(1)
هانى دانيال سليل مدرسة نجيب المستكاوى
«سلسال» الإبداع المصرى دائم التجدد فى شتى المجالات.. فى هذا السياق نقدم مجموعة أخرى من الأسماء التى أظنها مثلت إضافات ثرية فى حلقات سلسلة من قدموا مساهمات متميزة ولافتة فى الآونة الأخيرة فى أكثر من حقل معرفى ويمكن إضافتها إلى الباقة الأولى من أسماء سلسال الإبداع التى قدمناها منذ عامين...هذه المرة نختار مجموعة من الأسماء الشابة التى تثبت أن مصر «ولادة» كما يقولون...نبدأ بالأستاذ «هانى دانيال» الصحفى الدؤوب الذى يمارس العمل الصحفى منذ ما يقرب من 20 عاما بكل أبعاده: التقنية، والتحريرية، والورقية، والرقمية.. إلخ، مقدما نموذجا للصحفى الملتزم بأصول المهنة وقواعدها الحريص على المهنية المؤسسة على العلم والثقافة. إضافة إلى حرصه على التميز والتجديد.. وأشهد أننى أتابعه منذ بدأ مسيرته الصحفية، ورأيت كيف تميز عن أبناء جيله فى مقارباته الصحفية المتعددة، وحرص دوما على ألا يتم تسكينه وفق تصنيف سطحى مباشر فى عالم الصحافة. فانكب ينهل من أسرار المهنة عبر اكتساب فنيات «الديسك» ومهارات سكرتارية التحرير. وعندما مارس الصحافة الرياضية اجتهد أن يقدمها بصورة تتجاوز الفضائحية والسطحية. فتكون امتدادا للنهج الذى أسسه شيخ النقاد الرياضيين ــ الموسوعى الثقافة ــ «عم نجيب المستكاوى» (1918 ـ 1993)...
(2)
الطريق إلى الكرة الذهبية.. والإبداع
سعدت جدا عندما أرسل لى «هانى دانيال» كتابه «طريقك للكرة الذهبية» (مكتبة زهراء الشرق، 2020) ذلك لأنه نجح فى أن يقدم نموذجا للكتاب الرياضى الذى: أولا: يقدم المعلومات الصحيحة حول ترشيحات نجوم كرة القدم ومعاييرها فى المسابقات الأربع الكبرى المعتمدة العالمية والقارية، وثانيا: يعرض آلية عمل «الفيفا» المؤسسة الحاكمة للعبة كرة القدم العلنية والكواليسية، وثالثا: يتناول كرة القدم كصناعة متشابكة العناصر لا يمكن أن تنجح ما لم تتكامل هذه العناصر، ورابعا: يلقى الضوء لطبيعة العلاقة بين الصحافة والصحافيين وصناعة كرة القدم.. وبلغة رشيقة مكثفة وموثقة أبدع «هانى» فى المحصلة أن يضع لنا كتابا يفتح الكثير من النقاش عن كل ما يتعلق بهذه الصناعة التى تبلغ استثماراتها مليارات الدولارات (نشير إلى أن قيمة نادى مانشستر سيتى تبلغ 1،375مليار دولار).. ويكشف مدى المسافة التى تبعدنا عن الكرة العالمية.. أو بين الصناعة والمؤسسية وجودة المنتج وبين التجارة التى تحتكرها قلة وضعف الحصيلة.. وإلقاء الضوء على واقع كرة القدم فى الداخل والخارج على مدى أكثر من عقد كامل أى منذ ما قبل كأس العالم 2010.
(3)
دأب وتعلم
أمران يميزان تجربة «هانى» هما: أولا: الدأب الدائم الذى يتجسد فى أن يكتشف مساحات ودوائر جديدة من داخلها. فلقد شكلت تجربته فى أن يكون صحفيا معتمدا لدى دوائر المركز الكروى مثل: الاتحاد الدولى لكرة القدم، والاتحاد الأوروبى لكرة القدم، ورابطة الأندية الألمانية، والفعاليات الدولية المختلفة؛ خبرة كبيرة فى أن يعرف خرائط مسارات ومدارات هذه المساحات والدوائر من داخلها. فلم يعتمد على أن يكتب سماعى أو عبر وكالات الأنباء أو خدمة لمصالح عناصر فى الداخل اعتمادا على مبدأ «هو حد حيدور ورانا».
وثانيا: المبادرة الشخصية بالتعلم المستمر من خلال تخصيص وقت للدراسة المتقدمة، خارج مصر فى الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وسويسرا، فى فنيات الصحافة من جهة. ومن جهة أخرى، فى مجالات معرفية متعددة...هما أمران، إذن، جعلاه قادرا أن يكتب بعمق وهدوء ورصانة وتأن.. وينقل لنا ما يدور فى عالم كرة القدم بكل شفافية ومهنية عن معرفة وثقافة ومعايشة.. ومقاربته من خلال رؤية مركبة تتناول اللعبة من زوايا عدة.
واستطاع أن يوظف بعض اللغط الذى أثاره غير المتابعين أو الملمين بمجريات الكرة العالمية، ومارسوا معه قدرا من التجريح ــ سواء عن جهل أو غرض ــ ليقدم مادة موضوعية جديرة أن تفتح نقاشا موسعا حول كرة القدم فى الداخل مدعومة بعدد من الملاحق التى تضم نصوصا لائحية ووثائق.
تحية «لهانى دانيال» وجه مشرف ومشرق، ليس للصحافة الرياضية فقط، وإنما للصحافة التى تقوم على العلم والمعرفة والمهنية والثقافة.. نواصل مع مبدع شاب آخر.