x

حمدي رزق مالى أرى الحزن مرسوماً جوه العيون حمدي رزق الخميس 15-08-2013 22:00


ألا نامت أعين الجبناء، لكل الخائفين، والمرعوشين، لكل القانطين اليائسين، لكل من خارت قواهم فجأة وطفقوا يتساءلون، لكل من سابت ركبهم، وناموا على ضيم، لكل الباحثين عن أمل يبدد الظلمة الحالكة، حقا وصدقا مصرنا، أمنا، ستنفض الغبار، وتزيح الهموم، وتقوم من رقدتها كأنها مغسولة بماء الصباح، بسرها الخاص، لا يفض مكنونه إلا مفتون، أو مضروب بحبك يا مصر، وهأنذا ومثلى كثير كثير كماء المطر، بالحق محفوظة فى الكتاب منذ أبد الآبدين، ولا الضالين آمين.

من كان يتدثر بشرعية «المعزول» فإن «المعزول» صار فى خبر كان، ومن كان يحتمى بالإخوان دوام الحال من المحال، ومن كان يحتمى بالشعب المصرى فإن الشعب المصرى حى لا يموت، مصر حية لا تموت، لا تكسرها الخطوب، واقفة على شط النيل بتغسل شعرها، ترمق بعيون الأمل الرجال السمر الشداد وصبايا البلد.

مالى أرى عروس النيل كسيرة الفؤاد، مكسورة الخاطر، محزونة البال، ضالة فى طريق اليأس الوعر، تشققت كعوبها من قسوة المشوار، ملابسها خرق بالية تكاد تستر عورتها، تمد يد الحاجة، مصر صارت محتاجة تستجدى عطفاً من أبنائها فلا تجده، جائعة للأمل فلا يلوح، وما الإصباح منك بأمثل.

تتسول مصر(أمنا) أمناً فيعز عليها، وآمنهم من خوف، تتقاذفها الخطوب، مصر الطيبة مش قادرة تشيل رأسها، ياما دقت على الرؤوس طبول، وكتر الحزن يعلم البكاء، مصر صارت بلد البكائين النواحين، مصر وطن للحزن، استقر فيها لا يغادرها، اليوم قلبى حزين، مالى أرى الحزن مرسوماً جوه العيون، وإن أطل أطل بدمع سخين، مصر تذبح بالسكين، سكين باردة تدمى القلوب.

مالى أرى دموعها من ماء نيلها تسح فى صمت على خدودها، غار ماء وجهها الصبوح، كابية ألوانها، باعوها بثمن بخس، ووقفوا يزايدون على الذبيحة، ومين يزود والكل يزايد والعروس تنتظر سمسار الرقيق، سوق النخاسة ضاربة خيامها فى قلب الفسطاط الكبير، وست الحسن واقفة يدها على خدها، ترمق الأمل من آخر المدينة يسعى، وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى؟

ناسك يا مصر، ولادك، تفرقت بهم السبل شيعاً وأحزاباً، ضاعوا سدى فى لجة بحر مضطرب، تيه صاخب، هبت ريح صرصر عاتية، نفر منهم ضل الطريق، ويا ويل من يتوه فى شوارع النسيان الموحشة، جماعة رابعة أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون، تجاوزوا ثأريتهم التى ادعوا مع النظام البائد إلى هدفهم الرئيسى مصر، تخطوا الفريق إلى قلب مصر، الأصل مصر وأهل مصر،عاصمة الخلافة التى يزعمون ويعتزمون.

قلبى واجعنى، مصر بعافية، حتما ستتعافى، صرخات المولود الجديد يولد من رحم العتمة، يرنو إلى فجر جديد، مصر تصرخ، تتأوه أبدا ليست تقلصات صعود الروح إلى بارئها، كما يتمنون، المقرئون يتنحنحون، والحانوتية يتجهزون بالعطر والقماش يكفنون، والورثة على قلبها قاعدون، يرمقون نومتها بغل العجز، وحقد الضغينة، وشماتة الفجار، وتشفى الصغار.

ألمح على الشفاه ابتسامة خبيثة من فم ثعبانى يبخ سماً، غار ماء الحياء بعيدا، إنهم لا يستحون، ولا يرعوون لتاريخ ولا جغرافيا، يزعمون الأستاذية، وهم تلاميذ فى مدرسة الحضارة المصرية، حتما ستعلمهم الدرس، فى كتاب القراءة الرشيدة صفحة واحد، ادخلوها بسلام آمنين.

يا أهل مصر انهضوا، كفى مهانة واستسلاما، دافعوا عن مصر الحضارة، والنفس أمارة، دافعوا عن التاريخ والجغرافيا، بكل ما أوتيتم من قوة، عن أغلى اسم فى وجود حياتكم، عن مصر التى فى خاطرى وفى دمى، مصر التى يتهددها غربان الشوم، ويتخطف أمنها العقارب والحيات، سم زعاف يسرى فى أوردة الوطن، أين الترياق؟

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية