x

نادين عبدالله املأوا الفراغ السياسى نادين عبدالله الثلاثاء 27-08-2013 21:26


تصاعدت فى الأيام الأخيرة تخوفات العودة إلى دولة قد تكون شبيهة بدولة مبارك من حيث الشكل المؤسسى والفكر المسير، بالذات فى الأوساط الشبابية الثورية التى حلمت فى يوم ما بنظام ديمقراطى وحرية وكرامة إنسانية. صحيح أن الدولة الطائفية والفاشلة التى أرادت جماعة الإخوان إرساءها مرفوضة بشكل قاطع، لأنها كانت ستعنى ببساطة خراب هذا البلد، إلا أنه فى الوقت نفسه الموافقة على ترسيخ مبدأ قبول الانتهاكات باسم حماية أمن الدولة لن يحميها طويلا.

الواقع الحالى يؤكد لنا حقيقتين ينبغى التعامل معهما بنوع من الموضوعية: أولا: إننا نواجه فعليا خطر هجمات مسلحة مرفوضة شكلا وموضوعا، وهو أمر يستدعى إحكام قبضة الأمن بهدف حماية المواطنين الآمنين. ثانيا: إن القوى الشبابية والمدنية التى تعبر عن فكر ديمقراطى (رافض للدولة الإخوانية أوالأمنية) ليس لديها قدرة حالية على فرض نفسها بشكل كامل على الساحة السياسية. فقد آثرت غالبيتها ببساطة طوال عامين مضيا الاعتراض والاحتجاج عن السعى لتقديم بديل تنظيمى له قواعد اجتماعية ومشروع واضح. فكانت النتيجة هى عدم قدرتها على ملء الفراغ السياسى الذى ملأته القوى الأكثر تنظيما وإن لم تكن بالضرورة الأكثر ديمقراطية.

لكن هل انتهى الأمر هنا؟ وهل مات الفكر الجديد الذى أتى به هؤلاء الشباب إلى الساحة السياسية المصرية فأثروها بعد أن تبلدت من فرط الركود؟ بالعكس، الآن يبدأ وقت العمل. فرغم هاجس الدولة الأمنية الحالى إلا إنه ليس من المرجح بأى شكل مصادرة المجال العام أو السياسى. نعم، سيظلان منفتحين على الأقل بشكل جزئى. لذا من المهم أن تسعى القوى المدنية وشبابها فى الوقت الراهن إلى التواجد السياسى الهادف، وذلك من خلال العمل فى اتجاهين بشكل متواز:

أولا: تقديم خطاب سياسى متمايز يركز على التمسك بآليات دولة القانون، ويولى أهمية لإصلاح مؤسسات الدولة من دون أن يكون خطابه هذا فيه دعوة لأى تفكيك مؤسسى. فقد مل الجميع كل دعاوى الإسقاط التى لم تأت لنا سوى بالأسوأ دوما. الآن هو وقت الإصلاح والبناء. كما أنه من المهم أن يأخذ هذا الخطاب احتياجات الناس فى الحسبان فلا يتعالى عليهم مثلما حدث فى بعض الأحيان سابقا.

ثانيا: العمل من الآن على ترتيبات الانتخابات البرلمانية قبل أن يتفاجأ الجميع بعودة كل الوجوه القديمة إلى البرلمان (والتى جزء غير قليل منها فاسد)، خاصة أن التوقعات الأولية لشكل البرلمان القادم توحى بسيطرة المال السياسى على الانتخابات. وإن حدث ذلك فلا يمكن أن نلوم عليه أى أحد!

وأخيرا، دعونا نتذكر دائما أننا فاعلون ولسنا «مفعولا به» تتقاذفه الأمواج، فهيا بنا نعمل ولا نتحجج بزمن لن يعود إن نجحنا فى ملء الفراغ السياسى لصالح أفكارنا.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية