبب أن وزير التموين الإخوانى المخلوع وغير المتخصص لا فى الأمن الغذائى ولا فى السلع التموينية أراد أن يزرع فتنة بعد خلع رئيسه ومرشده فأعلن أن المخزون الاستراتيجى للقمح المصرى فى خطر داهم استغلالا لحالة الجهالة، التى عليها أغلب المسؤولين فى مصر فى المرحلة الحالية، التى سرعان ما ارتعشت سيقانهم، وأكدوا صحة الخبر مع إلقاء التهمة على الوزير الإخوانى بأنه هو المسؤول عن هذا التقصير، وأنهم سيتداركون الأمر سريعا بشراء عدة صفقات من القمح قد تتجاوز مليون طن فى شهر واحد، لتعويض المخزون الاستراتيجى المصرى وتهديد أمننا الغذائى!

حقيقة الأمر أنه بعد عزل محمد مرسى ووزرائه الإخوانيين فى الثالث من يوليو، وقت التصريح المشبوه للوزير الإخوانى، كان موسم توريد القمح المحلى قد سجل أقل قليلا من 3.7 مليون طن، وهى كمية تعادل التزامات القطاع الحكومى للدولة المتمثل فى وزارة التموين لإنتاج الرغيف البلدى والطباقى لمدة خمسة أشهر كاملة بمعدل طحن شهرى للقمح يبلغ 750 ألف طن، وهو مخزون رائع لأى دولة مستوردة للقمح فى العالم، التى عادة ما يتراوح متوسط المخزون الاستراتيجى المقبول بها بين 60 و70 يوما فقط، وبما لا يكلف الدول إنشاء صوامع كثيرة، وبشكل مبالغ فيه لاستخدامها لفترات مؤقتة وليس بطاقة عمل 100% لتكون ذات جدوى اقتصادية. إذن الموقف يشير إلى امتلاك مصر كمية من القمح تكفيها لخمسة أشهر «مائة وخمسين يوميا» أى ضعف المعدلات العالمية المقبولة للدولة المستوردة للقمح، وبما يكفى مصر حتى بداية شهر ديسمبر المقبل بفرض أن رصيدنا من الأقماح المستوردة كان صفرا، وهو غير ممكن، وبالتالى لا يوجد ما يدعو إلى الخوف والهرولة للأسواق العالمية مسببة زيادة فى أسعاره، بسبب نقص الخبرة، وبعيدا عن العلم، وأصول العمل فى التعامل مع بورصات الغذاء العالمية. سبب هذه الهرولة غير المبررة هو اللوائح الصنمية، التى ما زال يعبدها الجميع، وهم يعلمون أنها كاذبة وكارثية، بسبب وجود قرار وزارى مضى عليه نحو ثلاثة عشر عاما يقضى بخلط القمح المحلى مع مثيله المستورد عند الطحن لإنتاج الرغيف البلدى بنسبة لا تقل عن 50% من القمح المحلى، وهو أيضا قرار ليس له مثيل فى العالم إلا فى مصرنا فقط، بسبب استيرادنا أقماح الدرجة الثانية، ونأتى للثانية ولماذا الالتزام بهذا القرار الصنمى فى نسبة الخلط ما دام لدينا وفرة من القمح المحلى تغطى استهلاكنا لخمسة أشهر، وأغلبها يخزن فى الشون الترابية، والمفتوحة فى العراء، ويصاب بكل الفطريات، ومخلفات الطيور والقوارض والسموم، والأتربة، ويدخل عليه موسم الأمطار فتنبت الحبوب، ويتحول طعمها إلى المرار، ويتم سنويا إعدام آلاف الأطنان منها، بسبب فسادها، والأوقع والأفضل وما يفرضه العقل والمنطق أن يتم سحب الأقماح المخزنة فى العراء سريعا، وقبل نهاية شهر أكتوبر من كل عام.

وقبل بداية موسم الأمطار، خاصة فى محافظات الوجه البحرى، التى تمثل غالبية إنتاج القمح فى مصر، واستخدامها منفردة فى إنتاج الرغيف المدعم قبل أن يصيبها التلف من العوامل السابقة، والتعرض للسرقة، وبعدها نبدأ فى سحب القمح من الصوامع المغلقة والمكيفة، التى توفر الصورة الصحيحة العلمية للتخزين، ثم نبدأ فى التعاقد على الأقماح الأجنبية ابتداء من شهر أكتوبر، وحتى شهر إبريل لنبدأ فى توفير الفراغات اللازمة لاستقبال القمح المحلى فى مايو من كل عام. السؤال هنا الذى يطرح نفسه هل تقوم أى من الدول المستوردة للقمح مثلنا فى المنطقة العربية مثل الجزائر والعراق واليمن وهى معنا فى قائمة الدول العشر الأكثر استيرادا للقمح فى العالم، التى تتربع مصر على قمتها منذ عام 2005، هل تقوم بخلط القمح المستورد بالمحلى بنسب أصنامية نعبدها دون الله؟! وبالمثل هل تقوم المملكة العربية السعودية وباقى دول الخليج بهذا الخلط؟!

فما الجدوى من الالتزام بقرار وزير ربما يكون خاطئا، وهو كذلك بالفعل، فنهرول إلى الأسواق العالمية، ونستورد مليون طن فى أقل من شهر، فنرفع الأسعار العالمية دون داع أو منطق؟! ومن المفترض أن ما يتبقى للجهاز الحكومى لاستكمال حاجته من القمح المستورد بعد تسلم القمح المحلى هو فقط 5.3 مليون طن ليصل إلى رقم الاستهلاك 9 ملايين طن، أى أننا لا يمكن أن تزيد وارداتنا من القمح علميا على نصف مليون طن شهريا فقط بما لا يخل بالأسعار العالمية، ويضرنا قبل أن يضر غيرنا، ويجعلنا نرمى بأقماحنا فى شونات العراء القاتلة، لأن ما لدينا من صوامع تخزين محكمة لا يستوعب إلا أقل من 1.5 مليون طن فقط للتخزين الصحى العالمى، ثم نأتى بعد ذلك إلى تعالى الصيحات سواء من وزارة الزراعة، التى تدعى كذبا كل عام أن إنتاجها للقمح وفير للغاية، ولكنها لا تستطيع توريده للدولة، بسبب عدم وجود فراغات للتخزين، وهو كذب أشر فلم يذهب فلاح قط لتوريد قمحه، وتم رفض تسلمه منه طوال العشرين عاما الماضية، وبالتالى ابحثوا عن حجة ثانية تبررون بها المبالغة فى محصولكم من القمح.

الأمر الآخر أن إنشاء الصوامع للدول المنتجة للقمح يرتبط فقط بأقصى إنتاجية متوقع توريدها للدولة إذا ما كانت دولة منتجة للقمح، أو أقصى مخزون استراتيجى علميا للبلاد، وهو ما يقدر فى العالم بنحو 70 يوما، وربما يمكن أن نصل به فى مصر إلى ثلاثة أشهر دون زيادة تقنينا لاستخدام العملات الأجنبية فى الاستيراد، وبالتالى نصل إلى أن إجمالى الصوامع فى مصر المزمع إنشاؤها لا ينبغى أن تتجاوز سعة 4 ملايين طن، وإلا كان ذلك إسرافا وسوء تدبير غير مقبول، وينبغى أن نتخلص من فوبيا القمح تخزينا وإنتاجا.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية