x

اخبار الأب رفيق جريش يكتب: الشباب الغربى ورفض الواقع اخبار الجمعة 19-06-2020 01:08


الشعب الأمريكى طيب وبسيط ويختلف عن سياسييه الذين تدربوا على يد الصهاينة وغيرهم على كيف تكون سياسة الابتسامة البلاستيكية التى تخبئ كثيرا مما يخبئونه، فهذه هى المؤسسة الحاكمة، حكومة ومعارضة، التى بالصدفة جاء ترامب من خارجها، لذا سيفعلون المستحيل لإسقاطه.

أما الشعب الأمريكى فمعروف بأنه لا يهتم إلا ما يدخل ويخرج من جيبه وهو جاهل فيما يتم فى العالم الخارجى، فهو مشغول بعالمه هو ومحدود فى آفاقه هكذا أرادوا له «الحكام»، ولكن شباب هذا الجيل فهو أكثر انفتاحاً، وبعيداً عن أى أجندات فهو فى المجمل رافض لكثير من التصرفات العنصرية لذا قام بحرق أو تدمير لتماثيل المؤسسين للولايات المتحدة الأمريكية والذين جلبوا «السود» ليعملوا كعبيد لهم فى الحقول والمناجم والسكك الحديدية وغيرها، كما أبادوا الهنود الحمر السكان الأصليين للبلاد، فهؤلاء شباب اليوم يرفضونهم رغم استغلالهم للأفارقة إلا أنهم عملوا أيضاً أشياء عظيمة لتوحيد الولايات المتحدة الأمريكية المتفرقة وبجانب الانتصار من المستعمرين الإنجليز والفرنسيين مروراً بحرب أهلية ضروس استطاعوا توحيد الولايات الأمريكية لتكون الدولة التى نعرفها اليوم. وشباب الغرب فى إنجلترا وفرنسا ليسوا أحسن حالاً فهم يعرفون أن دولتهم استعمرت دولا أخرى خاصة فى آسيا وإفريقيا واستغلوا مواردها واستوردوا منها عبيدا لهم. ولذا هؤلاء يرفضون اليوم ما كان أجدادهم وأباؤهم يقبلونه على أنفسهم، وعلى سبيل المثال ونستون تشرشل كانت له أخطاؤه العنصرية عندما كان وزير المستعمرات، ولكن قاد بريطانيا والغرب إلى النصر ضد الفاشية الهتلرية. بعض الناس يحاولون تمثيل هدم طالبان لتمثالى بوذا فى أفغانستان لما يحصل الآن فى أمريكا وأوروبا من هدم ثماثيل من شاركوا فى السياسة العنصرية هذا التحليل فى رأيى غير دقيق بالمرة لأن ما فعلته طالبان كان من منطلق أيديولوجى، أما ما فعله الشباب الأمريكى والغربى هو من منطلق رفض الواقع، والواقع هو أن العنصرية مازالت تعشش فى الولايات المتحدة الأمريكية رغم تظاهرهم بغير ذلك، خاصة بعد الستينيات وظهور حركات ضد العنصرية مثل مارتن لوثر كينج وغيره، ولكن الواقع اليومى والحياتى غير ذلك، والواقع الثانى هو أن الشرطة الأمريكية تعامل السود بكثير من العنف، رغم أن كثيرين من رجال الشرطة الأمريكية ورجال الأمن من أصل إفريقى. والواقع الثالث أن الجماعة الأفرو- أمريكية هى الجماعة الأكثر فقراً، فبسبب العنصرية فى التعيينات والعمل والدراسة يصاب كثيرون من الشباب الأفرو- أمريكى بالإحباط فيتحولون هم أنفسهم للعنف والمخدرات وعالم الجريمة... إلى آخره.

هل تدمير التماثيل هو الحل؟ أكيد ليس هو الحل لأنه لا يمكن للإنسان أو شعب أن يمحو تاريخه السلبى أو الإيجابى فكما كان هناك أناس مستغلون ومستعمرون، كان هناك أيضاً ذوو بشرة بيضاء محبون وعطاءون، لا ننسى أن الرئيس لينكون وهو أبيض البشرة هو الذى حرر العبيد السود ومنع العبودية، وأنه بفضل الثورة الفرنسية فى منتصف القرن التاسع العشر صدر قانون فرنسى يمنع العبودية، وكان أصحابه ذوى بشرة بيضاء فى أوج عظمة الإمبراطورية النابوليونية الفرنسية المستعمرة لنصف الكرة الأرضية. إذن الموضوع ليس الأبيض أو الأسود، ولكنها تراكمات تاريخية يجب أن توضع فى سياقها الزمنى وعقلية ذلك الزمان. فخلاصة القول، الغرب يحتاج أن يتصالح مع نفسه وتاريخه ويصالح النصف الآخر من شعبه ويتوحد ضد كل تأجيج عنصرى لغرض سياسى وضيق الأفق، وهذا هو العيب الأكبر لأحزاب اليمين واليمين المتطرف فى الغرب كذلك التصالح مع من استعمروهم يوماً وأسكنوهم فى عشوائيات بلادهم.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية