قال الدكتور محسن توفيق، مندوب مصر السابق لدى «يونسكو»، منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم، إن الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، يرى فى تركيا امتدادًا للخلافة الإسلامية، وفى نفسه خليفة جديدا للمسلمين، مؤكدًا أنه بقرار تحويل متحف «آيا صوفيا» إلى مسجد، فإنه بذلك يدغدغ مشاعر المسلمين فى العالم أجمع.
وخلال حوار لـ«المصرى اليوم»، أضاف «توفيق»- الذى يعمل حاليًا عضوًا بالمجلس المصرى للشؤون الخارجية، أن «يونسكو» لا تملك فى مواجهة قرار الرئيس التركى، سوى رفع المتحف الذى يعد مكانًا للحكمة المقدسة من قائمة التراث العالمى.
وأشار «توفيق» إلى أن تسجيل أى موقع فى أى دولة ضمن قائمة التراث الثقافى أو الطبيعى العالمى من قبل «يونسكو» هو فى المقام الأول شرف كبير لأى دولة، لأنه يعنى أن هذا الموقع الوطنى فى هذه الدولة تم الاعتراف به من خلال معايير صارمة، وبالتالى فإنه يشكل جزءًا من التراث الإنسانى العالمى، موضحًا أن أمريكا اتخذت موقف العداء مع المنظمة منذ القبول بعضوية فلسطين بها، وتبعتها فى ذلك إسرائيل، وزادت العلاقات سوءًا مع تسجيل العديد من المواقع الفلسطينية فى قائمة التراث العالمى. ولفت إلى أنه «لم تصبنا الدهشة كثيرًا، لأن هذا يعد جزءًا من نظرة رجب طيب أردوغان الحالية لتركيا كامتداد للخلافة ولنفسه كخليفة جديد للمسلمين.. لقد وقّع منذ أيام مرسومًا يأمر بتسليم مجمع «آيا صوفيا» التاريخى فى إسطنبول إلى السلطة الدينية فى البلاد وإعادة فتحه أمام المسلمين للصلاة، ونشر مرسومه عبر موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعى مع عبارة «تهانينا» بعد فترة تزيد قليلًا على الساعة من إلغاء المحكمة الإدارية التركية العليا مرسوما صدر فى 1934 يحول المجمع نفسه إلى متحف».
وأكد توفيق أن مبنى آيا صوفيا (مكان الحكمة المقدسة) هو بيت عبادة تم بناؤه منذ ما يقرب من 1500 عام فى «القسطنطينية» التى صارت مدينة إسطنبول حاليًا، وقد عمل ككاتدرائية بطريركية مسيحية أرثوذكسية وكاتدرائية رومانية كاثوليكية ومسجد عثمانى ومتحف علمانى.. تم بناء الكاتدرائية المسيحية فى 537 ميلاديًا فى عهد الإمبراطور الرومانى جستينيان الأول، وكانت فى ذلك الوقت أكبر مبنى فى العالم وأول ما شهد قبة معلقة بالكامل، ويعرف المبنى بأنه جوهرة العمارة البيزنطية التى غيّرت تاريخ العمارة، على حد قول مؤرخى العمارة.
وأضاف: كان «آيا صوفيا» على مدار 916 عامًا كاتدرائية، وبعد دخول السلطان العثمانى الشهير محمد الفاتح إلى القسطنطينية فى 1453 تحوّل إلى مسجد وظل كذلك لنحو 481 عامًا، ومنذ 1934 أصبح متحفًا يضم تحفًا إسلامية ومسيحية بعد انهيار الخلافة العُثمانية وتحول تركيا للعلمانية على يد أتاتورك.
وأكد أن أردوغان يستهدف بقراره دغدغة مشاعر المسلمين فى العالم وفى تركيا، خاصة بعد أن دفع مؤيديه إلى ساحة المبنى لإقامة الصلاة حتى قبل افتتاحه لإقامة أول صلاة جمعة فيه يوم 24 يوليو الجارى، ورغم مجاورته الجامع الأزرق أشهر جوامع مدينة اسطنبول.
وأشار إلى أن هناك ردود فعل من بعض الدول مثل اليونان والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بشكل رسمى، ومن بابا روما ومن الكثير من الهيئات أو الشخصيات الكنسية تم التعبير فيها عن مشاعر متفاوتة تبدأ بإظهار القلق أو الرفض أو التخوف من تداعيات القرار، ونفس الشىء صدر من منظمات إقليمية، مثل البرلمان الأوروبى والاتحاد الأوروبى ومجلس الكنائس العالمى، إلى جانب المنظمات الأممية، مثل «يونسكو».
وفى سياق آخر، قال إن الطريق الدائرى الممتد إلى أكتوبر كاد يهدد برفع منطقة أهرامات الجيزة كاملة والتى تمتد إلى دهشور من القائمة، لولا التدخل وقتها والبعد عن الحرم الآمن للمنطقة والذى حددته لجنة التراث العالمى عند تسجيل الموقع.
النص الكامل للحوار فى نسخة
«المصرى اليوم ديجيتال»