خلال افتتاح مشروع «الأسمرات 3» بمحافظة القاهرة، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، صباح الأحد، استعرض الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، «رؤية الدولة لدفع عجلة الاقتصاد المصري.. ما بعد كورونا».
واستهل رئيس مجلس الوزراء حديثه، بالترحيب بالرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والحضور على أرض مشروع الأسمرات الذي يعد جزءًا من برنامج ضخم شديد التميز بكل المقاييس، وهو برنامج تكاد تكون مصر هي الدولة الوحيدة في العالم التي تنفذ مشروعًا بهذا الحجم، والذي يتمثل في مشروع تطوير كافة المناطق غير الآمنة والذي أطلقه رئيس الجمهورية، حيث كان دوما نصب عينيه أننا لا نريد أن يكون هناك مناطق غير آمنة في مصر.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي: اليوم ونحن نحتفل بتسليم جزء من المرحلة الثالثة لهذا المشروع، نحن نتحدث عن برنامج متكامل لتنمية المناطق غير الآمنة ليشمل ليس فقط بناء المسكن، ولكن تطوير الإنسان المصري، مشيرًا إلى أن هذا البرنامج يخدم أكثر من 240 ألف أسرة مصرية كانت تقطن في هذه المناطق، ومن خلال هذا البرنامج كان هدفنا دائمًا الذي وضعناه نصب أعيننا هو إخراج هذه الأسر الذي يتجاوز عدد أفرادها أكثر من مليون فرد من براثن ومستنقع الفقر الجهل والتطرف، وكيف نؤمن لأطفال هذه الأسر مستقبلا أفضل، وألا يكونوا ناقمين على بلادهم، بل يكونوا أفرادًا منتجين.
وأضاف رئيس الوزراء، أن هذا البرنامج هو أحد البرامج التي أطلقتها الدولة على مدار السنوات الست الماضية، وهدفها هو الوصول إلى المواطن المصري البسيط وتقديم كافة الخدمات إليه.
وقال رئيس الوزراء، إنه في ضوء العرض الذي نقدمه اليوم، سوف نتحدث عن مجموعة جديدة من المبادرات التي تستهدف خدمة المواطن المصري بكل مستوياته؛ من أجل مساعدته في دفع حياته في المرحلة ما بعد كورونا، وفي الوقت نفسه ندفع ونشجع عجلة الاقتصاد المصري في الدوران، وخاصة الصناعة الوطنية.
وأضاف الدكتور مدبولي، أنه منذ بدء تفشي وباء كورونا، كنا واعين كدولة أن دولة بحجم مصر يتجاوز عدد سكانها 100 مليون نسمة، منهم نسبة غير قليلة تعتمد على العمل الموسمي والعمل البسيط، فكان نهجنا مختلفا عن الكثير من الدول التي اعتمدت على الغلق التام في بداية الأزمة، ولذا كنا نعمل على محورين مهمين هما الحفاظ على المواطن المصري، وفي الوقت نفسه نحافظ على ملايين المواطنين الذين يعملون أعمالا بسيطة «باليومية»، وهم الذين ستتوقف أعمالهم في حال توقف عجلة الاقتصاد عن الدوران، ولذا سعينا للعمل على تنفيذ هذين المحورين بالتوازي، بعكس باقي الدول التي نفذت الغلق التام.
وقال رئيس الوزراء إن هذا الغلق التام الذي لجأت إليه تلك الدول أسهم في توقع العديد من المؤسسات العالمية، ومنهم صندوق النقد الدولي بانكماش معدل نمو الاقتصاد العالمي ليكون بالسالب، متوقعة بأن يكون -5%، وهو عكس ما كان متوقعا من جانب هذه المؤسسات الدولية قبل حدوث جائحة «كورونا».
وأضاف رئيس الوزراء، أن هذه المؤسسات نفسها هي التي توقعت بأن تكون مصر من الدول القليلة التي لن تتأثر كثيرًا بهذه الجائحة، ولن يشهد اقتصادها نموًا بالسالب بل الإيجاب، وأن التداعيات السلبية لهذه الأزمة ستكون بنسب أقل من تلك الدول التي تأثرت جدا بها.
وأوضح الدكتور مصطفى مدبولي، أنه في ضوء ذلك، اتخذت الحكومة حزمة من الإجراءات؛ سعيًا للتصدي للأزمة الراهنة فور وقوعها والتي لم يشهد العالم مثلها منذ 100 عام؛ فمنذ بداية هذه الأزمة وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بالتعامل مع الأزمة بشكل استباقي والتقليل من تأثيراتها، من خلال عدد من المبادرات والتدخلات، وهو ما جعلنا نتوقع ألا يقل معدل نمو الاقتصاد المصري في نهاية العام المالي 2019 -2020 عن 3.8%، ولولا هذه التدخلات لوصل هذا المعدل للعام المالي السابق إلى 1.9%.
وأكد رئيس الوزراء أن أهم العوامل التي أسهمت في صمود الاقتصاد المصري هو ما يميزه بأنه اقتصاد متنوع، ولذلك كنا نستهدف دعم جميع القطاعات، ولذا وضعنا نصب أعيننا تفعيل المبادرات التي تستهدف هذه القطاعات خلال الفترة الماضية لدعم الاقتصاد الوطني، وكان لبرنامج الإصلاح الاقتصادي نتائج إيجابية عديدة قبل حدوث أزمة «كورونا» وهو ما أسهم في تقليل التداعيات السلبية لهذه الأزمة، ومن هذه النتائج التي كان لها أثر ملموس تحسن كافة مؤشرات الأداء الاقتصادي، حيث بلغ معدل النمو 5.6% وحتى فبراير الماضي كان قد وصل إلى 5.9%، كما تراجع معدل البطالة، ومتوسط معدلات التضخم، وفي الوقت نفسه ارتفع احتياطي النقد الأجنبي، كما انخفض عجز الميزان التجاري غير البتروليّ، وارتفع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر، ولم نركن إلى هذه الإجراءات فقط، بل بدأنا منذ 24 فبراير الماضي في اتخاذ إجراءات عديدة بداية من 24 فبراير وحتى الآن بلغ عددها 334 إجراء قامت بتنفيذها 53 جهة مختلفة على مستوى الدولة؛ وذلك من أجل دعم الاقتصاد المصري واحتواء انتشار الفيروس، إلى جانب دعم المواطنين المتضررين ودعم القطاعات المتضررة.
وقال رئيس الوزراء: كان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد وجه منذ بداية الأزمة بتخصيص 100 مليار جنيه إضافية؛ لتمويل خطة التصدي للأزمة، والتي توازن بين صحة المواطن وتشغيل الاقتصاد، وذلك من خلال ثلاثة محاور تتمثل في حماية الفئات الأكثر تضررا، والحفاظ على الكيانات الاقتصادية، إلى جانب ودعم القطاعات التي لديها القدرة على التكيف والنمو.
وفيما يتعلق بحماية الفئات الأكثر تضررًا في قطاع الصحة، أشار رئيس مجلس الوزراء إلى أنه منذ بدء الأزمة وحتى الآن تم ضخ 10 مليارات جنيه؛ كاعتمادات إضافية لدعم هذا القطاع لمواجهة فيروس كورونا، وفي الوقت نفسه تم وفق توجيه الرئيس عبدالفتاح السيسي تعيين عدد من أطباء الامتياز في المعاهد والمستشفيات التابعة لوزارة الصحة أو التعليم العالي؛ لتوفير كوادر بشرية جديدة، كما تم إقرار قانون بزيادة بدل المهن الطبية بنسبة 75%، بالإضافة لزيادة مكافآت أطباء الامتياز.
وقال رئيس الوزراء، إنه من بين الإجراءات التي شملها المحور الأول أيضًا توسيع قاعدة المستفيدين من البطاقات التموينية، حيث تم استخراج 168 ألف بطاقة تموينية جديدة، للفئات الأكثر احتياجاً، وكان توجيه رئيس الجمهورية دوما التركيز على احتياطيات السلع، حتى لا يحدث مثلما شهدته بعض الدول الأخرى، مما نتج عنه توافر الاحتياطي الاستراتيجي الآمن من السلع الأساسية لمدد تتراوح ما بين 4 إلى 6 أشهر خلال فترة الأزمة، ولم يشعر المواطن بحدوث أزمة في أي سلع، وذلك لاستمرار جميع المصانع المخصصة المعنية بهذه السلع في العمل خلال الأزمة، ولا تزال تعمل حتى الآن دون توقف.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن إجمالي قيمة الدعم بلغ في الموازنة العامة للدولة 89 مليار جنيه، للعام المالي 2019-2020، منها الدعم المخصص للخبز الذي بلغ 53 مليار جنيه، إلى جانب الدعم المخصص للسلع، والذي بلغت قيمته 36 مليار جنيه.
وفيما يتعلق بأصحاب المعاشات، فقد نوّه رئيس مجلس الوزراء إلى أن الحكومة عملت على حماية هؤلاء المواطنين من الفئات الأكثر تضررًا، من خلال تخصيص 66 مليار جنيه، من أجل ضم العلاوات الخمس المستحقة لهم، إلى جانب إقرار علاوة دورية يستفيدون منها بنسبة 14% زيادة.
وشملت إجراءات حماية الفئات الأكثر تضرراً العاملين بالجهاز الإداري للدولة، حيث أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أنه تم دعم الباب الأول من الأجور، حيث تم اعتماد 34 مليار جنيه كمخصصات إضافية لبند الأجور والمرتبات بموازنة العام المالي 2020-2021، وفي الوقت نفسه قمنا بإجراء تعديل تشريعي في ضرائب الدخل، لرفع حد الإعفاء، حتى أن أي موظف دخله 2000 جنيه لن يدفع ضرائب دخل.
وخلال حديثه، تطرّق رئيس الوزراء إلى مبادرة رئيس الجمهورية «حياة كريمة» التي تأتي كذلك ضمن المحور الأول لحماية الفئات الأكثر تضررًا، والتي تستهدف بناء الإنسان، وتحسين جودة حياة المواطنين في شتى المجالات، إلى جانب تحسين مستوى معيشتهم، وتوفير فرص عمل لائقة ومنتجة من خلال إتاحة قروض ميسرة، وتصميم برامج تدريبية.
وفي هذا الصدد، أشار الدكتور مدبولي إلى أن معدلات التنفيذ في المرحلة الأولى شملت 143 قرية، لكننا سنتجاوز خلال هذا العام تطوير 375 قرية بشكل كامل، من خلال الخدمات والمرافق، و«سكن كريم»، وتوفير فرص عمل، منوهًا في هذا السياق إلى أنه تم تخصيص 8 مليارات جنيه؛ قيمة المبالغ المدرجة لهذه المبادرة خلال العام المالي 2020-2021، للانتهاء من تطوير الـ 375 قرية، وسنعمل من العام المقبل على زيادة أعداد تلك القرى.
وتحدث رئيس مجلس الوزراء عن الإجراءات التي اتخذتها الدولة لحماية العمالة غير المنتظمة التي تأثرت سلبا بأزمة جائحة كورونا، حيث تم صرف منحة بقيمة 500 جنيه لمدة ثلاثة أشهر، وفي هذا الإطار تم بالفعل صرف هذه المنحة لـ 1،6 مليون عامل ثبت استحقاقهم لها.
وقال الدكتور مدبولي إن إجراءات الحماية شملت كذلك المصريين العائدين من الخارج، حيث عملت الحكومة على وضع برنامج لاستيعاب تلك العمالة في المشروعات المختلفة، وإتاحة فرص عمل لهم خلال المرحلة المقبلة.
وتحدث رئيس مجلس الوزراء عن المحور الثاني لتعامل الحكومة مع أزمة جائحة كورونا، الذي يتمثل في الحفاظ على الكيانات الاقتصادية التي تأثرت بهذه الجائحة، وشمل مبادرات عديدة، ليسير جنباً إلى جنب حماية الفئات الأكثر تضرراً، والذي جاء على رأسها قطاع الصناعة، مشيرا في هذا السياق إلى أنه تم خفض سعر الغاز الطبيعيّ للصناعة، وخفض أسعار الكهرباء لهذا القطاع، مع الإعلان عن ثباتها خلال الفترة المقبلة.
وفي الوقت نفسه، نوّه رئيس الوزراء إلى توفير 3.2 مليار جنيه للمصدرين منذ مارس حتى نهاية يونيو 2020 كرد أعباء المصدرين من خلال برنامج دعم الصادرات، إلى جانب رفع الحجوزات الإدارية على جميع الممولين، بالإضافة إلى إتاحة البنوك بشكل فوريّ للحدود الائتمانية اللازمة، لمواجهة تمويل العمليات الاستيرادية للسلع الأساسية والاستراتيجية ومستلزمات الإنتاج، بما يضمن استمرار دوران حركة العمل في المصانع.
وقال رئيس الوزراء: تم كذلك في المحور الثاني الخاص بالحفاظ على الكيانات الاقتصادية تأجيل أقساط القروض لأصحاب المشروعات الصغيرة، وتأجيل الإقرارات الضريبية التي كانت المصانع ستقدمها في مارس وإبريل الماضيين، حيث تم جدولتها على مدار 3 أشهر، كما تم ترحيل وتخفيض قيمة الأقساط المستحقة على المشروعات متناهية الصغر، مع إطلاق البنك المركزي لمبادرة دعم الصناعات المتعثرة بقيمة 100 مليار جنيه، وفي غضون أيام سيصدر قانون من البرلمان بالإعفاء من كافة غرامات وفوائد التأخير والضرائب على الضرائب الإضافية؛ سواء على الدخل، أو القيمة المضافة، أو الضرائب العقارية، أو اشتراكات التأمينات الاجتماعية، لمن يبادر بسداد الأصل لهذه الضرائب؛ للتيسير على جميع هذه الكيانات.
وفيما يتعلق بالإجراءات التي تمت في قطاع السياحة، نوه رئيس مجلس الوزراء إلى جدولة مديونيات المنشآت السياحية والفندقية لمدة 6 أشهر، فضلا عن تأجيل دفع الضرائب العقارية للمصانع والمنشآت السياحية، وفي الوقت نفسه تم إطلاق مبادرة «العملاء المتعثرين» المتضررين في القطاع السياحي، مع توسيع نطاق مبادرة البنك المركزي للتمويل السياحيّ، بحيث تضمن استمرار تشغيل الفنادق وتمويل مصاريفها الجارية بمبلغ يصل إلى 50 مليار جنيه، وللعمل على تجنب تسريح العمالة لديها، بالإضافة إلى سداد الإيجارات للبازارات والكافتيريات الموجودة بالمتاحف والأماكن الأثرية من دفع الإيجارات، لحين انقضاء الأزمة.
وفيما يخص البورصة المصرية، أشار رئيس الوزراء إلى أنه تم اتخاذ عدد من الإجراءات التي تستهدف الحفاظ على سوق المال المصري جراء أزمة كورونا الراهنة، لدعم البورصة، مع خفض ضريبة الدمغة للمقيمين ولغير المقيمين، مع الإعفاء الكامل للعمليات الفورية على الأسهم من ضريبة الدمغة، وخفض سعر ضريبة توزيع الأرباح للشركات المقيدة بالبورصة، إلى جانب تأجيل تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية على المقيمين من الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين حتى الأول من يناير 2022، مع إعفاء غير المقيمين من ضريبة الأرباح الرأسمالية نهائيًا.