لا جديد يذكر.. هكذا حال القضية الفلسطينية، مع بدء العد التنازلي لموعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن قرار ضم إجزاء من الضفة الغربية، مطلع يوليو المقبل، ليشكل فصل جديد في سلسلة الإجراءات الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية، ذلك الموعد الذي حدده نتنياهو عقب نجاحه مطلع مايو الماضي في تشكيل حكومة وحدة وطنية في إسرائيل، مستفيد من حالة الطوارئ التي مرت بها البلاد نتيجة الانتشار فيروس كورونا.
ويعد مشروع ضم الضفة الغربية استكمالاً لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي عرفت بصفقة القرن والتي كشف عنها في يناير الماضي، وتهدف لضم أجزاء من الضفة الغربية لإسرائيل، في المقابل تكون باقي مناطق الضفة من نصيب الفلسطينيين، مع تحسين الأوضاع الاقتصادية، الامر الذي لا يرقى لتطلعات الشعب الفلسطيني، المتمثلة في انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي التي احتلتها عام 1967، تلك المطالب التي تؤيدها الشرعية الدولية وقرارات مجلس الامن.
جغرافيا بإن المناطق المرجح إعلان ضمها في الأول من يوليو المقبل، وفق خرائط صفقة القرن، تشكل 30% من مساحة الضفة الغربية، تشمل المستوطنات الإسرائيلية في الضفة، والشريط الحدودي بين إسرائيل والأردن والذي يسمى بغور الأردن، يذكر أن تلك ليست المرة الأولى، فتاريخ إسرائيل مع ضم أراضي 67 يعود إلى الثمانينيات حين أعلنت عن ضم القدس الشرقية ومرتفعات الجولان عامي 1980/81 على التوالي.
وأشار خبراء في تصريحات خاصة لـ«المصري اليوم» إلى أن خطوة نتنياهو لضم أجزاء من الضفة لن تكون نهاية المطاف بالنسبة لإسرائيل، مشيرين إلى أن نتنياهو يسعى لضم المزيد من الأراضي، ويرى خبراء أن الضغوطات الخارجية الداخلية قد تغير من طريقة الضم وليس في عملية الضم نفسها، واستبعدوا سيناريو أن يؤدي قرار الضم لإحداث حالة من الفوضى في الضفة الغربية، لكن حذر البعض من أن يؤدى هذا المسار إلى إعادة استنساخ غزة جديدة في الضفة.
الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الامريكية يقول «سيتم الضم بصورة أو بأخرى» مضيفاً أن كل ما يجري هو اختلاف على طريقة الضم، مشيرا إلى أن هناك عدة إشكاليات تؤثر على عملية الضم بأكملها، منها، خلافات داخل الائتلاف الحاكم وخاصة في حزب كاحول لافان (ازرق-ابيض) الشريك الرئيس لنتنياهو في السلطة.
وتابع فهمي قائلا: «كما أن أجهزة الامن لديها تخوفات من أن يؤدي قرار الضم لإحداث حالة من الفوضى داخل الضفة الغربية»، وأضاف «أما اقتصاديا فإن لعملية الضم كلفة، قد لا تتحملها الميزانية الإسرائيلية في ظل وباء كورونا»
وأضاف فهمي: «خارجيا توجد تحفظات أمريكية على مشروع نتنياهو للضم، بحيث يتم ضم كامل بصورة شاملة، دون الوصول لاتفاق مع الفلسطينيين، علاوة على رفض صريح من الاتحاد الأوروبي لمبدأ الضم، بإضافة لرفض الأطراف العربية، وأردف أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أن المعطيات السابقة تقودنا لسيناريوين محتملين لعملية الضم
السيناريو الأول -المرجح- هو الضم المرحلي والتدريجي، بحيث يعلن عن الضم بشكل نظري دون الدخول في الإجراءات التنفيذية، بحيث يتم التركيز على المستوطنات الاستراتيجية التي اقرها مجلس المستوطنات القومي، ويؤجل خطوة ضم غور الأردن بشكل فعلي، متجنباً الدخول في توتر مع الأردن.
السيناريو الثاني وهو الضم النهائي وألا يستمع نتنياهو لأحد، وهو مستبعد من وجه نظر فهمي، خاصة أن هناك مخاوف إسرائيلية من أن يؤدي قرار الضم لحشد دولي ضد إسرائيل، مما يضر بالعلاقات الخارجية الإسرائيلية وبالأخص مع الاتحاد الأوروبي
وفند فهمي، الإجراءات المشتملة على تتنفذ عملية الضم بشكل فعلي، وهي تطبيق القانون الإسرائيلي، وترتيبات امنية في أعالي منطقة الاغوار، وفك الارتباط بالضفة الغربية، من خلال حل السلطات المحلية، وترسيم حدود كاملة، وتخيير سكان مناطق الضم بين اخذ الجنسية الإسرائيلية على مراحل، أو إعطاء إقامة دائمة للفلسطينيين كاستنساخ لوضع فلسطيني القدس الشرقية.
وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة إسرائيل اليوم أن نتنياهو ينوي ضم 10% من أراضي الضفة، كمرحلة اولي، وهي المستوطنات المعزولة، يتبعها المرحلة الثانية ضم المستوطنات الكبرى وغور الأردن والتي تشكل 20%.
ويرى سعيد عكاشة الخبير في الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن نتنياهو لا يريد ضم ثلث الضفة فحسب، مشيرا إلى أن نتنياهو يريد ضم أكثر من 50% من الضفة، بشكل منفرد.
وتابع عكاشة قائلا «رغم أن خطة ترامب كانت تنص على ضم إسرائيل ل 30% من الضفة (المستوطنات وغور الأردن)، وإنشاء دولة فلسطينية على 70% الباقي، وفي حالة ضم أجزاء إضافية يكون بالتفاوض وعبر التعويض بالأراضي».
وتأتي عملية التمرحل للضغط على الطرف الفلسطيني، ولتجنب الحشد الدولي، ويرى عكاشة «إن نتنياهو يراهن على أن الرفض الفلسطيني للعملية الضم سيقرب الموقف الأمريكي منه»
وحول الموقف الفلسطيني أشار الخبير في مركز الأهرام أن الموقف الفلسطيني في حالة ضعف، فرغم ووجود مرجعية قانونية تدعم موقفة ورفض الاتحاد الأوروبي لقرار الضم، علاوة على الدول العربية، إلا أن المجتمع الدولي ليس لديه أوراق ضغط على إسرائيل، خاصة مع تركيز الدول الكبرى على مكافحة فيروس كورونا.
وحول تداعيات القرار استبعد الخبيران فهمي وعكاشة أن يؤدي قرار الضم لإحداث حالة فوضي في الضفة الغربية، مرجحين أن يصحب القرار احتجاجات ومظاهرات، لكن سيتم احتواؤها، ولافتين إلى أن قرار الضم لن يختلف عن قرار الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة.
لكن الخبير في مركز الأهرام سعيد عكاشة حذر من ان الخطورة الحقيقية تكمن في توسع الغصب إلى الأردن مما قد يعرض النظام الأردني لخطر السقوط، خاصة ان الفلسطينيون يشكلوا نحو نصف سكان الأردن.
بينما حذر أستاذ العلوم السياسية طارق فهمي من أنه حال طبق الضم بالكامل ستكون الخطوة التالية التي تقدم عليها إسرائيل، هو انسحاب احادي الجانب من باقي الضفة، بعد ضم الأجزاء المراد ضمها، وتترك الفلسطينيين وشأنهم، في سيناريو مشابه لما حدث في غزة عام 2005، وهو ما يمكن ان نسميه بـ“غزة 2«